الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1472 - أخبركم أبو عمر بن حيويه ، حدثنا يحيى ، حدثنا الحسين ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا بكار بن عبد الله قال : سمعت وهب بن منبه يقول : كان رجل عابد من السياح أراده الشيطان من قبل الشهوة ، والرغبة ، والغضب فلم يستطع له شيئا ، فتمثل له بحية وهو يصلي فالتوت بقدميه وجسده ثم أطلع رأسه عند رأسه فلم يلتفت من صلاته ولم يستأخر منها ، فلما أراد أن يسجد التوت في موضع سجوده ، فلما وضع رأسه [ ص: 519 ] ليسجد فتح فاه ليلتقم رأسه ، فوضع رأسه فجعل يفركه حتى استمكن من الأرض لسجدته ، فقال له الشيطان : إني أنا صاحبك الذي كنت أخوفك فأتيتك من قبل الشهوة ، والرغبة ، والغضب ، وأنا كنت أتمثل لك بالسباع والحية ، فلم أستطع بك ، وقد بدا لي أن أصادقك ولا أريد ضلالتك بعد اليوم ، فقال له : لا ، أنا يوم خوفتني بحمد الله خفتك ، ولا اليوم بي حاجة إلى مصادقتك ، قال : سل عم شئت فأخبرك ؟ قال : وما عسيت أن أسألك عنه ؟ قال : لا تسألني عن مالك ما فعل بعدك ، قال : لو أردت مالي لم أفارقه ، قال : فلا تسألني عن أهلك من مات منهم بعدك ، قال : أنا مت قبلهم ، قال : فلا تسألني عما أضل به ابن آدم ؟ قال : بلى ، فأخبرني ما أوثق ما في نفسك أن تضلهم به ؟ قال : ثلاثة أخلاق ، من لم يستطعه بشيء منها غلبنا : الشح ، والحدة ، والسكر ، فإن الرجل إذا كان شحيحا قللنا ماله في عينه ، ورغبناه في أموال الناس ، وإذا كان حديدا تداورناه بعيننا كما يتداور الصبيان الأكرة بينهم ، ولو كان يحيي الموتى بدعوته لم نأيس منه ، فإنما يبني ويهدمه لنا بكلمة ، وإذا سكر اقتدناه إلى كل سوء كما يقتاد من أخذ العنز بأذنها حيث شاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية