السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت عن الإصرار على المعصية، وقد وقعت في هذا الإثم كما أنه لدي معصية أتوب منها كل مرة، وأحاول جاهدة في كل مرة أن أتوب ولا أرجع ولكن لا أفلح، ولكن وجدت نفسي في الآونة الأخيرة عندما أذنب هذا الذنب لا أسارع للتوبة بقلب صاغر يرجو رحمة الله -سبحانه-.
ذنبي أنهى نفسي عنه وأذكر نفسي بالله، ولكن أقول سأتوب غدا، وأستغفر ويغفر الله لي، إلى أن قرأت موضوعا مشابها هنا، أنه يسمى الإصرار على الذنب.
أشعر بالخوف حقا بأن الله قد طبع على قلبي، ولن يقبل توبتي المتكررة، أخاف أنني نلت سخط الله علي بسبب هذا الذنب، وإصراري عليه.
هل يغفر الله لي؟ وماذا أفعل كي أعود إلى الهداية، ماذا أفعل لكي يغفر الله لي ما ارتكبته، حقا إنه كثير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يغفر لك ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، إنه جواد كريم مجيب الدعوات .
الأخت الفاضلة: لا شك أن تكرار الذنب والوقوع المتكرر فيه علامة على ضعف الإيمان، وقوة الشهوة الدافعة إلي المعصية، وأما مسألة الإصرار التي قرأت عنها فأحب أن أوضح لك معناها ابتداء، حتى لا تسقطي الأحكام على غير مرادها.
يعرف أهل اللغة الإصرار بقولهم: هـو الإقـامة على الشيء والمداومة عليه، بحيث يعزم وهـو العـزم بالقلب على الأمر، وترك الإقلاع عنه، وشرعا هـو: الإقـامة على فعل الذنب أو المعصية، مع العلم بأنها معصية دون الاستغفار أو التوبة.
في التعريف الشرعي ما يؤكد على أن الإصرار علامته الإقامة على فعل الذنب، مع العلم أنها معصية، ومع ذلك لا يستغفر العبد ولا يتوب، هذا هو الإصرار الذي نعيذك بالله أن تكوني قد وقعت فيه، على أن سؤالك يدل على أنك ترتكبين المعصية وتتوبين، ولكنك لا تجدين ذلك القلب الصاغر الذليل، وهذا هو المشكل الرئيس عندك .
لأجل أن تتخلصي من هذا الأمر أنصحك أيتها الفاضلة بما يلي:
1- رجاء بالله لا ينقطع: أول ما ينبغي أن أنبهك إليه هو أن رجاءك في الله لا ينبغي أن ينقطع، فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو سبحانه الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وهو القائل سبحانه :"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا" فمهما كان الذنب فالله عز وجل يغفر ويرحم فهو القائل سبحانه "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم" فأملي في الله خيرا -أختنا الفاضلة-.
2- الحذر من غضبة الله -عز وجل-: إذا قلنا رجاء بالله لا ينقطع فينبغي أن نعلم أن لله غضبة، وأنه يغار سبحانه على حدوده أن يجترئ عليها الناس، والله يمهل العبد لكنه لا يهمله، والعبد الراجي بحق هو الذي يعيش بين الخوف والرجاء كما قال تعالى "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا".
3- دراسة أسباب المعصية وإزالتها : حتى تكون التوبة صحيحة والخروج منها آمنا فعليك -أيتها الفاضلة- أن تدرسي أسباب ذلك الذنب والاجتهاد في إزالة السبب الداعي إلي المعصية .
4- الحرص على زيادة الإيمان بقراءة القرآن وكثرة الأذكار مع الصحبة الصالحة، فإن زيادة الإيمان عامل مهم في إضعاف شهوة المعصية.
5- كثرة دعاء الله -عز وجل-، وبخاصة في جوف الليل، فإن شرف المؤمن في قيام الله، والله -عز وجل- ينزل نزولا يليق به إلى سماء الدنيا، ليجيب دعوة المضطرين، فالزمي الليل ولو بركعتين ففيه الخير الكثير.
في الختام لقد ذكرت -أيتها الفاضلة- أن ذنبك كبير، وقلت كبير حقا، ونقول مهما كان كبيرا فالله -عز وجل- يغفر لك ما دمت تائبة راجعة إليه، لا تقولي -يا أختنا-: ذنبي كبير ولكن قولي لذنبك ربي كبير.
أسأل الله أن يغفر لك وأن يحفظك من كل مكروه، وبالله التوفيق.