السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماذا أفعل بنفسي؟ والله إني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأخشى الله، ولكن ماذا أفعل بنفسي فحب تلبيتي لشهوتي قد أبعدني كثيرا؟
ولكن عندما أسمع أحدا يقرأ القرآن أقف بخشوع وبكاء، ويزداد حبي لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبعد ساعات بل لحظات يزول ذلك التأثر، وأعود لممارساتي اليومية، وهي مشاهدة المسلسلات والبرامج الترفيهية، وبعدها الذهاب للإنترنت، والرد على مواضيعي في المنتديات والمشاركات، وللعلم كل مشاركاتي لا توجود فيها فائدة للأعضاء.
بعد ذلك بدأت نفسي تطلب مني أشياء وأشياء، ومشاهدة الصور الإباحية، والآن تطلب مني المزيد كمشاهدة الإباحية وغيرها! ماذا أفعل بنفسي؟
لا أستطيع تحمل نفسي، ماذا أفعل فأنا لا أستطيع رفض طلباتها، فهذا صعب علي؛ لأنها ترغمني على فعلها؟
أفكر أيضا إذا تبت فالذكريات والصور لا زالت في ذهني وسأتذكرها.
أرجوكم أعينوني، فأنا أحس أن الدنيا قد ضاقت علي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يقين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (إسلام ويب)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.
أقول لك أختي الكريمة، لدي سؤال: هل أنت فعلا واثقة من أنك تريدين التوبة؟ إذا كنت جادة ابنتي الكريمة يقينا! فثقي وتأكدي من أن الله تبارك وتعالى سوف يعينك، بعض الناس يتمنى التوبة ولكنه يريدها أن تأتيه جاهزة معلبة، وهذا أمر في حكم المستحيل؛ لأن التوبة عمل لا يستطيع أن يقوم به أحد سوى الشخص الذي تدنس بالمعاصي والذي أحترق واكتوى بنار البعد عن الله جل جلاله، ومخالفته هدي النبي محمد عليه صلوات ربي وسلامه.
أنا أقول: أولا: ينبغي أن تكوني صادقة جادة في أنك ترغبين في التوبة يقينا، اسألي نفسك هذا السؤال: هل أنت يا نفسي فعلا تريدين التوبة إلى الله، والأوبة إليه والرجوع إليه، والبعد عن الحرام أم أنك تضحكين علي؟
بعد ذلك إذا وجدت جوابا مشجعا، وقطعا لا بد أن تجديه؛ لأنه لا خيار أمامك، لا بد من اتخاذ الخطوة الثانية، وهي: القرار الجازم الحاسم الجامع المانع بالتوبة وضرورتها؛ لأنه إذا لم نفعلها فقد أوقعنا أنفسنا في حمأة المعاصي والبعد عن الله جل جلاله، بل وكنا من الظالمين، قال تعالى: ((ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون))[الحجرات:11]، بل وقد نتعرض لسخط الله وغضبه وعقابه العاجل -عيإذن بالله تعالى-.
إذن لا بد أولا: من معرفة: هل أنت جادة في التوبة أم لا؟
ثانيا: أخذ قرار قوي وشجاع بضرورة التوبة على اعتبار أنها الحل الوحيد الذي أمامنا، ولا حل سواه.
ثالثا: البدء في تنفيذ أركان التوبة؛ لأن التوبة حتى تكون جادة مصادقة لها أركان، وهذه الأركان لا بد منها ولا خيار أمامك ولا أمام أحد من الناس، أيما تائب أراد أن يتوب إلى الله فلا بد له من هذه الأركان:
الركن الأول: الإقلاع عن الذنب فورا، إذن لا بد من التوقف نهائيا عن هذه المشاهدات وعن الدخول لتلك المواقع، وهذا يحتاج إلى خطوة عملية أخرى، هذه الخطوة: ضرورة التخلص من هذه الأجهزة التي تعينك على المعصية، فإذا كان هذا الجهاز الكمبيوتر معك في غرفتك فلا بد من إخراجه بعيدا عن يديك حتى تكونين في منأى من استحواذ الشيطان عليك، لا بد من إخراجه إلى خارج الغرفة؛ ليكون في مكان عام حتى لا تضعفين أمامه كما يحدث الآن.
كذلك أيضا فيما يتعلق بالمسلسلات والأشياء الأخرى التي تشاهد مثلا عبر التلفاز من الممكن بإذن الله تعالى اتخاذ مثل هذه الخطوة، فإذا كان التلفاز في غرفتك لا بد أن يخرج، وإذا كان في مكان عام فاجتهدي بأن لا تجلسي أمامه طويلا، حددي ساعات الجلوس في الأول لمشاهدة الأشياء المفيدة والهادفة والنافعة، ثم إذا انتهى الموعد قومي فورا ولا تنتظري ولا تستسلمي لنفسك فإن نفسك لأمارة بالسوء وسوف تجرك مرة أخرى إلى الوقوع في المعاصي والتدني، والبعد عن الله تبارك وتعالى.
إذن هذه الخطوة الأساسية الضرورية جدا: ضرورة أن تتخلصي من تلك الأجهزة، وأن تخرجيها من غرفتك، وأن تجعليها بعيدة عن متناول يديك، حتى لا تضعفي أمام رغباتك النفسية، وشيطانك الذي يأمرك بالفحشاء والمنكر.
هذا هو الحل الوحيد والأمثل - ابنتي الكريمة - وبغيره لن تستطيعي أن تصنعي شيئا، فإن الميت مهما أعطيناه من مقويات لا يستطيع أن يحيا لأنه قد مات، أما الإنسان المريض إذا أخذناه وساعدناه على العلاج الطبيعي، وتناول الأدوية والعقاقير في حينها فإنه سيبرأ -بإذن الله تعالى-، إذا كان فعلا جادا وراغبا في الشفاء والعافية، يتوجه إلى الله بالدعاء، ويأخذ بالأسباب، فيعافيه الله تبارك وتعالى.
لذلك أقول: الخطوة الأساسية والأولى: ضرورة إخراج هذه الأجهزة من غرفتك نهائيا، وعدم الجلوس إليها، والإنصات لقلبك الذي يقول لك: (بأن هذه الأشياء ليس فيها شيء، دعينا ندخل الآن للمواقع المحترمة والنظيفة ولا ندخل إلى الأماكن المحرمة)، هذا أختي الكريمة قد تبدئين الدخول للمواقع النظيفة ثم لا يلبث الشيطان أن يضغط على يدك لتضغطي على زر لتدخلي إلى المواقع الإباحية والمحرمة.
إذن هذا هو العلاج ولا علاج سواه، دعيك من أنك غير قادرة على رفض طلبها، هذا وهم، هذا وهم؛ لأن الله تعالى جبلك على الخير، وهذه المعاصي أنت اكتسبتها من تكرار مشاهدة هذه الأشياء أصبحت نفسك تحبها وتميل إليها، وأنت تستطيعين أن تفطميها، الطفل يظل يرتضع من ثدي أمه عامين كاملين، وعندما تحاول أمه أن تعظمه يقاوم، ولكنه مع تكرار المحاولة يتوقف عن طلب الرضاعة، ويتحول إلى شيء آخر، وأنت الآن نفسك اشتهت الحرام، ومالت للحرام، وأحبت الحرام، فليس من السهل فعلا أن تتخلص منه، ولكن لا بد من تخلصها؛ لأنه إذا تركناها ستفسد عليك دنياك وآخرتك.
الله تبارك وتعالى يقول: ((قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها))[الشمس:9-10]، ويقول: ((فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى))[الليل:5-10]، والله تبارك وتعالى يقول: ((ولمن خاف مقام ربه جنتان))[الرحمن:46]، وقال: ((فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى))[النازعات:37-41].
عليك بارك الله فيك بضرورة التوقف وعدم الاستجابة لنفسك مهما كانت، وحاولي أن تشغلي نفسك بأي شيء آخر في حياتك شيء مفيد هادف، قراءة شيء من الكتب المفيدة، قراءة شيء من القرآن الكريم، حضور مجالس العلم، حلقات الذكر، الانشغال بتعلم بعض الحرف، كحرف الخياطة أو التريكوه أو غير ذلك، وأبشري بفرج من الله قريب، وعليك بالدعاء، عليك بالدعاء، عليك بالدعاء، والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعينك على شيطانك، وأنا واثق أنك قادرة على التخلص من هذه المعصية، فثقي بالله تعالى ثم ثقي بنفسك، وأحسني الظن بالله تعالى، وتوكلي على الله، واتركي هذه المحرمات وأخرجيها من غرفتك، وأبشري بفرج من الله قريب، واعلمي أن الله جل جلاله لا يضيع أهله، كما أخبرنا النبي المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام.
ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي: الإدمان على المواقع والقنوات الإباحية
(254209 - 267956 - 2111746).
أسأل الله أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يردك إليه ردا جميلا، إنه جواد كريم.