لم أستطع التأقلم مع واقع الغربة والعمل

0 590

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أردني، عمري 30 عاما، أعمل في مجال برمجة الحاسوب، وقد عملت بشركة في الأردن لمدة 4 سنوات تقريبا، وبعدها أغلقت الشركة بسبب الإفلاس، وبقيت أبحث عن عمل ولم أجد، خاصة أن زوجتي كانت تريد أن تضع طفلة، ولدي إيجار بيت وغيره، وبعدها بفترة وقبل الولادة رزقت بعمل بشركة بالرياض بالسعودية، براتب أكثر من ضعفي راتبي بالأردن، وقد ذهبت إليه والآن جلبت عائلتي عندي، لكن الخبرة ومجال العمل هنا ليست كالتي كنت أعمل بها، فذاك المجال أفضل وخبرته أفضل، وإن كان في السعودية يوجد خبرة أيضا، عدا أني أعاني من مشكلة اللغة الانجليزية، وكثيرا ما أحرج منها لأنه بالرياض جنسيات مختلفة، ويتحدثون الانجليزية، رغم أني لست سيئا بها، ولكن غير متمرس، وأيضا بليت بمدير جاهل مريض نفسيا، يضعني بمواقف حرجة ومتسلط، ليثبت أنه مدير، وغيرها من القصص التي ربما تعلم بها.

الأمر الآخر الغربة شديدة علي، وأمي بعمر السبعين، ومن شدة تعلقي بها لا أستطيع أن أنساها، وكذلك باقي الأهل، خاصة أنه في مرحلة قبل الالتزام كنت سيئا معها وبشدة وبشكل قوي، رغم حبي الغير عادي لها، ولكن لا أعلم ربما شيطاني كان يسيطر علي وقتها، وهذا الكلام قبل 10 سنوات تقريبا، وأنا الآن قمة بالبر بها، وأكثر أولادها قربا لها، وهي أعز ما أملك في هذه الدنيا - بعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - أتذكر سلبياتي معها، فأحزن وأفكر الآن بالعودة للأردن، ولكن زوجتي تقول فكر بنا أيضا، وأمي أيضا تشجعني على البقاء لأفكر بعائلتي.

علما أنا الآن مدين لأخي، لأني كنت مضطرا لنقل عفش بيتي من الأردن للرياض، وأنت تعلم الفرق بين البلدين ماديا على الأقل، وحتى الإمارات تأتيني فرص، وزوجتي ترفض بسبب ما تسمع من فساد هناك، ولباس النساء وغيره، وتعارضني وتقول لي لن أذهب معك هناك، وإنما السعودية لأنه الأجواء التزام، مع العلم لدي أختان هناك.

انصحوني ماذا أفعل بخصوص عملي؟ وبخصوص العاطفة التي تقتلني؟ فأنا محبط جدا من كل النواحي، وكيف أخرج من الذي أعاني فيه الآن، والذي ذكرته كله، أرجوك لا تنسى كل المشاكل التي كتبتها، أرجوك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يبارك لك في رزقك، وأن يرزقك طيبة الإقامة في البلدة التي أنت بها، وأن يجعلك بارا بوالدتك، وأن يرزقك رضاها، وأن يوسع رزقك، وأن يعينك على أن تتخطى هذه العقبات، وأن يجعلك من الموفقين المسددين في الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فالذي أنصح به بالنسبة لقضية ضعفك في اللغة الإنجليزية، أن تحاول أن تحصل على دورة في هذه اللغة، لأن هذا الأمر سينفعك في حياتك كلها، وستكون إن شاء الله تعالى في وضع تستطيع من خلاله أن تعمل في أي دولة من دول العالم، لأنك تعلم أن اللغة الإنجليزية الآن أصبحت لغة العصر كما يقولون، وأنها تمددت – مع الأسف الشديد – على حساب لغتنا العربية الأم، وأصبحت هي لغة التخاطب في الشارع وفي المحلات وفي مجالات العمل إلى غير ذلك، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وضعفك في هذه اللغة سيؤدي إلى ضعفك في معظم أمور حياتك العملية، ولذلك أنصحك بأن تأخذ قرارا أولا بالالتحاق بأي مؤسسة من المؤسسات التعليمية أو المعاهد المتخصصة في تعليم اللغة في الفترة المسائية، وأن تحاول أن تنهض بنفسك حتى تكون متميزا، وحتى ترفع هذا الحرج عن نفسك.

ثانيا: فيما يتعلق بمسألة والدتك – حفظها الله – فأنا أرى بارك الله فيك بأن تجتهد بعد قضاء هذه الديون التي عليك لأخيك فاستقدام والدتك لتقيم معك، بعد أن تنتهي من قضاء الديون، فأعتقد أن استقدامك لوالدتك لتقيم معك هو أنفع حل وأنسبه، لأنك بغير ذلك لا تستطيع أن تفعل كثيرا بالنسبة لحل هذه المشكلات، وبدلا من أن تظل مشغولا بها وأن تنزل إلى بلدك الآن، وأنت تعلم أن ظروف بلدك صعبة، وأنه قد يتعذر عليك الحصول على فرصة عمل مناسبة كهذه الفرصة التي حصلت عليها الآن، فأنا أرى أن تستقدم والدتك معك ولو فترة من الزمن على سبيل المثال، أو أن تتواصل معها بصفة يومية عن طريق النت، وترى صورتها وتتكلم معها، خاصة وأنك رجل متخصص في هذا، وتستطيع يوميا أن تظل معها على النت لساعات، فإني أعلم إخوة من أمثالك أيضا يعيشون بعيدا عن أهلهم، إلا أنهم يفتحون جهاز الكمبيوتر على مدار الساعة ويكونون مع أهليهم كما لو كانوا في مكان واحد، يره أمه وهي تتكلم وتتحرك وتذهب وتجيء، والأطفال مرتبطين بجدتهم ومرتبطين بجدهم، ومرتبطين بأقاربهم، وهذه نعمة من نعم الله تعالى من الممكن أن تستفيد منها لتزيل هذه الفجوة أو هذه الغربة التي تتحدث عنها أو على الأقل تقلل من خطرها.

أعتقد أن والدتك قد تكون في أمس الحاجة إلى دعم مادي أكثر من شيء آخر، فحاول أن تجتهد في برها وأن تجتهد في الإحسان إليها، وأرى أنك فعلا في بيئة طيبة وفي جو مناسب، وأن زوجتك على حق؛ لأنها ترى أن هذه البيئة بيئة نظيفة وأنها بيئة إسلامية وأنها تعيش حياة إسلامية، وهذه نعمة عظيمة، فأرى أن تحافظ على هذه النعمة التي أنت بها، وكما ذكرت لك حاول أن تطور من لغتك الإنجليزية – وهذا سهل – لأنك بفضل الله تعالى رجل متميز ورجل متعلم وتتمتع بخبرة عالية، والأمر الثاني كما ذكرت حاول أن تتواصل مع أمك عن طريق النت، أو تعرض عليها أن تأتي للإقامة معك ولو مدة من الزمن كل عام، وأن تنزل إليها إن شاء الله تعالى أيضا في الأجازة الثانوية، وبذلك تستطيع أن تتغلب على هذه الحرقة التي تعمل في قلبك وشعورك بأنك مقصر في حق أمك.

هي أيضا قد نصحتك بالبقاء في هذا البلد الذي أنت فيه، فأرى أن تأخذ بكلام والدتك، وكما ذكرت أقترح عليك فعلا التواصل عبر الإنترنت بصفة منتظمة، حتى تزيل أكبر قدر ممكن من الغربة، لأنك سترى أمك وتطمئن عليها وتتكلم معها، كما لو كنت مقيما معها، وكما ذكرت لك إذا كانت في حاجة مادية فحاول أن تعوضها، وبإذن الله تعالى سيكرمك الله بذلك، خاصة وأنها راضية عنك، وكذلك أيضا أنها راغبة في أن تبقى في هذا البلد الذي أكرمك الله بالإقامة به.

أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يعينك على الاعتدال أيضا في العاطفة، وأن يجعلك من البررة بأبيهم، وأن يوسع رزقك، وأن يجعلنا وإياك من صالح المؤمنين.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات