السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب في مقتبل العمر، شاءت إرادة الله أن أكون وحيدا في هذا العالم بعد أن توفي والدي ـ رحمهما الله ـ دون أن ينجبا غيري وأنا أعيش وحيدا منذ ذلك الوقت بالقرب من أعمامي.
تعرفت إلى فتاة في الجامعة وقابلت أباها وتعرفت إلى أسرتها وعرفت أن الفتاة وحيدة مثلي بلا إخوة أو أخوات! وهي تفوقني ماديا وأنا أفوقها علميا، وقد بدت محاولات أهلها واضحة في أنهم يرغبون بي زوجا لابنتهم، تعلقت الفتاة في حبي إلى درجة لا توصف! وبات من الصعب جدا عليها أن تتخيل العالم من دوني.
وجاء يوم استدعاني فيه والدها إلى مكتبه وأطلعني على سر كتمه عن جميع الناس مفاده أن هذه الفتاة ليست ابنته وأنه تبناها منذ عشرين عاما ولا يعلم أي شيء عن أهلها أو مصيرهم، وأكد لي أنه رباها خير تربية وأنه يرحب بي كزوج، مع ملاحظة أن أهلي لن يرضوا أبدا بوضع كهذا، وأنا لن أستطيع مقاومة ضغطهم؛ لذا فقد عرض الرجل علي أن نبقي الموضوع طي الكتمان، مع ملاحظة أن جميع أهله وأقاربه يعلمون الحقيقة.
الفتاة تحبني وأنا أراها زوجة مناسبة ذات دين وخلق، ولكن مشكلتي تنحصر في مسألة تبنيها ومدى قبول أهلي لها بهذة الصورة، أنا حائر في أمري ولا أدري ماذا أفعل!؟ أغيثوني ودلوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، فالشبكة الإسلامية يسرها استقبال رسائلك دائما، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك زوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الزواج وكما لا يخفى عليك ليس مجرد ارتباط رجل بامرأة، وإنما هو ارتباط أسرة بأسرة، وقبيلة بقبيلة، ومن هنا كان لابد من موافقة ولي أمر الزوجة على زواجها ممن يتقدم إليها، وهذا أمر مهم لا ينبغي إغفاله لأهميته وخطورته، ونظرا لأن عوامل الوراثة تلعب دورا هاما في تكوين شخصية الأجيال، فالولد لخاله وعمه، والعرق دساس، وغير ذلك مما لا ينبغي إغفاله، إلا أن هذا كله لا يجوز أن يكون عائقا إذا كان الدين هو الأصل والأساس، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) وقال لولي أمر الفتاة: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) فالدين أصل الأصول وأعظم شهادة وتزكية يحملها أي الإنسان، ومن هذا المنطلق نجد الناس يختلفون في مواقفهم واختياراتهم، فمن يقدم الدين مع عدم إغفال الأصل هو الموفق حقا، والذي يقدم النسب والأصل على الدين ما حقق خيرا يذكر.
ونظرا لكون أهلك لن يقبلوا بهذه الأخت، فلم تدخل نفسك في دوامة وحرب لا قبل لك بها؟ والأخت لها نصيبها الذي سوف يأتيها ولها قسمتها من الرجال، وإذا كنت أنت ليس بمقدورك مقاومة رفض أهلك فإن هناك من سيرحب بها ويقبلها؛ لأنه وكما في النساء من لقيطات فهناك أيضا في الرجال من هو كذلك، وهناك من يقبلها وهو ليس كذلك، المهم لا تحمل نفسك ما لا تطيق، فإذا كنت قادرا على إقناع أهلك حتى لا تخسرهم فالبنت قد يشفع لها ما هي عليه من خلق ودين، وإن كنت حريصا على عدم خسارة أهلك ولا تستطيع مقاومة ذلك فاعتذر لهم، وإن شاء الله لن يضيعها الله؛ لأنها لم تقترف إثما، ولم ترتكب جرما تعاقب بسببه، بل لعلها أفضل من غيرها ممن ليسوا كذلك، وأنا أرجح أن تحاول مع أهلك، فإن لم يوافقوا فابحث عن غيرها، فذلك أسلم وأحفظ لأسرتك، وأنفع لأولادك مستقبلا.
مع دعواتنا بالتوفيق وشرح الصدر للذي هو خير.