الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وأملي لهم إن كيدي متين

                                                                                                                                                                                                                                      وأملي لهم عطف على سنستدرجهم غير داخل في حكم السين ، لما أن الإملاء الذي هو عبارة عن الإمهال والإطالة ليس من الأمور التدريجية ، كالاستدراج الحاصل في نفسه شيئا فشيئا ، بل هو فعل يحصل دفعة ، وإنما الحاصل بطريق التدريج آثاره [ ص: 298 ] وأحكامه لا نفسه ، كما يلوح به تغيير التعبير بتوحيد الضمير مع ما فيه من الافتنان المنبئ عن مزيد الاعتناء بمضمون الكلام ، لابتنائه على تجديد القصد والعزيمة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما إن ذلك للإشعار بأنه بمحض التقدير الإلهي ، والاستدراج بتوسط المدبرات ، فمبناه دلالة نون العظمة على الشركة ، وأنى ذلك وإلا لاحترز عن إيرادها في قوله تعالى : ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ... الآية ، بل إنما إيرادها في أمثال هذه الموارد بطريق الجريان على سنن الكبرياء .

                                                                                                                                                                                                                                      إن كيدي متين تقرير للوعيد وتأكيد له ; أي : قوي لا يدافع بقوة ولا بحيلة ، والمراد به : إما الاستدراج والإملاء مع نتيجتهما التي هي الأخذ الشديد على غرة ، فتسميته كيدا لما أن ظاهره لطف وباطنه قهر ، وإما نفس ذلك الأخذ فقط ; فالتسمية لكون مقدماته كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما أن حقيقة الكيد هو الأخذ على خفاء من غير أن يعتبر فيه إظهار خلاف ما أبطنه ، فمما لا تعويل عليه مع عدم مناسبته للمقام ، ضرورة استدعائه لاعتبار القيد المذكور حتما .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية