السؤال
وأنا أكتب لكم أحس بالخجل؛ لأنني لست صغيرة، مشكلتي دائما أني أسرق وأحتاج للمال لأشياء مختلفة، وفي لحظة لما يكون ليس لدي المال ساعتها أمد يدي على أشياء غيري، مع علمي الشديد بأنه حرام جدا، حاولت كثيرا أن أمتنع عن هذا العمل الفظيع، لكن لم أستطيع التوبة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رجاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن ييسر لك الهدى.
نحن نتفهم أيتها -الأخت العزيزة- حاجتك إلى المال، ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تجعلي من هذه الحاجة داعية لك للوقوع في كبائر الذنوب، فإن السرقة ملعون فاعلها؛ كما جاءت بذلك النصوص الشرعية، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده) فتفكري جيدا في هذه العقوبة التي يخبر بها نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي اللعن والطرد من رحمة الله تعالى، فأي شيء بعد ذلك من أعراض الدنيا ومن أموالها يقوم أمام هذه العقوبة العظيمة؟ نسأل الله تعالى العافية.
فمما يكسر شهوة نفسك إلى الوقوع في هذه الجريمة -أيتها العزيزة- أن تتفكري في العقاب الذي أعده الله -عز وجل- لهذا الذنب، فإن هذا الذنب استوجب أن تقطع اليد اليمنى التي سرقت مع جلالتها وأهميتها للإنسان، فتقطع في ربع دينار من الذهب فقط، وهذا يدلك على قبح هذا الذنب عند الله -سبحانه وتعالى-، ثم صاحبه بعد ذلك معرض للعنة الله والطرد من رحمته، فتفكري جيدا في العقوبات المترتبة على هذا الذنب، وتذكري الوقوف بين يدي الله يوم القيامة والفضيحة على رؤوس الأشهاد، فإن تذكر هذه المواقف يحول بينك وبين الإقدام على هذه المعصية مرة أخرى.
وكوني على ثقة -أيتها الأخت الكريمة- بأنك إذا اتقيت الله سبحانه وتعالى سيجعل لك مخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسبين، كما وعد بهذا سبحانه في كتابه، فقال جل شأنه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، كما جاء بذلك الحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وننصحك -أيتها الكريمة- ونوصيك بمحاولة التعفف والتقليل من الطمع والتطلع إلى أعراض الدنيا وأغراضها، فإن هذا مما يعين الإنسان على التعفف عن المال الحرام، فكوني مجاهدة لنفسك لا تسمحي لها بأن تتطلع إلى الكثير والاستزادة من أعراض هذه الدنيا وأغراض هذه النفس، وهذا يعينك -بإذن الله سبحانه وتعالى- على العفة والتعفف.
ثم نوصيك ثانية بطلب المال من الوسائل المباحة المشروعة، فحاولي أن تبحثي عن عمل يتلاءم معك تستطيعين من خلاله تحصيل حاجتك مع الحفاظ على دينك، وإن لم يتيسر لك ذلك إلى أمد فاستعيني ببعض محارمك ممن يمكن أن يعينوك ببعض أموالهم، وهي لهم صدقة وصلة.
وخير ما نوصيك به الإكثار من اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- ودعائه بصدق واضطرار بأن يقضي حاجتك، وأن يغنيك بفضله عمن سواه، كما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك أصحابه، فكانت من الدعوات العظيمة التي حفظت عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: (اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمن سواك) فتحيني أوقات الإجابة أو الأوقات التي ترجى فيها الإجابة أعظم من غيرها كالدعاء بين الأذان والإقامة وحال السجود والدعاء في الثلث الأخير من الليل، والدعاء حال الصيام، ونحو ذلك من الحالات الشريفة، وأحسني ظنك بالله -سبحانه وتعالى-، وسيجعل الله -عز وجل- لك فرجا ومخرجا يغنيك به عن الوقوع في الحرام.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير وييسره لك ويغنيك بفضله ويكفيك بحلاله عن حرامه.