السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: لي زميل في العمل، التحق معنا قريبا في العمل، ومن يوم أن التحق وهو كثير المشاكل معي، ويشي بي عند رؤسائي، مما دفعني إلى اتخاذ قرار بعدم التحدث معه، ومقاطعته تماما، وهو زميل لي في نفس المكتب الذي أنا فيه.
أنا قاطعته في الحديث؛ لأنه آذاني في أكثر من أمر في الشركة، كما أنه في حال غيابي يتحدث عني بصورة غير جيدة، مع العلم أني عندما أدخل المكتب ألقي عليه السلام فقط، وعند الخروج أيضا، وعرض أحد الزملاء الصلح مع هذا الزميل، ولكني رفضت بسبب أن الصلح لن يغير من الأمر شيئا؛ لأنه سيستمر في الوشاية بي عند رؤسائي، مع العلم أني حينما أخذت إجازة، ثم عندما رجعت منها صافحته وقلت له: أراك على خير فقط.
أنا من ناحيتي فليس في قلبي شيء، ولكن لا أريد أن أتحدث معه في أي شيء، وأود أن تقتصر العلاقة على السلام فقط، مع العلم أنه لا يلقي السلام.
هل أنا خاصمته لو فعلت ذلك؟ أو يكون علي إثم؟ أرجو إفادتي، مع العلم أني والله لا أكن له أي كره أو أي شيء، لكن أريد أن أبتعد عنه فقط، فما هو حكم الدين؟ مع العلم أني من الممكن أذهب إلى العمرة، وأخاف أن يكون هذا خصاما أو غير ذلك.
أرجو الإفادة، هل الذي فعلته صحيح أم أنني آثم؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إنسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك أيها الحبيب باستشارات إسلام ويب، ونحن نشكر صبرك على زميلك هذا، وإضمارك المحبة له، وعدم البغض له بسبب أذيته لك، فهذا من كريم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن خير الأخلاق كما جاء في الحديث: (أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك)، فهذه معالي الأخلاق التي يحبها الله سبحانه وتعالى، ويحب من تخلق بها من عباده، وما صبر عبد على مظلمة وعفا إلا زاده الله عز وجل بها رفعة وعزا ودرجة، كما جاء أيضا في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
لا شك أن هذا الأخ أساء إليك في وشايته بك، أو ذكرك بما تكره عند غيبتك، وما كان ينبغي له أن يفعل هذا، فإن للصاحب على صاحبه حقوقا، فضلا عن حقوق الإسلام العامة التي تجب للمسلم على أخيه المسلم، ولكن مع هذا -أيها الأخ الحبيب- نحن نتمنى ألا تفعل هذا الذي أنت عليه الآن، وإن كان ليس فيه إثم كما سنبين بعد، ولكن ليس هو الحال الأمثل الذي ينبغي أن يكون عليه الأصدقاء والزملاء، لا سيما إذا كان يجمعهم العمل في مكان واحد، ومحل واحد، فينبغي أن تسود روح الألفة والمحبة.
هذا هو الذي دعا إليه شرعنا الحنيف، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وكونوا عباد الله إخوانا)، وقال: (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم)، فالشرع الحنيف يدعو إلى إرساء قواعد المحبة بين المسلمين، لا سيما بين من تجمعهم علاقات معينة، كعلاقة النسب، أو علاقة المصاهرة، أو زمالة العمل، أو نحو ذلك.
لهذا نحن نتمنى أيها الحبيب أن تقوم بنصح هذا الأخ بلطف وإحسان، وتبين له بأن ما يفعله حرام، وأن هذا ظلم، وأن الظلم عواقبه وخيمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الظلم ظلمات يوم القيامة)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)، فتبين له عواقب الظلم، وتذكره بالحساب أمام الله تعالى لعله يرتدع ويرجع.
الأمر الثاني: تطلب من الإخوان والزملاء الخيرين نصحه، ولا بأس في أن تقبل محاولات من يحاول منهم الإصلاح بينكم، لعل في ذلك خيرا كثيرا.
الأمر الثالث: تحاول أن تبادل هذا الأخ الإحسان، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وهذا علاج قرآني أكيد، دعانا إليه القرآن، فقال سبحانه وتعالى: (( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ))[فصلت:34]، فهذا الوعد الإلهي يبين لنا بأن الإنسان حينما يحسن إلى خصمه وعدوه؛ فإن هذا الإحسان كفيل -بإذن الله- بأن يعيده صديقا حميما بعد أن كان عدوا مبغضا.
بعد هذا كله وقبله لا حرج عليك في أن تقتصر مع هذا الأخ على السلام، لكن مع عدم إضمار البغضاء والشحناء له، فتسلم عليه إذا لقيته، وتصافحه، وتدعو له بالخير، وهذا من أمارات الود والمحبة التي ينبغي أن تكون بين الزملاء والأصحاب كما قلنا، ولا حرج عليك في أن تمتنع من الحديث معه فيما زاد على ذلك، لكن كما قلنا: ما هكذا ينبغي أن يكون الحال الأمثل بين الأصدقاء والأصحاب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح ذات بينكم، وأن يؤلف بين قلوبكم ويجمعكم على الخير.