السؤال
أنا فتاة بعمر 32 عاما، وإلى الآن لم أتزوج؛ بالرغم من أني متدينة وعلى قدر من الجمال؛ وأعمل فى وظيفة محترمة؛ وكلما تقدم لي شخص يسير الموضوع في يسر؛ وفجأة تنقلب الأمور ولا يتم الموضوع.
المشكلة التي أعاني منها هي تعليقات المحيطين بي؛ حيث إن تعليقاتهم تجرحني، وتؤثر في نفسيتي جدا.
المشكلة الأخرى أنني تعرضت في مرحلة سابقة من حياتي لظلم شديد في مجال عملي لكي يجبروني على تركه، وتعيين شخص آخر بدلا عني.
بالفعل تركته، ومنذ ذلك الحين وأنا أحس بالظلم والاضطهاد، خاصة كلما أسمع أن زملائي الذين كانوا معي قد وصلوا لمراكز مرموقة، ولا أعرف ماذا أفعل للتخلص من هذا الشعور بالظلم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة غادة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته، وبعد:
أسأل الله أن يفتح لك فتحا مبينا؛ ويرزقك بالزوج الصالح والمكانة العالية في الدنيا والآخرة.
اهدئي -عزيزتي- فالله الذي خلقك يعلم أنك بحاجة إلى الاستقرار العاطفي، وبعلمه وحكمته قدر لك أن تنتظري، ربما لم يأت بعد ذلك الصالح، وربما أن الخير في أن تنتظري.
الله أعلم بما يصنع، وعلينا الصبر والاحتساب، والدعاء أن يدفع الله البلاء، وعلينا القيام والإلحاح في الطلب، والصدقة وكثرة السجود لله والعبادة.
أختي، هل أنت وحدك في هذا أم أن الأمر مشاع؟ أنت لست الوحيدة في هذا البلاء، فلك في ذلك سلوى، ثم أنت -ما شاء الله تبارك الله- مهندسة، ولم ينل الكثير حظهم من التعليم، ولك سلوى في هذا أيضا.
أنت كنت تعملين ومن المتوقع أن تكون ظروفك المالية جيدة, والكثير حصل على درجات علمية ؛ ولم ينل حظ العمل، ويتضور جوعا وبلا مأوى، ولك في ذلك سلوى.
أنت -ياحبيبتي- تستطيعين التفكير في أهداف تحققينها وتستطيعين من الآن أن تسعي فيها دون أن يعترض طريقك أحد، وغيرك مسلوب الإرادة والتفكير , مسلوب الحرية في اتخاذ المصير، ولك سلوى في هذا أيضا.
فكري في ما وهبك الله وستجدين نعما لا تحصى ولا تعد، ثم اشكريه يزدك وادعيه يستجب لك، وابدئي في وضع هدف يمكنك عمله واعملي على تحقيقه الآن وستكونين أحسن من كل الناس لأنك تستطيعين تحقيق أي شيء تريدين؛ وبذلك تذهب فكرة الاضطهاد الذي تشعرين به.
واعلمي أن طريقة تقييمك للأمور تؤثر على طبيعة حياتك، فكلما قيمت الأمور بسلبية لن تجدي إلا ذلك الأمر السلبي الذي قيمته؛ لذلك غيري طريقة تقييمك للكلمات والأشخاص وحاولي أن تكسبي ودهم بالهدية أو بدعوتهم إلى الغداء أو العشاء.
تذكري إن الله معك ولن يخذلك أبدا، ولن يذهب دعاؤك سدى؛ لأن الله جل في علاه يحب عباده ويحب أن يستمع لمن يحب, سترين كيف سيساعدك بمجرد أن تبذلي الأسباب، ولكن لا تستعجلي -فلله الأمر من قبل ومن بعد- ومن المهم أن ترضي بكل أقداره وترين فيها الخير والمصلحة لأنها فعلا كذلك.
حبيبتي: تذكري إنك كلما توقعت الخير من الناس لن تجدي منهم إلا الخير الذي تتوقعين، وكلما كنت من الله أوثق كلما حان الفرج صدقيني، وكلما كان لك هدف تسعين له ستكون الراحة أعمق.
وبالله التوفيق.
=========
وقد تم عرض الاستشارة أيضا على الدكتور محمد عبد العليم المستشار النفسي وأفاد بما يلي:
نشكرك على سؤالك، ونرجو أن نوضح لك أن مشكلتك تتمثل في وجود حساسية، وبعض سمات الظنان البسيطة في شخصيتك، وهذه في حد ذاتها لا تمثل مرضا نفسيا، ونقول لك بكل صدق: إنك لست مريضة مطلقا، لكن نمط شخصيتك هو الذي أصبح يتحكم في تواصلك نحو الآخرين.
أنت -بفضل الله- متدينة، وعلى قدر من الجمال، لديك وظيفة محترمة، هذه كلها بواعث أمل كبيرة، يمكن أن تبني عليها حياتك وعدم التركيز والاهتمام بالاستجابات والمشاعر السلبية من الآخرين حيالك، فمن الطبيعي جدا أن نجد المضايقات؛ وحتى الحسد من الآخرين، ولكن في ذات الوقت يوجد الكثير من أهل الخير والسريرة النقية الذين يمكن أن تتواصلي معهم.
عليك أن تقللي من الرقابة الشديدة على نفسك فيما يخص التعامل مع الآخرين، وسيكون من المفيد جدا لك الدخول في نشاطات جماعية، وذلك بالانتماء للجمعيات الثقافية والخيرية؛ فهذا سيجعلك أقل حساسية وأكثر قبولا للتصرفات السلبية التي يقوم بها البعض.
وبالله التوفيق.