أريد الزواج ولكن لا أملك تكاليفه، فهل أقدم عليه اعتمادا على أهلي؟

0 613

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب جامعي أحتاج لفترة طويلة نسبيا قبل موعد تخرجي, حيث أني لا أعمل وأعتمد على أهلي ماديا, أشعر بالحاجة الملحة للاستقرار العاطفي، والزواج وأريد أن يكون ذلك ضمن حدود الله, لا يوجد لدى أهلي أي رفض، وهم مستعدين لتأمين تكاليف الزواج والسكن.

مشكلتي أنني أخشى من كوني بدون عمل، وعدم قدرتي حاليا على العمل مع الدراسة، وهذا ما يثير قلقي وقلق أي فتاة أتقدم لها خاصة مع رفضي الكامل لأن أعتمد على أهلي ماديا بعد استقلالي عنهم, فهل فكرة الزواج في هذه الظروف خاطئة؟ وهل الزواج في هذه الظروف واجب أم مستحب أم مكروه أم محرم؟

وما هي المدة المناسبة للخطبة دون عقد؟ وما هي الحدود الشرعية في مقابلتي للفتاة في هذه الفترة؟

إن لم يقدر لي الزواج في هذه الفترة، فماذا أفعل حتى لا أتورط بعلاقة غير شرعية في وسط متفلت أخلاقيا أعيش ضمنه, علما أنني جربت الصيام، ولم أجد نتيجة وحاولت الانعزال عن هذا الوسط مما أدى إلى تفاقم المشاكل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Muslim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلك من سفراء الإسلام في هذه البلاد، وأن يجعلك سببا في هداية أهلها إلى الإسلام، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك في دراستك، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه، وأن ييسر أمرك وأن يوسع رزقك وأن يسترك في الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل – فالذي أراه حقيقة أن أهلك ما داموا مستعدين لتأمين تكاليف الزواج والسكن لك ولزوجتك وهذا الأمر عن طيب خاطر منهم وظروفهم المادية تسمح، أرى أن تتوكل على الله تعالى، وأن تبدأ في مشروع الزواج، لأن الأمور التي تكلمت عنها من التحديات التي يواجهها الشاب المسلم الملتزم في هذه البلاد وغيرها، ليست بالأمر الهين، والزواج في مثل هذه الحالة لا أعتقد أنه من نافلة القول أو من السنن، بل إني أرى أنه من أوجب الواجبات، لأنك به تدفع عن نفسك الوقوع في الحرام.

ومسألة أنك ترفض رفضا كاملا اعتمادك على أهلك ماديا بعد استقلالك عنهم، أرى أن هذه فكرة حقيقة ليست موفقة، وأرى أنك تبالغ إلى حد كبير، لأن الله تبارك وتعالى جل جلاله جعل المؤمنين إخوة بطبيعتهم، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل مال فليعد به على من لا مال له)، وما دام أهلك لديهم الاستعداد على مساعدتك، فلماذا تقول أرفض أو لا أرفض.

أرى أن تتوكل على الله، ولكن من الممكن فقط أن تتكلم مع أهلك بخصوص الإنفاق عليك حتى تجد فرصة عمل مناسبة أو حتى تنتهي من الدراسة. فكما ذكرت ليس لديهم مانع من تأمين تكاليف الزواج والسكن، ولكن أيضا تعرف على قدرتهم وعلى مدى استعدادهم لمساعدتك في الإنفاق على زوجتك حتى يتيسر لك البحث عن عمل.

فإن وجدت أنه لا مانع لديهم وأن ظروفهم المادية تسمح فأرى أن تتوكل على الله تبارك وتعالى وأن ترتبط بالأخت الصالحة المناسبة، التي بها تغض بصرك وتحفظ وتحصن فرجك، والتي بها تعان على طاعة الله تعالى، واعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بقوله: (ثلاثة حق على الله عونهم) ومن هؤلاء (الرجل يريد العفاف)، والله تبارك وتعالى عندما أخبرنا بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم} قال كلاما رائعا، قال: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} ولذلك كان كثير من السلف ينصح من يشتكي من الفقر أن يتزوج، لماذا؟ لأن الله تبارك وتعالى قال هذا الكلام سبحانه وتعالى.

فإذن عليك بالتفكير الجدي في قضية الزواج والبحث عن الأخت الصالحة المناسبة التي تقبل بوضعك هذا، والتي تكون لديها المرونة في تقدير ظروفك الحالية الآن، وفي مساعدتك على أن تتحسن في المستقبل.

فأنا أرى أن ذلك من الواجبات ما دامت هناك فرصة متاحة، ولكن كما ذكرت حاول أن تتعرف مدى استعداد أهلك للإنفاق عليك في حالة تأخرك فترة طويلة حتى تجد فرصة عمل.

وأنا أعرف أن في مثل هذه الدول أنها توفر نوعا من التأمين الاجتماعي لرعاياها، إذا كنت تحمل جنسية هذه البلاد أو إذا كنت تحمل قائمة دائمة أرى أنهم يساعدون مثلك ويساعدون الأسر الحديثة الناشئة، وأرى أنه من حقك ما دمت تحمل جنسية هذه البلاد وهي تقدم هذه الخدمات لكل رعاياها، أن تتقدم أيضا بطلب لهذه الجهات ليكفلوك أنت وزوجتك، ويوفروا لك بعض المساعدات حتى يتسنى لك فرصة البحث عن عمل مناسبة.

فيما يتعلق بمسألة المدة المناسبة للخطبة دون عقد: لا توجد هناك حقيقة في الإسلام مدة مناسبة أو غير مناسبة، وإنما الخطبة هي مجرد وعد بالزواج وليست زواجا، ولا تحمل أي معنى شرعي مطلقا، ومن حق الناس أنك إن أطلت عليهم فترة الخطبة أن يتصلوا بك وأن يعتذروا لك وتنتهي المسألة تماما بذلك.

إذن لا يوجد هناك أي حق شرعي لك ولا للمخطوبة في خلال هذه الفترة مطلقا – فترة الخطوبة – ولذلك أنصح بأن يكون هناك عقد، لأن العقد يوفر لك الفرصة لكي تستطيع أن تصافح خطيبتك، أو أن تقبلها أحيانا، أو أن يحدث بينك وبينها من الأمور التي قد ترتضيها الحاجة بشرط عدم الجماع خلال الفترة الأولى.

هذا هو الذي عليه أهل العلم، الحدود الشرعية في مقابلتك لهذه الفتاة خلال هذه الفترة فقط إنما هو ما نص عليه جموع أهل العلم: رؤية الوجه والكفين فقط. هذا هو الذي ذكره جمهور العلماء من أن الخاطب يرى من مخطوبته هذا الأمر. والتضاريس الظاهرة للجسد تكون عادة ظاهرة من تحت الثياب ولا تحتاج إلى أكثر من ذلك.

فتوكل على الله واستعن به عز وجل واستغل هذه الفرصة المتاحة، وأرجو أن لا تتحرج من مساعدة أهلك لك، لأن بعض أهل العلم نص على وجوب أن يقوم ولي الأمر بتزويج ولده إذا كان في حاجة للزواج، وأن ينفقوا عليه إذا كان ليس لديه العمل حتى يتسنى ذلك.

وأرى أن أهلك ولله الحمد والمنة قد يسروا لك الأمر، فهم على استعداد لتأمين تكاليف الزواج والسكن، ولكن كما ذكرت لك أن تستأذنهم فيما يتعلق بمسألة عدم وجود عمل في الفترة الحالية، وأرى أن تجتهد في البحث عن عمل مناسب، وأعتقد أن الزواج سيكون دافعا وحافزا لك للبحث عن عمل حتى لا تكون عالة بصفة كاملة أنت وزوجتك على أهلك، والأمر الثاني أيضا سوف يبارك الله وييسر لك الأمر بزواجك بهذه الأخت، لأنها سوف يضم رزقها إلى رزقك، وبذلك ستكون صاحب رزقين في وقت واحد، فأرى أن تتوكل على الله، وأن لا تتأخر، واستعن بالله ولا تعجز.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات