السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب سلك طريق الهداية، والحمد لله فقد تخلصت من كل المعاصي التي كانت في بيتي، ولكن لم أستطع أن أغير أي شيء في إخوتي الثلاثة وأبي وأنا الصغير بينهم، وأخواتي وأمي لا حول لهم ولا قوة، ومعصيتهم هي وللأسف عدم الصلاة في المسجد وغيرها قليل، ولله الحمد، أرجو المساعدة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
ابني الفاضل/ أبو عبد العزيز حفظك الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أسأل الله العظيم أن يرزقك الثبات والسداد وأن يلهمك الرشاد، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وبعد:
فهنيئا لك بتوبة الله عليك، وأبشر فإن الصادق في توبته المخلص في أوبته يبدل الله سيئاته إلى حسنات، وتذكر بأن علامة قبول التوبة هي: الاستمرار على الطاعات والمسارعة في رضا رب الأرض والسموات، وجزاك الله خيرا على هذا الحرص على هداية أسرتك وهذه من دلائل التوفيق، فنسأل الله لنا ولك الثبات.
وأرجو أن تتوجه إلى الله وتسأله الثبات لنفسك والهداية لوالديك وإخوانك ولكل العصاة، فإن الهداية بيد الله سبحانه، فالإخلاص يقتضي أن ندعو للعصاة بالليل وندعوهم إلى الله بالنهار، وأرجو عدم الاستعجال، فقد لا تظهر النتائج بسرعة ولكن (( فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر ))[الغاشية:21-22].
وأنت يا بني مطالب بأن تعرف الطريق التي توصلك إلى قلوب والدك وإخوانك، وعليك أن تفرق بين أسلوب دعوتك لأبيك وبين منهجك في إصلاح إخوانك، ولأنك أصغرهم فأرجو أن تحرص على احترامهم والإحسان إليهم.
وتذكر أن خليل الرحمن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حين عرض الدعوة على والده كان في غاية الأدب والشفقة والحرص، وقد وردت هذه القصة في سورة مريم قال تعالى: (( إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا ))[مريم:42-43].
وأرجو أن يشعر والدك بزيادة البر والاهتمام به حتى يعرف آثار الطاعة والهداية عليك، والمسلم مطالب بالإحسان لوالديه حتى ولو كانا كافرين، وهذا الوالد ولله الحمد من المسلمين بل والمصلين لكنك تريد منه أن يشهد الصلاة في المسجد ويترك بعض المعاصي القليلة، ويحسن بك أن تذكر له الجوانب الطيبة فيه، وتذكره بنعم الله عليه وتبين له سعادتك، وكذلك الوالدة والأخوات إذا شاهدوك تنطلق أمامهم لتلبي نداء الفلاح، وبين له فضل صلاة الجماعة وفوائدها والحكمة من مشروعيتها، ففي الصلاة يلتقي المسلم بإخوانه ويعيش هموم المجتمع والمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، وخير الجلساء هم رواد المساجد.
وأرجو أن يكون هذا النصح في وقت مناسب، وبألفاظ لطيفة ولينة، وقدم بين يدي هذه الدعوة صفحات من الاحترام والإحسان، وأنت مأمور بذلك ومأجور عليه عند الله، واحرص على خلو المكان حتى تكون نصيحة وليس تعيير وفضيحة، وحتى تحفظ للوالد مكانته، وأرجو أن تشاركك الوالدة في الجانب فمن واجبها أن توقظه في أوقات الصلاة، واحرصوا على تهيئة الأشياء التي يحتاجها للخروج للصلاة، وإذا كان حوله من يتكاسل عن الصلاة في المسجد فالمطلوب هو استبدال هؤلاء الأصدقاء ببعض عقلاء المصلين، ويحسن كذلك أن يتعمدوا زيارته قبل الصلاة وتكون هذه دعوى صامته من أجل أن يرافقهم إلى بيوت الله.
أما بالنسبة لإخوانك فأرجو أن تحفظ لهم مكانتهم، ولأنهم في سن الشباب فهم يحتاجوا إلى أسلوب للإقناع بلطف، وقدم نصحك لهم على انفراد واحترم مشاعرهم، وذكرهم بفضل صلاة الجماعة ولا تظهر لهم أنك أعلم منهم حتى لا تعطي الشيطان فرصة، ولاشك أن نصح الوالدة ودعائها لهم مما يساعدك على النجاح في هذه المهمة العظيمة، واجلب إلى المنزل كتب مفيدة وأشرطة نافعة وأخلص في نيتك وتوجه إلى الله واعلم أن الهداية بيده سبحانه.
وأسأل الله العظيم أن ييسر لك الهدى وأن يجعلنا جميعا سببا لمن اهتدى.
والله الموفق.