السؤال
أنا طالب في العشرين من العمر، الحالة المادية جيدة - والحمد لله - مشكلتي أني أحببت فتاة بنفس عمري، وقبل أن أتكلم معها عرفت أنها كانت تكلم أحد أصدقائي، وآخر بعده، أعلم أنك الآن أخذت فكرة غير جيدة عن هذه الفتاة، وأنها تلعب بالشباب، ولكن لا، أنا أعلم أيضا أنها تصلي وتصوم، ومتحجبة، أبواها محترمان جدا، والدها لا يترك فرضا إلا ويصليه في المسجد، أعلم أن من الواجب أن أترك ذلك، مع أني لم أتكلم معها قط، وأعز صديقاتها تعتبرني أخا أكبر، والفرق السني أقل من نصف عام، فكيف أتركها ولا أفكر فيها؟
مع أني لم أكن أصلي إلا قليلا من الجمعة إلى الجمعة، وأحيانا لا، أنا الآن أصلي وأمارس الرياضة، فماذا أفعل؟ وهل يمكن أن أرتبط بها ونعيش مع بعض أم لا حتى لو آجلا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم.
وبخصوص ما ورد برسالتك أقول لك: إن هذه القضية من القضايا التي ليست سهلة، فقضية علم الرجل بامرأة أن لها علاقة بشباب قبل ارتباطه بها أمر من الصعب نسيانه؛ إذ أن الإنسان في هذه الحالة كلما رأى هذا الشاب سوف يتذكر أنه كانت بينه وبين زوجته علاقة، وهذا الأمر سيعكر عليه صفوه ويفسد عليه حياته، فهذا الشاب صديقك الذي تعرفه كلما رأيته تذكرت أن هذا الشاب كانت له علاقة بزوجتك،وبالتالي سيقض عليك مضجعك ويجعلك في حالة من عدم الاطمئنان لزوجتك، بل ويجعلك في حالة من عدم الراحة والاستقرار؛ ولذلك فإن هذا الأمر ليس من الأمور السهلة.
نعم إن الأخت الآن قد تابت إلى الله تعالى وأصبحت تصوم وتصلي، ولبست الحجاب، وأهلها أسرة فاضلة، ولكن هذا في حد ذاته أيضا قد لا يكفيك أنت، فهذا متوقف على شخصيتك، فهناك من الرجال من يعفو ويصفح ويحاول أن ينسى ولا يؤثر الماضي فيه كثيرا، وهناك من الرجال من لا يمكن أن ينسى مطلقا ولا يصفح ولا يعفو، بل إنه قد يتزوج وقد يكون له منها أبناء كثر ورغم ذلك لا ينسى هذا الأمر، خاصة وأنه يعرف الأشخاص الذين لعبوا دورا معينا مع زوجته قبل أن يتزوجها.
فهذا متوقف عليك أنت - أخي الكريم - نعم من الممكن أن تكون الأخت قد تابت إلى الله تعالى، وأنها كانت تفعل ذلك في مرحلة الطيش والمراهقة لكنها بعد أن تعقلت وتقدم بها السن وأصبحت في العشرين أصبحت أختا فاضلة ولا تقيم علاقات مع أي أحد ولا تتكلم مع أي أحد، وأنها قد تابت إلى الله، والنبي عليه صلوات ربي وسلامه يقول: (من تاب تاب الله عليه).
فأنت بارك الله فيك ينبغي عليك أن تنظر في هذه المسألة من هذا الباب، فإذا كنت من النوع الغيور شديد الغيرة الذي يؤلمه هذا الماضي ولا يمكن أن ينساه، فأنا أنصح أن لا ترتبط بها حتى وإن كانت من أصلح نساء الدنيا، لماذا؟ لأن هذا الأمر قد يتضخم عندك، وخاصة بأن الشيطان يعرف هذه النقطة، فدائما يذكرك بها، وكلما رأيت هذا الأخ أو غيره من الذين كانت لهم علاقة مع زوجتك فسوف يقول لك الشيطان هذا الذي كانت به علاقة بزوجتك، ولا أدري ماذا فعل بها، وأنت تقول ماذا فعل بها، وتعيش في دوامة نفسية كبيرة.
ومن هنا فإني أقول لك أخي الكريم الفاضل: كم أتمنى أن تعيد النظر في موقفك، نعم الأخت قد تابت وهذا بلا شك شيء عظيم ورائع، وقد تكون فعلا قد فعلت ذلك كما ذكرت لك في حالة غفلة وعدم إدراك لعواقب الأمور، وفي حالة طيش وعدم تركيز، ولكنها أصبحت الآن صالحة صوامة قوامة، ولكن هل يا ترى أنت ستقبل هذا الوضع؟ هل يا ترى أنت فعلا ستعفو عنها كما عفى الله تعالى عنها؟ هل يا ترى أنت ستغفر لها كما غفر الله لها أم أنك سيظل هذا الأمر يطاردك؟
أخي الكريم: نحن هنا من هذا الموقع وخاصة الاستشارات أننا نرى أن إحساس الرجل بأن خطيبته كانت تتكلم مع قريب لها قبل أن يعرفها بعشرين عاما فإن هذا الأمر يؤلمه وقد يجعله لا يستطيع أن ينام، وقد يفكر تفكيرا جديا وقويا في أن يطلقها رغم وجود الأطفال.
فأنا أقول لك بارك الله فيك: انظر في نفسك بارك الله فيك، فإن كنت من النوع الذي يستطيع أن يقبل وهذا الأمر سوف يمر على خير، فأنا أرى أن تتوكل على الله وأن لا تتركه؛ لأنه الآن أصبح فيها خير، وإن كنت ترى أنك من النوع الذي سوف يظل يحتفظ في ذاكرته بهذا الماضي المظلم فأرى أن تتركها وأن تبحث عن غيرها، خاصة وأنك مازلت في العشرين من العمر، وقد لا يتيسر لك الآن أن تتزوج، فأنت الآن مازالت أمامك مرحلة دراسية، وتكملة المرحلة الجامعية، وقد يكون الوضع بالنسبة لك متيسرا، ولكن بالنسبة لأهلك قد لا يوافقوا على ارتباطك الآن.
فأرى بارك الله فيك أن لا تتعجل، وأرى أن تنظر في خاصة نفسك، ولا تضطر بعواطفك ومشاعرك الآن، وإنما أبحث في أعماق نفسك هل من الممكن أن تقبل ارتباطك بهذه الفتاة بماضيها أم ليس بمقدورك ذلك.
أسأل الله أن يشرح صدرك لكل خير، وأن يعينك على ذكره وحسن عبادته، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة تكون عونا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.