الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            25 - باب بيع السبي من أهل الشرك

                                                            استدل الشافعي - رضي الله - عنه في ذلك بما ذكرنا في جواز المن ، والفداء ، ثم قال : وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء بني قريظة وذراريهم ، رباعهم من المشركين ، فاشترى أبو الشحم اليهودي أهل بيت عجوزا وولدها من النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم بما بقي من السبي أثلاثا : ثلثا إلى تهامة ، وثلثا إلى نجد ، وثلثا إلى طريق الشام ، فبيعوا بالخيل ، والسلاح ، والإبل ، والمال ، وفيهم الصغير ، والكبير من المشركين ، واحتج بمعنى ما فيما :

                                                            3666 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل ، أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري ، أخبرنا عمر بن حفص أبو حفص السمرقندي سنة تسع وستين ومائتين ، أخبرنا عبد الله بن رجاء ، وأخبرنا عكرمة بن عمار اليمامي ، عن إياس بن سلمة بن الأكوع ، حدثني أبو سلمة قال : خرجنا مع أبي بكر رضي الله عنه ، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ، وغزونا ، فلما دنونا أمرنا أبو بكر ، فعرسنا ، فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة ، فقتلنا على الماء من قتلنا ، [ ص: 411 ] قال سلمة ، ثم نظرت إلى عنف من الناس فيهم الذرية ، والنساء فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل ، وأنا أجد في آثارهم ، فرميت بسهم بينهم ، وبين الجبل ، فلما رأوا السهم وقفوا ، فوقع السهم بينهم ، وبين الجبل ، فقاموا ، فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر حتى أتيته على الماء فيهم امرأة من فزارة عليها فشر أو قشع من إدم ، ومعها ابنة لها من أحسن العرب فنفلني أبو بكر ابنتها فما كشفت لها ثوبا حتى قدمت ، ثم بت ، ولم أكشف لها ثوبا ، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق ، فقال لي : " يا سلمة هب لي المرأة " ، فقلت : يا رسول الله ! لقد أعجبتني ، وما كشفت لها ثوبا ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق ، فقال لي : " يا سلمة هب لي المرأة " ، فقلت : يا رسول الله ! لقد أعجبتني ، وما كشفت لها ثوبا ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني ، حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق ، فقال لي : " يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك " قال : قلت : يا رسول الله ما كشفت لها ثوبا ، وهي لك يا رسول الله ، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة من المشركين ، وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . واحتج الشافعي - رضي الله عنه - في ذلك أيضا بجواز صلة أهل الشرك ، قال : فأما الكراع ، والسلاح ، فلا أعلم أحدا رخص في بيعهما .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية