السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أنا شاب مبتلى بالعادة السرية منذ أن بلغت، وحاولت كثيرا التخلص منها، ولكن دون جدوى وبسبب سوء أحوالي المادية نسبيا لم أتزوج، ولكن بتقدير الله ومن دون سابق إنذار تيسر أمر خطبتي من فتاة من مواليد السعودية، فظننت فيها خيرا كثيرا مع أنها ليست جميلة جدا المهم تمت الخطبة، وبعد عدة زيارات لها، ومكالمات هاتفية معها، والتنزه معها تبين لي أنه ليس عندها العلم الشرعي، والوعي الديني، والفهم الذي كنت أظنه فيها إلا أنها فتاة مؤدبة، وقليلة الكلام، وتحبني حبا كبيرا، وتطيعني في كل ما أقول حتى أني أمرتها بلبس عباءة فوافقتني على ذلك، ولهذه الفتاة بعد الله فضل علي في متابعتي للدراسة العليا، وفي إيجادي لعمل آخر بالإضافة إلى أنها موظفة، وتريد أن تساعدني لتشكيل أسرة.
المشكلة أنها ليست جميلة، ولو في نظري على الأقل (فأنا أحب صفات جسدية، ولونية معينة في الفتاة ليست موجودة فيها) ولو كانت كذلك لتغاضيت عن قلة ثقافتها، والتزامها كما أنها ليست على قدر كبير من الالتزام، والعلم لأتغاضى عن جمالها، فاجتمعت علي المشكلتان، وأنا أقول لها الكلام اللطيف والغزل لكي لا أكسر خاطرها إلا أنني لا أحبها من قلبي، فأنا احترمها وأقدر حبها ومساعدتها ولكني لا أشعر بميل عاطفي نحوها وأصبحت تحس بأني لا أقول لها الكلام الجميل من قلبي، فأنا لم أعد أستطيع المجاملة، وأخشى إن تابعت وتزوجتها أن تكون حياتنا فاشلة، وتكثر علينا المشاكل، وأعود لممارسة العادة السرية، أو أن أبحث عن فتاة أخرى، وبالتالي أظلم هذه الفتاة المسكينة معي.
كما أنني أخشى لو أني تركتها أن أكسر قلبها فهي تحبني حبا جما، وأخشى كذلك أن لا أتزوج سريعا وأبقى غارقا في مستنقع العادة السرية التي دمرتني، وأنهكتني وأفقدتني الثقة بنفسي حيث أنني أحس بأني ضعيف جسديا وجنسيا (كما أني أحب الفتيات الجميلات، وأظن أنني لا أستطيع ضبط نفسي أمامهن، فأخشى إن تزوجت بجميلة أن تسيرني كما تريد، ولو في طريق فيه معاصي).
أفتوني في أمري جزاكم الله خيرا، فوالله لقد تعبت، وأتعبت هذه الفتاة المسكينة معي، فهي ليست متأكدة من مشاعري تجاهها، وتشعر دوما بالخوف والقلق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن ولاه.
إنا نشكر ابننا الكريم التواصل مع موقعنا، ونذكره بأن المسلم ينبغي أن يعامل بنات الناس على أنهم أخواته أو أنهن بناته، ولا يرضى لبنات الناس ما لا يرضى لنفسه، لأن المؤمن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، ويكره لإخوانه وأخواته ما يكره لنفسه، فإذا كنت تخدع هذه الفتاة، وتضيع عليها الوقت فإن هذا لا يرضي الله تبارك وتعالى.
ينبغي للإنسان أن يكون واضحا في مثل هذه الأمور، وينبغي أن يقدر مشاعر هذه الفتاة التي ذكرت بأنها صاحبة معروف، وأنها صاحبة فضل، وأنها كانت سببا في إيجاد وظيفة لك، أو عمل، أو ساعدتك من هذه الناحية أو تلك، فهذا الوفاء والصدق يقتضي أن تكون صادقا معها، ونحن حقيقة لا نجبرك على شيء لا تريده، ولكن لابد أن تنظر للأمور بنظرة شاملة، وتنظر للأمور بكافة أبعادها وجوانبها، فإذا كنت لا تستطيع أن تتزوج بفتاة أخرى، ولا تستطيع أن تجد فتاة تتناسب معك،و ظرفك المادي ليس مناسبا، وكذلك تمارس هذه العادة التي لها آثار ضارة جدا على الإنسان، وقد توصل الإنسان إلى العجز التام عن واجباته، فضلا على أنها من الأمور لا ترضي الله تبارك وتعالى، الذي يقول: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.
لذلك نحن ندعوك أولا إلى التوقف عن خديعة هذه الفتاة، والتوقف عن التمشي معها، والتوسع معها بالكلام، ثم بعد ذلك لابد أن تقف وقفة لتقييم الوضع، فإن كنت لا تجد حلولا ولا تجد سبيلا لبلوغ الحلال إلا بهذه الطريقة، فنحن ننصحك بأن تتزوج هذه الفتاة، وتذكر أن ما معها مثل ما مع النساء، وأن الإنسان ينبغي أن يحرص على أن يكون في زواجه وفي جميع أحواله يبتغي ما عند الله تبارك وتعالى إلى الرضوان، فإن العفة مهر غال وأن الإنسان ينبغي أن يحرص على طهارة نفسه.
هذه الفتاة أيضا بهذه الطريقة أنت تضيع عليها كثيرا من الوقت، ولكن ينبغي أن يحسم هذا الأمر، ولا يخفى عليك أن الإنسان عندما يحتار ولا يعرف وجه الصواب فإنه يلجأ للاستشارة، ثم يلجأ للاستخارة، يستخير الله تبارك وتعالى بأن يصلي ركعتين، والاستخارة طلب للدلالة إلى الخير ممن بيده الخير سبحانه وتعالى، ولن يندم من يستخير ومن يستشير.
أما بالنسبة لالتفاتك للجميلات واهتمامك بهن وحبك النظر إليهن، فهذا لأن كل إنسان يفتح عينيه في الشارع ولا يراعي قول الله تبارك وتعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} فلو أن الإنسان غض بصره فإنه يكفيه وتكفيه الزوجة التي لا ينبغي أن ينظر إلا إليها، ولكن لو أطلق لبصره العنان فإن الأمر كما قال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - : (لو تزوج نساء بغداد جميعا لما وجد فيهن الكفاية) ولذلك ينبغي أن تنتبه لهذا كجانب، وتحرص على أن تغض بصرك، ونحن حقيقة ندعوك أن تقف مع نفسك كما قلنا، وقفة للمراجعة والمحاسبة.
نتمنى أن تستمر مع هذه الفتاة وأن تكمل معها المشوار، وأن تبتغي الحلال، وحتى تدخل هذه الفتاة في نفسك ينبغي أن تنظر إلى جمائلها وتضخم ما فيها من محاسن، وتذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر) فكل امرأة فيها إيجابيات، وفيها سلبيات، كذلك الحال بالنسبة نحن معشر الرجال، فلا يوجد رجل بلا عيوب، وكذلك لا توجد امرأة بلا عيوب، ولكن طوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته.
كون هذه الفتاة استمعت إلى كلامك وتأثرت بكلامك، واعتدلت في نفسها واحتشمت أكثر، هذا دليل على أنها مطاوعة لك، مع أن الكلام يمكن أن يؤثر فيها، وأرجو أن تعلم أن الجمال له مقاييس، وأن الجمال له معايير، فكل فتاة فيها أجزاء في جسمها جميلة وأجزاء دون ذلك، والكمال يعني لا يدرك في هذه الدنيا، ولكن ينبغي للإنسان أن ينظر للجوانب الأساسية، إذا كان فيها ميل إلى الدين وهي تستمع إلى الكلام فهي تنتفع بك وانتفعت بها، فإنا ندعوك إلى أن تعجل بالحلال، لأن هذا الوضع أيضا يحتاج إلى تصحيح، فالفتاة في كل الأحوال هي أجنبية عنك، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخروج مع مخطوبته، ولا يتوسع معها في المكالمات والاتصالات أو في الخروج أو في الدخول، لأن الإنسان لا يأمن على نفسه، والشريعة لا ترضى بهذا الأمر، فعليك أن تعجل بطلب الحلال، وينبغي أن تكون واضحا جدا في هذه المسألة.
ينبغي أن تصدقها وتكون صادقا معها في هذه المشاعر حتى لا تضيع الوقت، فإذا كنت أنت لا تصلح معها، وليس في نيتك أن تتزوج بها فاتركها لغيرك، وستجد هي في الرجال من يغنيها، وأنت أيضا قد ييسر الله تبارك وتعالى لك الأمر، ولكن استمرار هذه الخديعة وهي تظن أنك تحبها وأنك ستتزوج بها، وأنت تنوي وتضمر غير ذلك، هذه من الأمور التي لا يرضاها الله تبارك وتعالى.
احسم هذا الأمر سلبا أو إيجابا، ولا تضيع الوقت على نفسك، ولا على بنت الناس، لأن الإنسان لا يرضى هذا لبناته، ولا يرضى مثل هذا الموقف لأخواته، وكذلك ندعوك إلى أن تقف مع نفسك للمراجعة والحساب، فتب إلى الله تبارك وتعالى من الممارسات الخاطئة التي حصلت منك، والتي حصلت بينك وبينها من هذا التوسع، فإن الشريعة لا تبيح لك هذا الأمر، وعليك أن تتحرى الحلال وتطلب الحلال، فإن الإنسان إذا فتح على نفسه أبواب الفواحش والشرور جاءه من الله تبارك وتعالى الغضب والعياذ بالله.
وصيتي لك بتقوى الله في السر والعلن واللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر الخير حيث وكان ويرضيك به.