نصائح لفتاة في عدم احترامها لأبيها لجفوته

0 599

السؤال

السلام عليكم
أعاني من مشكلة كبيرة:
أنا لا أحترم أبي أبدا! دائما أصرخ في وجهه وأرفع صوتي عليه، حقا أحتقر نفسي وأبكي ندما، لكن لا ينفع الندم! وبالعكس أحترم أمي كثيرا وأحبها لأني أحس أنها تفهمني وقريبة مني.

بالنسبة لأبي لا أرى فيه قدوة، في بعض الأحيان أنا من يرشده ماذا يفعل! ومعاملته معي أحس أنها جافة للغاية، أسمع كلمة (ابنتي) مرة في الشهر فقط!

كلما أعد نفسي أن أحترمه أجدني أعود لعصبيتي معه.
أرجوكم أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ B_yousra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (إسلام ويب)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يغفر لك وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يوفقك لبر والدك والإحسان إليه وإكرامه ومعاملته كما أراد الله ورسوله.

بخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – من أنك لا تحترمين الوالد ودائما تصرخين في وجهه، وترفعين صوتك عليه، ثم تعودين إلى الندم والبكاء نتيجة هذا التصرف، وتقولين: من أسباب ذلك أن والدك تشعرين أن معاملته جافة لك للغاية ولم تسمعي منه كلمة (ابنتي) إلا قليلا، وكلما تحاولين أن تحترميه تجدين نفسك تعودين للعصبية معه.

أولا: ابنتي الكريمة! أحب أن أقول لك بأن هذا التصرف يجعلك على خطر عظيم جدا، وثقي وتأكدي من أن هذه الصورة من المعاملة السيئة سوف تدفعين ثمنها غاليا في الدنيا والآخرة؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بالإحسان إلى الوالدين حتى وإن كانا على غير الإسلام، خاصة في مراحل تقدم السن وبلوغ العمر أرذله، كما قال الله تبارك وتعالى: (( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ))[الإسراء:23].

إذا كان الله تبارك وتعالى قد نهانا أن نقول للوالد أو للوالدة كلمة (أف)، كما يقول العلماء: لو أن هناك أقل منها لنهى عنه الله تبارك وتعالى. فأنت على خطر عظيم جدا، ولذلك أنصحك بضرورة ضبط نفسك قدر الاستطاعة، وألا تستسلمي أبدا للشيطان الذي يجعلك تسيئين المعاملة مع والدك.

نعم قد يكون الوالد بتصرفاته وبجفافه وجفوته وقسوته معك هو السبب الرئيسي، ولكن حتى وإن كان هو كذلك فلا ينبغي أبدا بحال أن تعامليه أنت بهذه المعاملة؛ لأن هذه لا تليق بفتاة صالحة تحب الله ورسوله.

لذلك ينبغي عليك بارك الله فيك إذا أخطأ الوالد خطأ وإذا شعرت بأنك سوف تنفعلي أن تتركي المكان الذي فيه الوالد مباشرة، وأن تستعيذي بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن تنفثي عن يسارك ثلاث مرات وأن تبتعدي عنه تماما، حتى لا تطلقي عبارة من العبارات التي لا تليق بمقام الأبوة.

حاولي قدر الاستطاعة، وأنا واثق أنك ستتعبين في أول الأمر، ولكن صدقيني سوف يأتي وقت تشعرين بأنك قد ارتحت راحة عظيمة جدا، وأنك أصبحت مسيطرة على نفسك.

إذن كلما شعرت بأول بوادر وبأول موجة الغضب والصراخ ورفع الصوت اتركي المكان فورا وابتعدي عنه، حتى وإن لم تتكلمي، وحاولي قدر الاستطاعة أن تمسكي فمك فلا ينطق، وأن تحاولي أن تطبقي شفتيك على فمك فلا تخرج كلمة واحدة.

قطعا ستشعرين بأنك تكادين أن تنفجري، لأنك تعودت أن تعبري عن مشاعرك بقوة وأن ترفعي صوتك وأن تصرخي في وجهه، وفي الأيام الأولى سوف تعانين معاناة شديدة، خاصة أن الشيطان الآن فرح بك فرحا شديدا، لأنك الآن كلما فعلت معصية ازداد غضب الله عليك، والنبي عليه الصلاة السلام يقول: (ملعون من عاق والديه)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة عاق)، وهذا الذي تفعلينه من أشد أنواع العقوق؛ لأن هذا يتعارض مع نصوص القرآن خاصة ونصوص السنة أيضا كذلك.

كلما شعرت بأنك ستبدئين في الخطأ اتركي المقام تماما وابتعدي، حتى ولو أن تدخلي إلى غرفتك وتغلقي على نفسك الباب، وتكلمي مع نفسك لكي تخرجي هذه الشحنة ولكن بصورة أخف وأنت بعيدة عن الوالد، ثم مرة بعد مرة تبدئين تدريجيا، كلما شعرت بالرغبة في الغضب اتركي المكان واذهبي بعيدا، وأغلقي عليك باب غرفتك، وحاولي أن تتكلمي فيما بينك وبين نفسك ولكن بصوت لا يسمعه الوالد، حتى تخرجي هذه الشحنة السلبية، كرري هذا، ثم بعد ذلك سيأتي يوم تشعرين بأنك بإذن الله تعالى قد تملكت نفسك وأصبحت قادرة على التحكم في نفسك.

هذه المرحلة الأولى، ثم بعد ذلك أيضا لماذا لا يكون بينك وبين الوالد حوار؟ لماذا لا تجلسين مع الوالد وتتكلمين معه وتقولين: (يا والدي! إن الذي يدفعني إلى ذلك إنما هو: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة) وتعددين له السلبيات التي تحدث منه، وتقولين له: (أعني على برك بأن تعاملني معاملة حسنة، وسوف بالتالي أعاملك معاملة بالإحسان إحسانا)، حتى تستطيعي أن تتفاهمي معه؛ لأن هذا واجب شرعا حتى تضعي حدا لهذه التصرفات التي تعرضك لغضب الله وعقابه.

أنت تحترمين أمك وتحبينها لأنك تشعرين بأنها تفهمك وأنها قريبة منك، وطبعا والدك لا يريد أن يسيء إليك، يستحيل أن يكون هناك أب يريد أن يسيء لابنته أو يريد أن يحتقرها أو يريد أن يوبخها أو يعنفها بدون سبب.
وثانيا على ذلك: قد يكون والدك معذورا؛ لأن هذه هي التربية التي تلقاها، لعله لم يتدرب على كيفية التعامل مع الناس بطريقة حسنة، وهذا الذي تعلمه من الأسرة التي انحدر منها.

لا ينبغي أن نجعل حياته عقابا، خاصة من أحب الناس إليه ومن أقرب الناس له، فأتمنى منك -ابنتي يسرى- كلما شعرت فعلا ببداية نوبة الغضب أن تتركي المكان وأن تذهبي بعيدا عن الوالد وأن تغلقي غرفتك على نفسك، وإن شعرت بأنك لابد أن تتكلمي فحاولي أن تتكلمي بصوت أخفض من الصوت الذي كنت تتكلمين به مع الوالد، وتستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وتنفثي على يسارك ثلاث مرات، ومرة بعد مرة صدقيني سوف تكسبين مهارة التحكم، وهذه سوف ترفع مقامك عند والدك، وفي المستقبل إذا من الله عليك بزوج سوف تجدين نفسك قادرة على السيطرة على عواطفك ومشاعرك.

أسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يعافيك من هذه العصبية، وأن يعينك على بر والديك وإكرامهما والإحسان إليهما ومعاملتهما بالمعروف، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات