السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
بداية أحب أن أحييكم على هذا الموقع، أنا شاب خاطب منذ سنة، وعند خطوبتي فكرت بعقلي وليس بقلبي، وكانت أسرتي ترغب في هذا الزواج، وجئت من الخارج كي أخطب، ووجهني أبي إليها، ذهبت لأراها حتى أخطبها، وأحسست أنها لم تلفت انتباهي بالمرة، والمتقدمون لها كثر؛ لأنها ذات أخلاق ودين، ومن أسرة طيبة جدا، وملتزمة جدا، ووالدها ووالدتها لهم مكانة في البلد، وبعد الخطوبة أحسست أنني لا أرغب فيها، واستمرت الخطوبة سنة، وتأتي علي لحظات ندم كثيرة، أحسست أنها ليست بالجمال الذي أرغب فيه، جمالها متوسط، وأنا في حيرة من أمري، أخاف أن أتركها وأظلمها، لأنها محترمة ومتدينة، وأهلها كنت أتمنى أن أناسبهم، ولكن عند الخطوبة نظرت إلى الأخلاق والدين وخطبتها، وأنا في حيرة من أمري، هل أكمل الخطوبة على أساس اختيار الدين والأخلاق؟ أم أتركها بحجة أنها ليست جميلة؟
أرجو الإجابة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
لاشك أن موقفك في اختيار الزوجة موقف فيه قدر كبير من الصواب والحكمة، وهو أن يعتني الإنسان باختيار الزوجة بأمور عديدة، وليس بالجمال وحده، وأخلاق المرأة ودينها من أهم الأمور التي ينبغي أن يلتفت إليها في اختيار الزوجة، وقد كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمن يريد الزواج أن قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) فدين المرأة أيها الحبيب هو جمال الباطن، هو الذي به تدوم العشرة بين الزوجين، فإن الجمال الظاهر قريبا ما يمله الإنسان بسبب كثرة المخالطة للزوجة، وبسبب تقدم السن بعد أيام، ولأسباب كثيرة، ولكن يبقى الجمال الباطن هو الذي يبعث على الوئام والتوافق بين الزوجين، ولهذا كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم وصية محكمة في هذا الباب.
نعم ينبغي للإنسان أن يتزوج وأن يختار في الزواج من يسره النظر إليها، ولهذا كانت وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضا لمن خطب امرأة فجاء إليه فأخبره فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) يعني أن تطول العشرة والألفة بينكما.
فهما جانبان مهمان في الحقيقة، إلا أن أحدهما أهم من الآخر، فأخلاق المرأة ودينها أهم من جمالها، وهذا لا يعني أن يغفل الإنسان القدر الذي تحتاجه نفسه من الجمال لتسكن نفسه إلى الزوجة، فإن الله عز وجل شرع الزواج لتكون المرأة سكنا لزوجها ويكون الزوج سكنا لزوجته.
فإذا كنت تجد هذا القدر من الجمال وهو القدر الذي يدعوك إلى نكاحها والاكتفاء بها، فنحن ننصحك أن لا تفرط فيها بحثا عمن هي أجمل منها، فإن الجمال متفاوت أولا، ثم عزيز ونادر جدا أن تجد امرأة يجتمع فيها كل ما تريده من الصفات والخصال الطيبة، لكن إذا كانت هذه المرأة لم تلائمك من حيث جمالها ولم تقتنع بها، وتشعر بالنفور منها أو عدم الارتياح لها - وهذا قبل الزواج – فأحرى أن يكون الأمر كذلك بعد الزواج.
ولذا فنصيحتنا لك أن تتركها في أول الطريق، وتبحث عن غيرها، ولكن ينبغي أن تخرج هذا الاعتذار بأسلوب حسن بحيث لا يؤذيها، ولا تصرح بالسبب الحقيقي وراء تركك لها، ويمكن أن تعتذر للناس بأنواع التورية – يعني بالكلام الذي يفهم المستمع غير المراد منه - .
وبهذا تكون أخرجت نفسك من الارتباط بهذه الفتاة التي لا تحبها ولا تميل إليها، وجنبت نفسك أيضا ما قد ينشأ عن تركك لها من إساءة ونحو ذلك، وليس ظلما من أحد الخاطبين في ترك الخطبة وفي فسخه، فلا يحرم على المرأة أن تفسخ الخطبة إذا رأت أن المصلحة في فسخها، ولا يحرم كذلك على الرجل أن يفسخ الخطبة إذا رأى مصلحة في فسخها، فليس ظلما، لكن ينبغي الوفاء بهذا الوعد، وهو وعد التزوج ما دامت قد حصلت خطبة، إذا كان الأمر ممكنا دون أن ينشأ عنه نفرة من الزوجين، أو أن يؤدي إلى تقصير في حقوق أحد الطرفين ونحو ذلك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرزقك الزوجة التي تسكن إليها نفسك وتقر بها عينك.