عدم راحة وعدم تركيز وكثرة تفكير ... ما نصيحتكم؟

0 555

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

أعاني من عدم راحة, وعدم انبساط، وعدم تركيز, وكثرة تفكير، وهم غير معروف منذ طفولتي حتى وقتنا الحاضر.

علما أنني أحاول أن أجبر نفسي على مخالطة الناس لكي أخفف عن نفسي -ولو بعض الشيء اليسير-, وإذا جلست معهم فلا أبدأ بالكلام ولكن إذا وجه لي كلام أو سؤال رددت عليه فقط, راجعت استشاريا نفسيا وأعطاني سيروكسات 25 جم وتوفرانيل 10جم صباحا ومساء.

استمررت على هذا العلاج فترة طويلة حتى أوقف الدكتور العلاج، وقال: الآن حالتك جيدة، والحمد لله خفت حالتي شيئا بسيطا، علما أن حالتي لم تتحسن تماما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنا نستطيع أن نقول إن كل الأمور في الصحة النفسية هي نسبية، تقدير الراحة النفسية، تقدير الانبساط، الانشراح، الحزن، الكدر، الكرب، الشعور بالسوداوية، هذه كلها أمور نسبية، تتفاوت من إنسان إلى آخر، ودرجة توقعات الإنسان أيضا تلعب دورا في مزاجه، ونمط الحياة يلعب دورا كبيرا أيضا في الحالة النفيسة التي يكون عليها الإنسان، ودرجة التفكير – التفكير مهم جدا –.

إذا كان التفكير سلبيا فإن له مردودا سلبيا على الصحة النفسية للإنسان، وإذا كان الإنسان مثابرا, ويفكر دائما بصورة تفاؤلية وإيجابية، ويدير وقته بصورة صحيحة, ويكون حريصا على التواصل الاجتماعي، فيمكن أن تستبدل كل الطاقات النفسية السلبية بطاقات أخرى إيجابية.

مما ذكرته وبصورة واضحة وجلية يظهر أنك تعاني من حالة من عسر المزاج البسيط، ويظهر أنها استمرت معك لفترة طويلة، وهذه الحالات تشخص أحيانا تحت ما يسمى بالاكتئاب النفسي المزمن البسيط، وأحد طرق العلاج الرئيسية ليست هي الأدوية فقط، إنما الأشياء التي ذكرتها لك:
1)التفكير الإيجابي.
2)التفاؤل.
3)إدارة الوقت بصورة صحيحة.
4)أن يعرف الإنسان أنه توجد إرادة تسمى بإرادة التحسن، وهي الشيء الذي أشير إليه في الآية الكريمة: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}, والتي أشير إليه أيضا في قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.

وإذا كان الله كلفنا بأمور فهو يعلم أننا نقدر على ذلك، وإذا علم عدم قدرتنا ما كان ليكلفنا بذلك، وقد قال: {فاتقوا الله ما استطعتم}، فالإنسان لديه الطاقة المخزونة المختبئة التي حبانا الله بها، هذه الطاقة تغيرنا في جميع المجالات، في محيط تفكيرنا، اعتقاداتنا، تواصلنا، إنتاجنا، تعليمنا... وهكذا.

هذا التغيير هو أمر إرادي لدرجة كبيرة، فأنا أدعوك حقيقة أن تجتهد في هذا السياق.

أريدك أيضا أن تضع برامج يومية، هذه البرامج يجب أن تشتمل على أنشطة اجتماعية، وأنت تعمل في مؤسسة خيرية، أمامك فرصة عظيمة لتطوير وتأكيد الذات، وأريد أن أنصحك أيضا أن ممارسة الرياضة شيء أصيل ومهم جدا لتهذيب النفس سلوكيا، وكذلك لتحريرها من الشوائب خاصة القلق والاكتئاب والوساوس والمخاوف، فكن حريصا عليها.

أعتقد أنك إذا طبقت ما ذكرته لك سوف تحس بالرضا، والرضا هي درجة الانبساط الذي يسعى الإنسان لأن يصل إليها.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا بأس أبدا من أن تتناول أحد هذه الأدوية، فتجربتك مع الزيروكسات كانت جيدة لحد كبير، لكن يمكن أن تنتقل لدواء آخر، مثلا (زولفت), والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين), بجرعة صغيرة (خمسة وعشرين مليجراما) – أي نصف حبة – يتم تناولها ليلا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم ترفع إلى حبة كاملة (خمسين مليجراما) تستمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم تخفض إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

ميزة الدواء أنه سوف يمهد كثيرا للتطبيقات السلوكية، يجعلك أكثر قبولا وإقداما ومقدرة على أخذ المبادرات الإيجابية، وبعد أن تتوقف عن الدواء من المفترض أن تكون قد بنيت قاعدة تأهيلية صلبة تنطلق من خلالها نحو الأفضل والأحسن فيما يخص صحتك النفسية والاجتماعية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات