والدي يهينني ويقول بأنه يجب علي طاعته دون مجادلة أو طلب تفسير!

0 660

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم يا إخوان على إتاحتكم لنا هذه الفرصة.

مشكلتي مع أبي، فأنا وأبي لا نبقى 5 ساعات متفقين أبدا، بل نتشاجر ونقاطع بعضنا، ولا نكلم بعضنا لمدة أيام إلى آن آتي أنا كالعادة وأصالحه.

أحس بأن أبي لا يطيقني إطلاقا، ولا أعرف لماذا بالضبط؟ إنه يحاول أن يمسك علي أي أمر خاطئ -أو باعتقاده أنه خاطئ- ليشمت بي، بل ويهينني أمام إخوتي وكأنني ابنه الصغير، مع أني الذكر الوحيد وثاني أكبر واحد بين أخواتي، أحس بالإهانة كثيرا، يسبني بمجرد سماعه بأن أختي تضايقت مني، وعلى الرغم من كل ذلك أذهب وأصالحه في كل مرة، وأمي تقريبا نفس الشيء ولكنها أحسن منه نوعا ما، واليوم أيضا أخذ يسبني ويشتمني لأنه سمع صوتي ارتفع على أختي، وقلت لها أن تخرس، مع العلم بأن أختي أيضا صوتها مرتفع، ولكنه أخذ يسبني أنا فقط.

هذه المرة أنا غير مستعد لأن أذهب لأصالحه؛ لأنه هزأني وشمت بي دون سبب وجيه، أو لو كان هناك سبب فيجب أن يعالجه بشكل ملائم وليس بالغلط علي وعقابي وكأني طفل صغير! حاولت في آخر مرة أن أخبره عن معاملته معي وكنت صريحا معه، وأخبرته بأن طريقته في معاملتي غير جيدة إطلاقا، ولكنه لم يقتنع، وقال: إن هذه الطريقة تربيني، وأخذ يقول: إنه يجب أن أطيعه في أي شيء يقوله لي دون مجادلة أو طلب للتفسير، ولا أستطيع أن أكلمه مرة أخرى لأنه هذه المرة قد أخطأ في حقي بشكل كبير.

آه. لطالما أردت أن أعيش في عائلة ممتازة ليتسنى لي الفرصة بأن أحقق الحديث الشريف: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله ..) ولكنني لا أحس نفسي على الصراط المستقيم طالما والداي ليسا راضيين عني، وهذا يؤثر في إيماني كثيرا، فقد أضعت الصلاة وتركتها فترة سنة تقريبا؛ لأنني أحس بأنني غير مرضي من قبل والدي، فلذلك أحس بأنني لم أستفد من الصلاة وأعيش حياة إيمانية كما كنت في السابق؛ لأنني سأكون مقاطعا والدي بأا أكلمهم وأبقى معظم وقتي في غرفتي.

غدا لدي امتحان نهائي لمادة الرياضيات، ولم أدرس منه شيئا، والساعة الآن الواحدة ليلا.
أنا أفقد كل شيء نتيجة الجو العائلي السيئ جدا الذي أعيش فيه.

لقد مضى تقريبا (3) أشهر ولم أكلم أختي الأخرى، وأعرف أنني لو تصالحت الآن معها فسأتشاجر معها غدا؛ لأنه لا تعجبني تصرفاتها كاللبس الضيق وغير الملائم وطريقة الجلوس غير المهذب ومشاهدتها أفلام وفيديو كليب الساقطة وغير المهذبة، وقد كلمت أبي عن ذلك في إحدى المرات فقال لي بألا أتدخل في شؤونها، وأيضا كلمت أختي بذلك فقالت: إنه لا شأن لي بها.

أنا الآن في أسوأ الأحوال كما كنت دوما ولا أعرف ما هو الحل، فإذا كان هناك حل أصلا - لأنني حاولت مع أبي بشتى الوسائل والطرق ولم تنجح - فأنا في انتظاره، فهل الحل في أن أخرج من المنزل بعد إنهاء دراستي المدرسية وأن لا أعود إليه مرة أخرى؟ ولكنني لن أتحمل سنتين بأسرهما بهذه الطريقة.

أعرف بأنني أطلت عليكم ولكنني أردت أن أفضي بعض مشاكلي لعلكم تفيدونني بشيء.

ملاحظة: إذا كان ردكم هو الذهاب إلى أبي وعائلتي كلها ومصالحتي إياهم فلن يجدي ذلك شيئا، وأنا لست مستعدا لفعل ذلك مرة أخرى؛ لأن الحق معي أنا وليس علي، وفي كل مرة أذهب أنا وأعتذر لأهلي مع أن الحق معي، فما رأيكم؟
لا يستطيع أي إنسان أن يعيش في مثل هذا الجو الأسري السيئ.

أنا أدعو الله أن تتحسن حالتي، وأتمنى منكم مساعدتي وإرشادي بما يتوجب علي فعله.

شيء أخير: هل يمكنني أن أتواصل معكم مباشرة للرد على الإجابة ومناقشة الأمر معكم على البريد الإلكتروني مثلا؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن العزيز الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يوفقك في دراستك، وأن يذهب عنك وعن أسرتك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يملأ قلوبكم وبيتكم رحمة ومحبة ومودة ووئاما وتعاطفا واحتراما.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فكم كنت أتمنى وأود ألا تغلق الباب أمامنا بقرارك عدم العودة إلى مخاطبة الوالد أو التفاهم معه؛ لأنك بذلك تزيد الأمر تعقيدا، وتغلق أبواب التفاهم والإصلاح، وهذا يا ولدي لا يليق بمثلك؛ لأنك شاب مؤمن تعرف أن الله على كل شيء قدير، وأن الخلاف قد يشتد إلى درجة لا تتصور، ثم تأتي رحمة الله فتغير كل شيء، وأن المسلم لا يعرف اليأس أبدا؛ لأن الإسلام دين الأمل، والمستقبل المشرق دائما للإسلام وأهله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم مرت عليه محن أقوى من الجبال، ورغم ذلك لم يفارقه الأمل بنصر الإسلام لحظة واحدة، حتى في أحلك اللحظات، فلم تغلق نافذة العقل والحكمة والحوار ولدي محمد؟ وهل تتصور أنك بقرارك هذا تعالج المشكلة، أو أنك ستكون مستريحا إذا صممت على موقفك؟ لا أعتقد يا ولدي.

لذا أتمنى وأرجوك بداية أن تتراجع عن موقفك حتى نتفاهم، وأنت قادر على ذلك يا ولدي؛ لأن هذه هي طبيعة المسلم أنه رجاع إلى الحق، وأنه لا يتكبر على النصح أو قبوله، هذا أولا .

ثانيا: أعتقد أنك معي في أن والدك أكبر منك سنا، وأنه والدك وأنت ولده، أليس كذلك؟! بالطبع ستقول: نعم، والذي أراه منك الآن أنك تريد أن تعامل والدك كما لو كان زميلا من زملائك أو صديقا من أصدقائك لا فرق بينك وبينه، وهذا يا ولدي غير معقول، وأيضا غير مقبول، وأنت شخصيا لا ترضى أن يعاملك ولدك على أنك شخص عادي مثل أي زميل أو صديق، فأرجو أن تغير هذه النظرة لأنها غير مقبولة، فلابد أن يظل الوالد والدا مهما كان خطؤه وحدة طبعه وسوء تصرفه، خاصة أنه ليس بمقدورنا يا ولدي أن نغير سلوك أنفسنا إلا بصعوبة، فهل تظن أنه من السهل أن تغير سلوك والدك أو والدتك يا ولدي؟ ليس هذا بمقدوري ولا بمقدورك، وليس أمامنا فقط إلا النصيحة باللين والمعروف والحكمة وغاية الأدب، ولا مانع من الحوار وشرح وجهة النظر، يا ولدي! يصعب تغيير سلوك إنسان عاش معه هذا السلوك طيلة عمره إلا إذا حدثت كرامة من الله وحده.

لذا أنصحك بالعدول عن رأيك، والعودة إلى المنزل، وحاول أنت أن تغير من سلوكك؛ لأنك تملك ذلك، وحاول تغيير تصرفاتك التي تثير غضب والديك، وقف وقفة جادة مع نفسك، وابحث عن الأمور التي رأيت أنها تسبب المشاكل وتوقف عنها، مثل رفع الصوت على الأخوات أو غيرهن، أو التدخل في الأمور التي تثير الوالدين، واعتبر نفسك أنك غير موجود بالمنزل، والزم الجانب السلبي تماما حتى تحكم على الأمور مع السياسة الجديدة، لاحتمال أن تكون بعض تصرفاتك هي السبب وأنت لا تدري، وإياك أن تترك الصلاة مرة أخرى؛ لأنك بذلك تعقد المشكلة ولا تعالجها، فالبعد عن الله لا يزيد الإنسان إلا هما وغما وخسارة وتعاسة، فاترك عنك أمر أخواتك تماما ولو لفترة مؤقتة وانشغل بنفسك فقط، وابدأ الجميع بالسلام والتحية، ولا تتأخر عن مساعدة أي فرد من الأسرة، وعامل الجميع بالاحترام والتقدير، واهتم بدراستك ولا تقصر في ذلك، وأكثر من الدعاء أن يصلح الله ما يبنك وبين والديك وأسرتك، وعليك بالصبر الجميل.

واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا .
دعواتنا لك بالتوفيق في مهمتك وعدم الهروب من ميدان الجهاد الحقيقي، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات