السؤال
السلام عليكم.
أنا مسلم وأعيش الآن في المملكة المتحدة، سؤالي هو: منذ عهد قريب ارتكبت آثاما في حياتي، لكن الآن عدت إلى الله، من بين تلك الآثام إقامة علاقة عاطفية مع فتاة، واستمرت تلك العلاقة أربع سنوات حدث فيها بيننا كل شيء إلا الزنا، لكن هذا الأمر يحزنني كثيرا، والآن قد افترقنا، هل يتحتم علي الزواج منها؟ ماذا أفعل حتى أكفر عن هذا الذنب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abduh حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ابني الفاضل! نسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته والبعد عن مخالفة أمره وبعد:
فالحمد لله الذي هدانا وهداك، وخير من يشاركك في الطاعة من كانت شريكا لك في المعاصي، فأرجو أن تفكر في نصحها، فإن تابت ورجعت وأنابت إلى الله فلا بأس من الزواج منها، وإذا حصل هذا فأحسن صحبتها ولا تحاسبها على الماضي الذي تابت منه.
أما إذا لم تتب وترجع إلى الله؛ فابتعد عنها واستر عليها وسوف يأتيها رزقها؛ لأن ارتباطك بها وهي على المعصية خطر عليك وعلى توبتك؛ لأن من تمام التوبة أن يهجر الإنسان بيئة المعصية ورفاق المعصية، كما جاء في الحديث: (فإنك بأرض سوء... وأمره أن ينتقل إلى أرض كذا وكذا فإن بها أقواما يعبدون الله تعالى فاعبد الله تعالى معهم).
وبيئة المعصية تذكر بالمخالفات وربما يحن إلى تلك الذكريات السيئة، خاصة إذا كان رفاق الأمس حوله يترددون، وشيطان الإنس لا ينصرف عن الإنسان بسهولة ويسر.
وعليك بالمسارعة في طلب الحلال، فنحن في زمان الشهوات، وأنت تعيش في ديارها، ولا عاصم للمؤمن بعد تقوى الله ومراقبته إلا في تحري الحلال، وابحث عن امرأة صالحة تعينك على طاعة الله إذا ذكرت، وتذكرك بالله إذا نسيت، وجدد توبتك، واعلم أن الحسنات يذهبن السيئات، وأبشر فإن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها.
وأرجو أن تكون توبتك خالصة، ومن علامات صدقك فيها اجتهادك في الطاعات، ولا تيأس فرحمة الله واسعة، وهو الغفار التواب الرحيم، قال تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى)[طه:82].
وأنصحك بكثرة الدعاء والتوجه إلى الله، ولا تنس الدعاء لتلك الفتاة بالهداية والعودة إلى الله، وتعوذ بالله من الشيطان، وأكثر من ذكر الرحمن، واعلم أن الشيطان همه أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله، والشيطان حزين بتوبتك ورجوعك إلى الله، وقد يأتيك بوساوس من أجل أن تصبح يائسا من رحمة الله، وهذه كبيرة من الكبائر والعياذ بالله، وقد وعد الرحيم سبحانه المسرفين على أنفسهم بالمغفرة، فقال سبحانه: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله)[الزمر:53]، وأكرر استر على نفسك وعليها، ولا تذكر ما حدث أمام الناس، ولكن يحسن بك كلما تذكرت أيام الغفلة أن تجدد التوبة، وتجتهد في الطاعات، ونسأل الله لك الثبات والسداد، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح شباب المسلمين.
وبالله التوفيق.