الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                  صفحة جزء
                                                  2947 حدثنا إبراهيم قال : حدثنا مرار بن حمويه [ ص: 439 ] الهمذاني قال : حدثني يحيى بن سعيد أبو زكريا المدني ، حافظ قبر رسول الله قال : حدثني محمد بن صالح بن قيس مولى بني الحارث بن فهر ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه أسلم قال : حج عمر عام الرمادة سنة ست عشرة ، حتى إذا كان بين السقيا والعرج في جوف الليل ، عرض له راكب على الطريق ، فصاح : أيها الركب ، أفيكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال له عمر : ويلك ، أتعقل ؟ فقال : العقل ساقني إليك ، توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقالوا : توفي ، فبكى وبكى الناس ، فقال : من ولي الأمر بعده ؟ قالوا : ابن أبي قحافة ، فقال : أحنف بني تيم ؟ قالوا : نعم . قال : فهو فيكم ؟ قالوا : قد توفي قال : فدعا ، ودعا الناس ، فقال : من ولي الأمر بعده قال : عمر بن الخطاب قال : أحمر بني عدي ؟ قالوا : نعم ، هو الذي كلمك قال : فأين كنتم عن أبيض بني أمية أو أصلع بني هاشم ؟ قالوا : قد كان ذاك ، فما حاجتك ؟ قال : " لقيت رسول الله ، وأنا أبو عقيل الجعيلي ، على ردهة جعيل ، فأسلمت وبايعت وشربت معه شربة من سويق ، شرب أولها وسقاني آخرها ، فوالله ما زلت أجد شبعها كلما جعت ، وبردها كلما عطشت ، وريها كلما [ ص: 440 ] ظمئت إلى يومي هذا ، ثم . . . هذا الجبل الأبعر أنا وزوجتي وبنات لي ، فكنت فيه أصلي في كل يوم وليلة خمس صلوات ، وأصوم شهرا في السنة ، وأذبح لعشر ذي الحجة " فذلك ما علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلت هذه السنة ، فلا والله ما بقيت لنا شاة إلا شاة واحدة بغتها الذئب البارحة ، فأكل بعضها وأكلنا بعضها ، فالغوث ، الغوث " فقال عمر : " أتاك الغوث ، أصبح معنا بالماء " ومضى عمر حتى جاء الماء ، وجعل ينتظر ، وأخر الرواح من أجله ، فلم يأت ، فدعا صاحب الماء ، فقال : إن أبا عقيل الجعيلي معه ثلاث بنات له وزوجته ، فإذا جاءك فأنفق عليه وعلى أهله وولده حتى أمر بك راجعا إن شاء الله ، فلما قضى عمر حجه رجع ودعا صاحب الماء ، فقال : ما فعل أبو عقيل ؟ فقال : جاءني الغد يوم حدثتني ، فإذا هو موعوك ، فمرض عندي ليالي ، ثم مات ، فذاك قبره ، فأقبل عمر على أصحابه ، فقال : " لم يرض الله له فتنتكم ، ثم قام في الناس فصلى عليه ، وضم بناته وزوجته ، فكان ينفق عليهم .

                                                  لا يروى هذا الحديث عن أبي عقيل إلا بهذا الإسناد ، تفرد به مرار .

                                                  التالي السابق


                                                  الخدمات العلمية