الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            الأخلاق والسياسة (قراءة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه )

            الأستاذ الدكتور / موفق سالم نوري

            الفصل الأول

            ولاية الأمر

            عند الحديث عن أية حكومة أو نظام حكم، لا يمكن القفز من فوق السمات الشخصية للقائم على أمر الحكم، فمهما كان نظـام الحكم جماعيا أو فرديا فإن بصمة الحـاكم لابد من أن تكون ظـاهرة بينة فيما يتم اتخاذه من سياسات.

            لقد نجح عمر رضي الله عنه ، في أن يشيد دولة ترامت أطرافها شرقا وغربا، عبرت عن جهد عسكري وسياسي فائق الفاعلية والتأثير، غير أن الملفت للنظر أن هذا الانخراط في عمل عسكري استغرق معظم خلافة عمر لم ينعكس سلبا على ظروف الحياة بكل جوانبها، فلم يتذرع بـ (ظروف الحرب) ليفرض حالة (طوارئ) تعقد الحياة، وتعطل الشرائع، وتحجب الحريات، فليس ثمة أحكام عرفية أو تشريعات استثنائية؛ وإقرارا من كل منصف فإن خلافة عمر رضي الله عنه كانت مثالا للعدل وإحقاق الحقوق، فكان الضعيف قويا حتى أخذ عمر رضي الله عنه الحق له، وكان القوي ضعيفا متى أخذ عمر رضي الله عنه الحق منه.

            ولم يحل انشغال عمر رضي الله عنه بلوازم الجهاد الكثيرة دون رعاية لجوانب الحياة الأخرى، فليس ثم (كائن) لم ينل حقه من رعاية عمر. ولم يكن ثم (مكان) فاتت عمر رضي الله عنه متـابعته. وبمثل هـذه القياسات تصبح دراسة (أخلاقيات) عمر رضي الله عنه بوصفه حاكما ووليا للأمر مسألة جديرة بالعناية، فالنجاح الذي [ ص: 29 ] حققه، لم يأت من فراغ، بل أسهمت فيه عوامل عدة، في مقدمتها (شخصية) عمر رضي الله عنه نفسها، بمواصفاتها ومقاساتها الخاصة، وذلك ما سنجتهد في تبينه.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية