الهروب من الدراسة أو تأجيلها ليس حلاً بل هو مشكلة إضافية

0 666

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د.محمد عبد العليم، قد تحسنت من ناحية أحلام اليقظة بنسبة 95% - والحمد لله - ولكن بقيت عندي مشكلتان: إحدهما عويصة جدا، وهي من ناحية الدراسة، وهي أني لا أستطيع الاستمرار على الدراسة، يعني أبدأ القراءة وأفهم وأحفظ، - والحمد لله - ولكن بعد ثلث ساعة تقريبا أفقد التركيز، ويتشتت ذهني، وأحس بكآبة في صدري وثقل في رأسي، وأحسهما جامدين، ولا أستطيع استقبال وإعطاء المعلومات، وجبهتي تصبح حارة، وأحس بحرقة في رأسي، كأن صدري ورأسي فارغان من الطاقة، وهذا يبقى معي يوما أو يومين أو أكثر، وبعدها تصبح عندي ردة فعل، حتى أهلي يتكلمون علي، يقولون ماذا نفعتك هذه الحبوب التي تأخذها، أنت ليس لديك رغبة في الدراسة، أنت لا تستطيع على السادس علمي، أترك الدراسة واعمل أي عمل، وأنا واثق من نفسي أني أستطيع التفوق وليس النجاح فقط.

مع العلم أني وضعت مدرسا خصوصيا لمادة الرياضات، وأنا جيد في المحاضرات، ولكن ما إن أقرأ المادة حتى أحس أن رأسي يتشوش، وأحس أنه جامد، فما الذي أفعله؟ أرشدني – يا دكتور - فرج الله همك وحفظك وأولادك.

المشكلة الثانية هي الرهاب الاجتماعي، أنا - والحمد لله - أسوق السيارة الآن، وأخرج إلى مناطق بعيدة بمفردي، ولكني لا أعرف كيف أرد على الكلام بشكل منظم، ولا أستطيع التواصل جيدا مع من يكلمني، وتركيزي قليل في الأعمال التي أقوم بها.

أرجو – يا دكتور - أن نبقى على تواصل دائم؛ لأنه لم يبق لدينا أطباء جيدون في العراق، وأنا ذهبت لدكتور نفسي قبل حوالي سنة وأعطاني حبوبا في الحبة الواحدة خلطة، بقيت ثلاثة أيام أحس بنشاط غير طبيعي كأني أريد أن أشق الأرض شقا، حتى أني أنام متأخرا، أنام تقريبا أربع ساعات، وأقوم وصدري منشرح، وأقوم الليل أيضا، ولكن بعد يومين أو ثلاثة رجعت كما أنا، ولا أعرف السبب، ولم أذهب إليه مرة ثانية.

مع الملاحظة أني في السنة السابقة التي رسبت فيها كنت أفقد تركيزي أيضا، ولكني أستمر وأقول سوف أتعود على القراءة، ولكني في آخر السنة في الامتحانات رسبت، حتى أني أخذت 52% بمادة الإسلامية، وأنا آخر امتحان أخذت فيها قبل الامتحانات الأخيرة 90% والحمد لله على كل حال، ماذا أفرق عن الناس؟ هل هم أفضل مني أم أنا ليس لدي عقل أو ينقصني شيء؟

أنا شاب طموح، كنت منذ الصغر أطمح أن أصبح طبيبا، وأهلي كانوا ينتظرون مني الكثير، وأمي تقول لي أنت سوف تصبح طبيبا - إن شاء الله – منذ الصغر، فلماذا إذن؟

أخيرا: أنا لازلت في بداية كل المواد الدراسية في بداية الصفحات الأولى، وأريد أن آخذ رأيك – يا دكتور محمد - هل أترك هذه السنة وأبحث لي عن أي عمل ومن ثم أعود بعد سنة أو سنتين إلى الدراسة؟ أم أكمل دراستي رغم حالتي؟

وجزاك الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Thamer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا سعيد جدا بتحسنك فيما يخص أحلام اليقظة، وهذا دليل قاطع أن معدل القلق لديك قد قل كثيرا، وبالنسبة للدراسة - والدارسة هي استشعار للمسئولية - متى استشعرت المسئولية بأهميتها ترتفع همتك، هذا ضروري.

الأمر الثاني: أريدك أن تبدأ الدراسة دائما بعد صلاة الفجر، هنا يكون مستوى التركيز عاليا جدا، والحالة الذهنية مستقرة للإنسان، ودائما في البكور البركة، واجعل لنفسك وقتا ثابتا في الصباح من أجل المذاكرة والحفظ، وهنالك تجارب إيجابية كثيرة جدا في هذا السياق.

ثالثا: حين تحس بالملل أترك الدراسة لفترة خمس إلى عشر دقائق، قم بأخذ نفس عميق خلال هذه الفترة، وتناول كوبا من القهوة، وبعد ذلك ارجع إلى الدراسة مرة أخرى، وحين يأتيك الملل مرة ثالثة اذهب واقرأ شيئا من القرآن الكريم بتدبر وتمعن، مع أخذ نفس عميق ثم ارجع إلى ذلك، وإذا أتتك عدم الرغبة في المرة الرابعة في نفس الجلسة بعد ذلك غير المادة التي تدرسها وتنتقل إلى مادة أخرى.

أخي الكريم الأمر واضح، ويمكنك أن تتغير إذا استشعرت أهمية الدراسة والتعليم والطرق التي ذكرناها لك هي طرق معروفة ومجربة، ولكن في نهاية الأمر إرادتك هي التي سوف تحدد ذلك، ولا مانع أيضا من ممارسة التمارين الرياضية البسيطة بين كل جلسة للدراسة وأخرى، هذا هو الذي أود أن أنصحك به، مع ضرورة أن تحافظ على الأدوية وتناولها بصورة دائمة، فإن شاء الله سوف تجد فيها الفائدة.

هذا الدواء الذي كتبه لك الطبيب وأدى إلى ارتفاع مستوى اليقظة لك لا علم لي به، ولكن ربما يكون أحد الأدوية التي تزيد من النشاط الذهني وكذلك النشاط الجسدي.

أخي الكريم: اجعل أهدافك واضحة في الحياة، وضع الآليات المعقولة التي توصلك إليها، وتوكل على الله، واسع، وإن شاء الله تعالى سوف تصل إلى ما تصبو إليه.

أنا لا أنصحك أبدا بتأجيل الدراسة، إنما البداية الصحيحة، والاجتهاد حسب ما ذكرناه، وما يقوله أهلك: سوف تصبح طبيبا، وهذا يجب أن يكون عامل دفع بالنسبة لك، وهم ينظرون إليك نظرة إيجابية، ولابد أن تكون لديك المبشرات والمقدرات والصفات والسمات التي أقنعتهم بذلك.

سؤالك الذي طالبتني بالإجابة عليه وهو ما الفرق بينك وبين الناس، والفرق بينك وبين الناس أنك تنظر إلى نفسك بصورة سلبية، وهذا هو الفرق الوحيد، إذا نظرت إلى إيجابياتك وركزت عليها، وأوقفت هذه النظرة الانتقائية السلبية حول مقدراتك ومحاولتك أن تجد العذر لنفسك بعدم المذاكرة، هذا قطعا هو الفشل نفسه، فأرجو أن تقيم نفسك بصورة إيجابية، وأن تكون أكثر التزاما من أجل النجاح.

ونسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات