السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أطرح مشكلتي لعلي أجد استشارة طيبة منكم والحل المناسب، أنا الآن في فترة ريعان الشباب، مغترب في دولة أوروبية من أجل دراسة الطب في إحدى الجامعات، أخاف الله وأغض البصر ومقيم الصلاة، ولكن أعاني من وجود فتنة النساء، فهنا المحرمات كثيرة.
أكتب هذا الكلام لإيجاد حل وهداية لي ولكل شاب مغترب، فالشباب العرب هنا في هذه البلد غارقون في معصية الله، وكل واحد منهم أكبر همه -حتى قبل العلم- النساء، حتى -والله- ترى بعض الشباب المؤمنين ومقيمي الصلاة، ولكن في المقابل يصاحبون البنات، ويرتكبون المعاصي.
فما الحل لتجنب هذه الفتنة؟ علما أني مواظب على الصلاة والصوم والنوافل، وأغض البصر، ولكن أخشى هذه الفتنة حتى لا أقع فيها مثل هؤلاء الشباب.
أرى أن الحل هو الزواج، لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج .."، فما رأيكم، كيف أوصل هذه الفكرة إلى والدي، وبالمقابل أعرف ردهم، سيقولون بأني فاشل، ولا أريد التعليم لأني أطلب الزواج.
بانتظار ردكم بلهفة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fARAGI حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك -أيها الولد الحبيب-، وزادك هدى وتقى، ونسأله سبحانه أن يتولى عونك ويجنبك الفتن.
لا شك أنك تمر بظروف صعبة من حياتك، معرض فيها لامتحان عسير، تتجاذبك شهوات النفس ونوازعها من جهة، وخوف الله تعالى والفرار من سخطه وعقابه من جهة أخرى، وهذا والله موقف عصيب إن نجحت فيه فزت كل الفوز ونجحت كل النجاح، وساق الله تعالى إليك التوفيق، ووصلت إلى كل ما تحب وتتمنى، فهذا صنيع الله تعالى بأحبابه وأوليائه، ولك في الشباب المؤمنين من قبلك العظة والعبرة وعلى رأسهم أنبياء الله تعالى، فأقرأ سورة يوسف بتدبر وانظر كيف أكرم الله تعالى نبيه وحبيبه يوسف -عليه السلام- وبوأه أعلى المراتب في الدين والدنيا مكافأة له على عفته عن الحرام.
وانظر في قصة موسى -عليه السلام- في سورة القصص مع الفتاتين لما عف ووقف عند حدود الله تعالى عوضه الله خيرا، وأعطاه ما لم يكن يتمناه، فيسر له الزواج بإحدى تلك الفتاتين، وهذه هي عادة الله تعالى وسنته في من يخافه ويتقيه، يعوضه خيرا مما ترك، ويرزقه الرفعة في الدنيا والآخرة.
وعلى النقيض من ذلك من انغمس في معاصي الله تعالى، فإنه لا يجني منها إلا بغض الله تعالى وسخطه واضطراب أحواله، فإياك أن تغتر بظاهر حال هؤلاء العصاة الذين تراهم، فإنهم يعيشون وحشة في قلوبهم أنت لا تشعر بها، لكنهم يحسون بها وإن حاولوا كتمها عن الناس، إن الواحد منهم إذا ذكر الموت وتذكر الوقوف بين يدي الله تعالى ضاقت به الدنيا على سعتها، فذل المعصية ملازم لقلوبهم، وهذه سنة الله تعالى في العاصين والمجرمين.
أنت بحاجة ماسة -أيها الحبيب- أن تأخذ بالأسباب التي تثبتك على إيمانك وطاعتك ما دمت قد ابتليت بالذهاب إلى تلك البيئات، نحن ننصحك بجملة من التدابير التي فيها -إن شاء الله- سبب حمايتك، نأمل أن تأخذها بجد وهي:-
1- احرص على صحبة الأخيار، فسارع إلى حضور مجالس الصالحين في المراكز الدعوية، والزمها بقدر استطاعتك، فإن الصاحب ساحب، والرفيق من أهم أسباب العون على الطاعة.
2- تجنب الخلوة والانفراد بقدر استطاعتك.
3- تجنب كل ما يثير لديك الشهوة من النظرة المحرمة إلى الصور في الشاشات أو المجلات أو غير ذلك.
4- حاول الصيام والإكثار منه إن قدرت عليه.
إن هناك حقيقة مهمة ينبغي أن نذكرك بها وهي أنه قد سبقك في التخرج من تلك الجامعات التي تدرس فيها كثير من الشباب الصالحين، بذلوا وسعهم في مجاهدة أنفسهم ففازوا وظفروا، ونحن نسأل الله تعالى أن يجعلك منهم، ويعينك على نفسك، ويهيئ لك من أمرك رشدا.
وإذا عجزت عن حفظ نفسك وخفت الوقوع في المعصية، فصارح والدك بالحال، وأخبره بما تعانيه، فإما أن يعينوك على الزواج وتبقى في تلك البلاد، وإلا فارجع إلى بلدك لتفر بنفسك من الفتن إن كان في رجوعك مفر منها، ولا تستحي من مصارحة أبيك بهذا الأمر، فحفظ الدين رأس المصالح ولا حياء في الحق.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أسباب الخير ويعنيك عليه ويجبنك الفتن، وبالله التوفيق.