السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصابتني قبل فترة حالة اكتئاب بسبب خيانة إنسان عزيز علي، ومن بعدها صرت أشعر بهموم ولا أشعر بسعادة، وشعرت بضيق صدر لا يذهب إلا بنوم! حتى صرت لا أثق بالناس، وأفقد من يحبوني بسبب عدم ثقتي فيهم.
صرت أشعر وكأن الأبواب تقفل في وجهي، وسعادة تفقد من حياتي بسبب المشاكل في حياتي، وبسبب المشاكل في الدنيا، حتى لو قرأت خبرا حزينا أزيد اكتئابا وحزنا، وأشعر أني لا أستطيع فتح بيت، ولا أن أتزوج، ولا آتي بأطفال سوف أموت قبل ذلك!
هل من حل للتخلص من هذه الحال؟ لقد تعبت كثيرا وصارت حياتي سوداء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أهلا بك أخي الفاضل في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا ونسأل الله أن يحفظك وأن يبارك في عمرك وأن يحفظك من كل مكروه.
الأخ الفاضل: لقد ذكرت أنك علمت بخيانة أحد ما، فترتب على ذلك حالة من الاكتئاب ضيقت عليك حياتك.
قبل الحديث نسأل الله أن يهدى كل مسلم، وأن يرد المسلمين إلي دينهم ردا جميلا.
أخي الحبيب: إن ما وصلت إليه له أسباب بمعرفتها نصف العلاج، فانتبه بارك الله فيك:
أولا: كل بني آدم خطاء، هذا نص حديث لرسول الله صلى الله عليه وسل، يخبرنا فيه أن الإنسان بطبعه يخطئ، وافتراض المثالية على أحد أمر خطأ، ويبدو أنك أخي الحبيب قد افترضت المثالية فأدى الأمر إلي ما وصلت إليه.
ثانيا: ليس كل مخطئ سيئا، بل قد يكون الأخ رجلا صالحا لكن زلت قدمه أو ضحك عليه شيطانه فتعثر، فليس معنى ذلك خبث طويته أو انتهاء أخوته، فقد يكون الذنب الذي وقع فيه دافعا لأن يكون بعد ذلك من خيار المسلمين.
ثالثا: قد يكون من الأسباب كذلك الفصل بين المحسن والمسيء، وأنهما لا يجتمعان في قلب وجسد، وهذا خطأ بل المسلم يصيب ويخطئ، والله عز وجل ذكر في كتابه أن من صفات عباد الله المتقين سرعة العودة إليه عند الخطأ، قال تعالى :" والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران : 135. خطؤهم ليس أمرا هينا، بل فاحشة وقعوا فيها لضعفهم نسأل الله السلامة .
إذن فالمسلم عليه ألا يفترض الكمال في البشر كما أن عليه أن لا يفترض السوء في الناس، فكل واحد فيه خير وفيه شر.
هذا عن الأسباب فما العلاج؟
إن علاجك أيها الحبيب في النظرة الواقعية للأحداث من حولك دون تضخيم، ولا تهويل، كما أن عليك أن تفتح باب الأمل لنفسك، وتذكر دائما قول الله تعالى: (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا).
ثانيا: من شغل نفسه بعيبه لم يجد وقتا لرؤية أخطاء الآخرين، وأعنى أيها الحبيب أن تنظر في نفسك حتما ستجد بعض الأخطاء التي تستوجب منك معالجتها، فالانشغال بها سيصرفك حتما عن الانشغال بغيرك، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حين قال :"يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه".
أخطاء المرء مهما كانت كبيرة تكون في عينه صغيرة جدا، حتى لا تكاد ترى، ويظل يجعل لنفسه من الأعذار والمبررات ما يسلى به نفسه، وفي نفس الوقت يضخم له الشيطان أخطاء من حوله، وعلاج ذلك كما ذكرت في تتبع أخطائه.
ثالثا: اجتهد في نسيان خطأ من أخطأ، وانزعه من قلبك وأقبل عليه حتى لا يظل الشيطان يذكرك به، يقول ابن الجوزي: إنك إذا اشتبك ثوبك في مسمار رجعت إلى الخلف لتخلصه، وهذا مسمار الذنب قد علق في قلبك أفلا تنزعه؟! انزعه ولا تدعه بقلبك يغدو عليك الشيطان ويروح، أقلع الذنب من قلبك.
رابعا: ما يدريك لعل ما حدث خير لك، وأنت لا تدرى، فاحمد الله الذي نجاك من المعصية وبغضها إليك، وفوق ذلك كتب لك أجرك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولاهم ولا حزن، ولا أذى ولا غم؛ حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).
كما أن عليك أن تتذكر حديث رسول الله حين قال: (عجبا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)
ختاما: عليك بالدعاء في جوف الليل أن يفرج الله همك، وأن يغفر لمن وقع في الذنب، وأن يهديه لجادة الطريق.
والله كريم يستجيب لعبده إذا أقبل عليه.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يجعل عاقبة أمرك إلى خير،
والله الموفق.