السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أعجبت بفتاة وأحببتها، لكنها غربية، وأعرف أنها ليست عذراء ولم أكن الأول معها، ولكن أقنعتها بالإسلام وأخذتها ذات يوم إلى المسجد لاعتناق الإسلام، والحمد لله هي الآن مسلمة تتعلم كيفية الصلاة، ونوت صيام شهر رمضان، وقريبا تريد أن ترتدي الحجاب، باختصار تغيرت كثيرا للأفضل وأنا أثق بها الآن، فقط المشكلة أنها لم تكن عذراء.
أريد معرفة الجواب -من فضلكم- من الناحية الإسلامية إذا كان يصح الزواج من امرأة لم تكن عذراء واعتنقت الإسلام أم لا يصح؟ وهل العذرية في الإسلام مهمة؟ أريد فتوى أو أحاديث مع آيات قرآنية تؤكد الجواب؛ فهذا مهم بالنسبة لي كثيرا.
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي العزيز في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك حرصك على هداية هذه المرأة ودعوتها إلى الإسلام، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لك أجر هدايتها وثواب ذلك، ولكننا في الوقت ذاته نسأل الله سبحانه أن يعفو عنك، وأن يغفر لك ما كان منك من علاقة بهذه الفتاة؛ فهي أجنبية عنك، والله عز وجل قد حرم على الرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية، ولم يبح النظر إلا عندما تدعو إليه الحاجة، كما حرم رسوله صلى الله عليه وسلم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ومسها ونحو ذلك، وهذا كله قد وقع منك مع هذه الفتاة.
فنحن نذكرك ونوصيك أيها الحبيب بأن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره مما سلف من ذنبك، والله عز وجل يغفر الذنوب جميعا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) والمقاصد الحسنة لا تبرر للإنسان أن يرتكب ما حرم الله سبحانه وتعالى عليه ما لم تلجئه الضرورات لذلك، والخلاصة أنك أسأت وأحسنت، ونحن نسأل الله تعالى أن يثيبك على إحسانك وأن يغفر لك زلاتك، وندعوك إلى أن تندم على هذا الفعل الذي صدر منك، وتعزم على أن لا ترجع إليه في المستقبل، وتقلع عنه في الحال بأن تقطع العلاقة بهذه الفتاة، وتعاملها كما تعامل غيرها من الأجنبيات، فتغض بصرك عنها، وتتجنب الخلوة بها والحديث معها إلا لحاجة، وبشرط أن يكون هذا الحديث محتشما تتجنب فيه كل أسباب الإثارة والفتنة، فهذه حدود الله سبحانه وتعالى التي حدها للرجل والمرأة، والسعادة كل السعادة في الوقوف عند حدود الله والتزام شرعه ونهجه.
وهذه الأخت بعد أن أسلمت نسأل الله تعالى أن يثبتها على إسلامها ودينها، وينبغي لك أيها الحبيب أن توصي هذه الأخت بأن تلجأ إلى من يعلمها دينها من النساء، وأن تحضر مجالس العلم التي يمكنها حضورها، أو تتوجه إلى العلماء لسؤالهم ومعرفة أحكام دينها.
وأما الزواج بها، فإنه جائز بلا شك بعد توبتها مما وقعت فيه من الفواحش، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء بأنه يجوز للرجل أن يتزوج المرأة إذا زنت بعد توبتها من زناها، وإنما اختلف العلماء في الزواج بالزانية قبل أن تتوب من الزنا، فأكثر العلماء على جواز الزواج بالزانية، وذهب بعض العلماء إلى أن الله تعالى حرم على الرجل أن يتزوج بالزانية قبل توبتها، واستدلوا على ذلك بقوله سبحانه وتعالى: ((الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين))[النور:3] ولكن لم يقل أحد من أئمة المسلمين بأنه لا يجوز للرجل أن يتزوج المرأة إذا زنت ثم تابت، لم يقل بهذا أحد من أهل العلماء فيما نعلم، وعليه فإنه يجوز الزواج بهذه المرأة على المذاهب جميعا بعد أن تابت من زناها، بل والزواج بها، ومحاولة إصلاحها فضيلة كبيرة وخير كثير يسدى إليها، لكن هل ننصحك نحن بالزواج بها أنت أم لا؟ هذا أمر يرجع إلى حالك.
فالذي ننصحك به هو ما نصح به رسول الله صلى الله عليه وسلم المقدمين على الزواج في قوله صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) فإذا كانت هذه المرأة قد حسن إسلامها، والتزمت بشرائع الله تعالى ومن ذلك الحجاب، فنحن ننصحك بالزواج بها، أما قبل أن تلتزم بأحكام الإسلام، فنحن ننظر إلى الحال دون أن نؤمل على المستقبل، فإذا لم تلتزم بجميع أحكام الشرع فالذي ننصحك به هو أن تبحث لك عن امرأة دينة صالحة تصلح أن تكون أما لولدك وراعية لأسرتك وقائمة ببيتك، وهذه الأخت سييسر الله تعالى من يتزوج بها، ولكن مع هذا كله يجوز لك الزواج بها على حالتها هذه، ويجب عليك بعدها أن تحفظها وتقيمها على حدود الله تعالى.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقك الزوجة الصالحة، وأن يهدي هذه الأخت ويثبتها على دينه، ويصلحك ويصلحها، إنه جواد كريم.