السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ببداية بلوغي (قبل الحيض) ارتكبت ذنبا كبيرا جدا جدا جدا، وبعد سنة تقريبا تبت إلى الله توبة نصوحا، وأحسست بعد توبتي بأن الله قد غفر لي وبأنه سيمحو عني الذنب؛ لأني أحسست براحة التائبين، فأخذت عباداتي بالزيادة شيئا فشيئا إلى أن أحسست بقربي الكبير من الله، ولكن المفاجأة (بعد سنتين من التوبة) فضحني الله وعلم كل أهلي بذنبي! لم أصدق في البداية ما حصل لي؛ لأن الله يحب عباده التائبين ويمحو ذنوبهم ويسترهم، فلماذا فضحني أنا مع أني قد تبت!؟
ليست هنا المشكلة، بل المشكلة فيما حصل لي بعد هذه الفضيحة، أصبحت أقنط من رحمة الله ولا أستطيع أن أصلي، أخشى ألا يقبل صلاتي، وأخاف منه خوفا كبيرا لا أستطيع النوم منه! ولا أستطيع أن أعيش كما يعيش الناس (عندما أقع بذنب لا أقوى على التوبة من القنوط)، ماذا أفعل؟ أعينوني أعانكم الله، أنا أعلم بأنه وسواس، لكن كيف أبعده عني؟؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير .
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه مما لا شك فيه أن الفضيحة بعد الستر أمر مرعب حقا، وأن آثارها النفسية تكون هائلة إذا لم يتغمد الله الإنسان برحمته ويثبته، بل إن مجرد الوشاية تقض مضجع الإنسان، وتذهب النوم من عينيه، وتشوه صورته وسط المجتمع الذي يحيط به، حتى ولو بعد ظهور الحقيقة، لذلك لا أملك لك بداية إلا أن أقول: كان الله في عونك، وثبتك على الحق، واعلمي ابنتي العزيزة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا) وقال: (إذا أحب الله عبدا ابتلاه، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط) وقال: (من يرد الله به خيرا يصب منه) وقال: (ما يصيب المسلم من هم ولا غم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).
فمجموع هذه النصوص تدل على أن الله إذا أراد بالعبد خيرا عاقبه في الدنيا، وأن ما يحدث له من هم أو حزن أو غم إلا كان كفارة لذنبه ومغفرة لخطاياه، وأن هذه العقوبة تختلف وتتفاوت من شخص لآخر، ولعل الله جل جلاله أراد أن يكرمك بهذه العقوبة، حتى تقبلي عليه وقد غفر لك وتاب عليك، ونسأله أن يكون كذلك إن شاء الله، فأبشري بخير، فإن عقاب الدنيا مهما كان حجمه أو شدته لا يساوي غمسة واحدة في جهنم، فاحمدي الله على ذلك، وسليه العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، واعلمي أن الشيطان له دور كبير في فضح الإنسان، خاصة إذا لمس من الإنسان صدق توبة ورجوع إلى الله، فيقوم بفضح الإنسان حتى يصاب بمثل ما أنت فيه من اليأس والقنوط، وفي السنة صور كثيرة من مثل ما حدث معك تماما.
لذا عليك ابنتي العزيزة ألا تقضي وقتا طويلا عند هذا الحدث، وأن تعاودي الاجتهاد في الطاعة والعبادة، وأن تواصلي الاستغفار والتوبة؛ لأن الشيطان يفرح بيأس الإنسان وقنوطه من رحمة الله، حتى يحول بينه وبين التوبة، ليلقى الله على سوء خاتمة والعياذ بالله، فقاومي نفسك، وجاهدي شيطانك، واجتهدي في العبادة، وأكثري من التوبة والاستغفار والدعاء، واعلمي أنه كما شاء الله أن يظهر هذا الذنب بعد هذه الفترة فهو سبحانه قادر على أن يجعل الناس ينسون هذا الذنب ولا يذكرونه أبدا، وهذا متوقف على حسن ظنك وصدقك في التوبة والعودة إليه، فلا تحرمي نفسك هذه الفرصة، ولا تستسلمي لكيد الشيطان الرجيم، وأكثري من الاستعاذة منه، وعما قريب ستشعرين بأثر ذلك على حياتك واستقرارك النفسي، وقهرك للشيطان الرجيم.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد والستر في الدارين.