السؤال
السلام عليكم
في رمضان أمضيت ليالي لا أستطيع فيها النوم؛ وذلك لأن أقاربي يسهرون كثيرا، وأنا لا أستطيع أن أنام وسط الضجيج مهما بلغت من النعاس.
كذلك لاحظت على نفسي أني منذ الصيف إذا حضرت حديثا أو اجتماعا عائليا لا أنتبه لما يقال كثيرا، ولا أخرج منه بالكثير، أي لا أتذكر منه شيئا تقريبا، عندما أقرأ القرآن، فأنا أقوم بمجرد التصويت له ولا أعي بعد الانتهاء ما قرأته، لعل سبب ذلك أني لا أفهم معانيه، إلا أن ذلك لا يقتصر على القرآن فقط، بل أحيانا عندما أقرأ أي شيء على الناس لا أعي ما أقرأه عليهم جهرا: فكأني آلة تقوم بالتصويت فقط، كذلك في المحاضرات يمر وقت طويل ولا أنتبه لما يقال، وأحيانا لا أنتبه للأصوات التي حولي.
علما بأني عندما كنت صغيرا كانت لدي مشكلة في الأذنين، وأن العائلة أخبرتني أنني لم أكن أسمعهم في تلك الفترة أو بالأحرى لم أكن أنتبه لأصواتهم؛ لأني أتذكر في تلك الفترة حادثة، وهي الموالية: أكون ألعب وينادونني عدة مرات قصد التثبت من سمعي ولا أنتبه لذلك بوعيي، ثم أنتبه وأقول لهم: لماذا ترددون علي النداء؟ والظاهر أني أكون في غفلة أو غير منتبه لأصواتهم، فعندما يكثرون علي النداء أنتبه، وقد ذهبت لطبيب الأذن حينها، ووضع لي قطعا بلاستيكية مدورة داخل أذني، وأوجب علي عدم إيصال الماء إليهما، وتحسنت بعد ذلك.
أما الآن فأظن أن المشكلة هي أنني أغرق بالتفكير في نفسي، ولا أنتبه للأصوات، مع العلم أني تربيت وحيدا في صغري، ولم يكن لي إخوة أو أصدقاء أنشأ معهم، وذلك تقريبا إلى سن خمس سنوات حسب ما أذكر، فكيف أستطيع أن أحسن من انتباه حاسة السمع لدي؟
عموما أحس أني أتواصل أحسن بكثير بالكتابة من التكلم على مستوى تنظيم الأفكار، والإضافة عليها في نفسي، كذلك عندما أكون بين الناس أحس أني أفقد القدرة على التفكير نسبيا، ولا أفكر كما أريد أنا، فإذا ما عدت إلى غرفتي وانعزلت عدت أفكر كما أريد، فما هي إرشاداتكم في هذا الموضوع؟
شكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن مشكلة الأذن التي كانت لديك يظهر أنه قد تم علاجها، وهذه القطع الصغيرة البلاستيكية التي وضعت داخل الأذن مهمة جدا؛ وذلك لمنع تكون أي سوائل يعيق السمع، وقد أحسن الطبيب الذي قام بهذا الإجراء.
بالنسبة لضعف التركيز وسوء الانتباه الذي يأتيك، وعدم مقدرتك على مجارات الحوار الذي يدور بين الناس حتى وإن كانوا من أهلك، وكذلك إحساسك بأنك تفقد القدرة على التفكير نسبيا، فهذا ناتج من قلق نفسي، فالقلق النفسي يجعل الإنسان يشعر بتفكيره وذهنه، ويؤدي إلى كثير من التشتت، وبمرور الوقت يشعر الإنسان أنه عاجز في مثل هذه المواقف الاجتماعية التي تتطلب التداخل والحوار مع الآخرين، ومن ثم يحدث شيء مما نسميه بالرهاب الاجتماعي البسيط، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.
إذن الأمر كله يتعلق بالقلق النفسي، وأهم شيء لعلاج القلق هو أن تستشعر دائما أنك لست بأقل من الآخرين في مقدراتك.
ثانيا: أنصحك بأن تمارس الرياضة، الرياضة مثل الجري أو المشي أو ممارسة كرة القدم تزيد من فعالية الإنسان فيما يختص بالتركيز عند التفكير؛ لأن الرياضة تجدد الطاقات الداخلية والفسيولوجية، وتحسن من وضع مواد معينة في الدماغ تسمى بالمرسلات أو المستقبلات أو الموصلات العصبية، فأرجو أن تعطي الرياضة اهتماما كبيرا، وأنصحك أيضا بأن تأخذ قسطا كافيا من الراحة.
أنصحك أيضا بقراءة مواضيع قصيرة أكثر من مرة، حاول أن تقرأ الموضوع أكثر من مرة، وقل لنفسك: (لا هم لي غير أني أقرأ هذا الموضوع)، بعد ذلك حاول أن تستعرضه مع نفسك.
قراءة القرآن الكريم بتدبر وهدوء ودقة، وتفهم معانيه، يساعد كثيرا في تحسين الذاكرة والانتباه.
وبجانب هذه النصائح أود أن أصف لك دواء بسيطا يساعدك في تحسين التركيز، وذلك من خلال إزالة القلق والتوتر الداخلي الذي تعاني منه، الدواء يعرف تجاريا باسم (تفرانيل) ويعرف علميا باسم (إمبرامين)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام، تناولها يوميا لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها خمسة وعشرين مليجرام، تناولها يوميا واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الدواء دواء بسيط وسليم، ولن تشعر بأي آثار جانبية، بخلاف أنه ربما يسبب لك شعورا بالجفاف في الفم في الأيام الأولى للعلاج، بعد ذلك سوف يختفي هذا العرض إن حدث.
هناك دواء آخر ينشط من الدورة الدموية في الدماغ، ويعرف عنه أنه يحسن التركيز، خاصة إذا كان الأمر متعلقا بالسمع أو الأذن، الدواء يعرف باسم (نتروبيل)، أرجو أن تتناوله بجرعة أربعمائة مليجرام صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها أربعمائة مليجرام صباحا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه العلاجات الدوائية بسيطة وسليمة وسوف تساعدك كثيرا، وعليك أن تطبق ما ذكرناه لك من إرشاد، وأرجو أن تركز على دراستك، وتضع هدفا في حياتك لتكون من المتميزين، نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.