السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاما، عزباء، موظفة، مشكلتي هي بأني تقدمت في العمر، ولم يتقدم لخطبتي حتى الآن أي شخص؛ مما جعلني أشعر بأني لست كباقي الفتيات، وشعوري الدائم بالنقص، وأني أقل منهن، بالرغم من أنه لدي شهادة ووظيفة ممتازة وعلى قدر من الجمال.
صرت أتجنب اللقاءات العائلية والزيارات والمناسبات الاجتماعية، لأنه دائما عدم الزواج يشعرني بالإحراج من الآخرين، علما بأنه لدي أخت تصغرني بخمس سنوات متزوجة ولديها طفلان لا أعلم هل هذا هو السبب في عدم زواجي؟
أنا أحسن الظن بالله تعالى، وأعلم بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى والحمد لله، أدعو الله دائما بأن يرزقني الزوج الصالح وأكثر من الاستغفار، ولكن أريد أن أنسى موضوع الزواج، وحاولت مرارا وتكرارا عدم التفكير بهذا الموضوع، وأشغل نفسي بأشياء كثيرة ولكن بدون جدوى حتى صرت أشعر بالتعب والحزن الشديد من التفكير.
فكيف لي أن أتخلص من التفكير بالزواج وأعيش حياتي بدون زواج؟
أرجو منكم إفادتي ولكم مني جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمجاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه، ويعوضك عن هذه السنوات التي مرت بك خيرا.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه مما لا شك فيه أن الإنسان يتحسر عندما يرى أنه يتمتع بمقومات طيبة وأن غيره أقل منه إلا أنه قد وفق في أموره وتحقق له ما يريد، فأنت ولله الحمد والمنة تعملين في وظيفة ممتازة وحصلت على شهادة ممتازة، وعلى قدر من الجمال، وهذه كلها حقيقة عوامل في صالحك وليست ضدك، بل إنها مؤهلة لأن يقبل عليك الرجال بصورة أكثر من غيره، لأنك تتمتعين بمواصفات يريدها كل رجل.
وكونك حقيقة لم يشأ الله تبارك وتعالى أن تتزوجي إلى الآن: أقول أختي الكريمة الفاضلة (أمجاد) هو نوع من الابتلاء، لأن الإنسان قد يبتلى في نفسه وقد يبتلى في ماله وقد يبتلى في زوجه وقد يبتلى في ولده وقد يبتلى في نسبه أو ظيفته أو ماله أو جاهه، وأنت شاء الله تبارك وتعالى أن يجعل ابتلاءك في عدم الزواج، وأنا أقول: رغم أنه أمر مؤلم إلا أنه أخف من غيره، فلو قارنا بالابتلاء بعدم الزواج والابتلاء بالأمراض المزعجة المستعصية التي لا يستطيع الطب أن يقدم فيها شيئا، لوجدنا أن عدم الزواج أخف بكثير من تلك الأمراض المستعصية، فأنت ولله الحمد والمنة تتمتعين بصحة طيبة وأيضا لك وظيفة طيبة وشكل طيب، فهذه عوامل جميعها نعم كبيرة إلا أننا لم ننتبه لها، لأن تفكيرك في الزواج تقريبا جعلك تغفلين عن هذه النعم العظيمة التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها.
ثم لو قدرنا بأنك تزوجت رجلا ولكن لم يكن زوجا موفقا وكان زوجا سيئا من هؤلاء الذين لا يقيمون وزنا للمرأة ولا يعبؤون بالحياة الزوجية، ودائما يسبون ويلعنون ويضربون، قطعا ستقولين إن عدم الزواج أفضل بكثير مما أنا فيه.
ولذلك أقول: أنه ليس حقيقة هناك من علاج أعظم مما أنت عليه الآن، وهو الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، والإلحاح على الله عز وجل بالدعاء أن يمن الله تبارك وتعالى عليك بزوج صالح يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
كونك تريدين أن تتخلصي من التفكير في الزواج؟
أقول: هذا أمر صعب؛ لأن المرحلة السنية تفرض نفسها وبقوة وبشدة، ومن الصعب حقيقة أن تحيى أي امرأة سواء كنت أنت أم غيرك في مثل هذه السن ومثل هذه الظروف ولا يكون لها تفكير ولا بسيط في قضية الطرف الآخر الذي يملأ عليها حياتها.
ولذلك أنت تحتاجين إلى دعاء وإلحاح على الله تعالى أن الله عز وجل يخفف عنك حدة التفكير أو يصرفه عنك، لأنك تعلمين أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، وأن قلوب العباد بين يدي الله تبارك وتعالى وحده.
لذلك قضيتك حقيقة لا يمكن لأحد من الخلق أن يحلها مطلقا، إلا أنه من الممكن أن يقدم لك بعض النصائح كما أفعل أنا الآن، ولذلك أنا أنصحك حقيقة بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يمن الله عز وجل عليك بالزوج الصالح أو بنسيان هذه المسألة حتى تتأقلمين مع ظروفك إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، وأوصيك أيضا بالإكثار من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية قضاء الحاجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن من عوامل قضاء الحاجة إنما هي الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم حيث قال: (إذن تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
فأنا أتمنى أختي الكريمة بارك الله فيك أن تدخلي إلى برنامج اليومي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنية أن يمن الله تبارك وتعالى عليك بالزوج الصالح الذي يعوضك خيرا، والذي يكون تسلية عنك فيما مضى من السنوات العجاف التي تمرين بها إلى الآن، وعليك بدعاء الله تعالى من القرآن بقوله: {وارزقنا وأنت خير الرازقين} وتوجهي إليه عز وجل دائما بالدعاء، لأنه ليس شيء أكرم على الله من الدعاء، واعلمي أن هذا نوع من الابتلاء، واعلمي أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، وعليك بتقوى الله تعالى حيث قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
وعليك بالاستغفار الكثير والكثير جدا، لأن بالاستغفار يرزق الله العبد كما قال تعالى: {فقلت استغفروا ربكم}
1) إنه كان غفارا.
2) يرسل السماء عليكم مدرارا.
3) ويمددكم بأموال.
4) وبنين.
5) ويجعل لكم جنات.
6) ويجعل لكم أنهارا.
وغيرها من الأرزاق، فعليك بالدعاء بأن يرزقك الصبر والرضى بقضائه تعالى، وحسن الظن به، حيث قال: (أنا عند ظن عبدي بي) فأحسني الظن به سبحانه بأنه سيفرج عنك وسيرزقك من فضله بالزوج الصالح الطيب المبارك.
ولو لم تصبري أختي أمجاد فقولي لي بربك: ما الذي في يدك تستطيعين أن تفعليه؟ وما الذي في يد الناس جميعا يستطيعون فعله؟ قطعا لا يوجد أحد يملك من هذا الأمر شيء، لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، والله تبارك وتعالى قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وإذا كان قد قدر الله لك زوج فسيأتي بصفة المناسبة التي أرادها الله، وفي المكان المناسب الذي أراده الله، وفي الوقت المناسب الذي أراده الله.
فسلمي الأمر لله تعالى، وسلي الله تعالى أن يرزقك الصبر والثبات والرضى بما قدره وقضاه، ولا مانع من الإلحاح على الله تعالى أن يمن عليك بالزوج الصالح الذي يعوضك عما فقدت من سنين عمرك خيرا، وأسأل الله تعالى أن يكرمك بذلك، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.