الصفات اللازم توافرها في شريكة الحياة

1 429

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

إذا تساوت بنتان في مسألة اختيار الزوجة، وفي صفتي الدين (بما فيه الخلق) والنسب، وتفاوتتا في مسألتي المال والجمال، فأيهما يقدم المال أم الجمال؟ هل اختيار صاحبة المال أم صاحبة الجمال؟ وبالنسبة للمرأة كثيرة الانفعال والصراخ، هل بإمكان الزوج تغيير هذا الطبع فيها بعد الزواج؟ وهل يعد هذا الطبع عند النساء مانعا من اختيارها كزوجة؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نشكر لابننا الكريم التواصل مع الموقع، نشكر له الاهتمام بالسؤال في كل أمر يحتاج إلى سؤال، فإنما شفاء العي السؤال، ونبشر شبابنا بأننا في خدمتهم وعلى استعداد لاستقبال أسئلتهم مهما كثرت هذه الأسئلة ومهما تنوعت موضوعاتها، فشرف لنا أن نكون في خدمة الشباب الذين هم أمل هذه الأمة بعد توفيق الله وتأييده، نسأل الله أن يبارك في شبابنا، وأن يعينهم على ذكر الله وشكره وحسن عبادته.

لاشك أن صاحبة الجمال أولى بالتقديم؛ لأن المقصود من الزواج حصول العفاف، وحصول الطهر، والإنسان إذا تزوج بجميلة لا يحتاج إلى أن يلتفت لغيرها، لكون زوجته جميلة، لذلك الشرع يهتم بمسألة الجمال، ونريد أن نطمئن فتياتنا أيضا بأنه ما من فتاة إلا وستجد من يعجب بها، فمن حكمة الله تبارك وتعالى أن يجعل وجهات النظر تختلف، وكما قيل: (لولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع) فالذي يراها فلان جميلة قد يراها أحد دون ذلك، والعكس بالعكس، لذلك كل فتاة جميلة بإيمانها وبحيائها وبأدبها وخلقها ودينها، لكن هذه المسألة كما قلنا تعتمد على مسألة الجمال باعتباره وسيلة إلى حصول العفاف لهذا الناظر تحديدا.

كذلك أيضا ليكون هذا الارتباط ناجحا أن يشعر كلا الطرفين بالقبول والارتياح والميل؛ لأن الأمر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) فإذا كانت هناك وصفة سحرية أو وصية قيمة للشباب والفتيات؛ فإننا نذكر بأن الإنسان إنما ينال القبول أولا بطاعته لله تبارك وتعالى، وبحرصه على أن تكون له أعمال من الطاعات بينه وبين الله تبارك وتعالى، فإن الله تبارك وتعالى ينير وجوه من يقيمون الليل؛ لأنهم أخلصوا فيها قلوبهم، وأقبلوا على الله تبارك وتعالى، فكان الجزاء من جنس العمل، فكان الإشراق يصاحب هذه الوجوه التي سجدت وخضعت وركعت لله تبارك وتعالى، واجتهدت في أن تسر تلك العبادة لتكون بينها وبين الله تبارك وتعالى.

فما أحوجنا جميعا إلى أن تكون لنا خبيئة من الأعمال بيننا وبين الله تبارك وتعالى، فإن العظيم إذا قبل الإنسان ورضي به أمر جبريل أن ينادي: (إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يلقى له القبول في الأرض، واقرؤوا إن شئتم قول الله تبارك وتعالى: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا} يعني محبة في قلوب الخلق، ولذلك ينبغي أن يحرص الشباب على طاعتهم لله تبارك وتعالى.

أما بالنسبة للجزء الثاني من السؤال وهو الذي يتعلق بالمرأة التي عندها انفعال وصرامة أو شدة، فنحن نقول: لابد للإنسان أن يضبط انفعالاته، ولابد عندما ننظر للمرأة أو الرجل أن تكون نظرتنا شاملة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، فقد تكون سريعة الانفعال لكنها سريعة الأوبة، مواظبة على الصلاة، تحسن التربية، تهتم ببيتها، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.

بالنسبة لمسألة العلاج ينبغي أن يكون أولا برفق، وينبغي أن نبحث عن ذلك الانفعال، هل هو لخلفيات تربوية؟ أو قسوة واجهتها في صغرها؟ هل يا ترى دخلت في أزمات؟ أو هل لذلك سبب صحي فنراجع الأطباء؟ وكذلك نوصي الشريك بأن يتفادى ما يثير غضبها؛ لأن أحسن ما يتعامل به مع الذي عنده انفعال أن يتفادى الأمور التي ينفع فيها، ولذلك نكون قد وصلنا إلى مفتاح السر في التحكم في شخصيته وفي السيطرة عليه واستمالته، بأن نتفادى الأمور التي يكرهها، وهذه دعوى للرجال وللنساء، كما قاللت زوجة شريح: ماذا تحب فآتيه؟ وماذا تكره فأجتنبه؟

فإذا وصل الزوج إلى مكروهات الزوجة تفادها، وهي كذلك تتفادى ما يكره الزوج، بهذه الطريقة نتفادى الانفعال وكل الآثار السلبية، ونكون كتلك العاقلة التي جاءت زوجها فقال: (إنني سيئة الخلق، ولكن أسوأ منك من يلجئك إلى سيء الخلق) فكان هذا ذكاء منها، وسعدت مع زوجها لأنها عرفت المفتاح لشخصيته.

والإنسان ينبغي أن يسعى بنفسه في تغيير الطباع السيئة والطباع التي فيها نقص، ولكن لا ينبغي أن تشعر بأن الزوج يريد أن يغيرها؛ لأننا دائما نحن نفضل في الحياة الزوجية، بعض الأزواج يريد فورا أن يغير الزوجة، والصواب أن نقبل بها كما هي، وأن تقبل هي بالزوج كما هو، ولا مانع بعد ذلك بعد إظهار الإيجابيات والنفخ فيها وتزكيتها، وإعلانها من أن نطالب برفق من التحول إذا كان ممكنا، إذا كان ذلك من الإمكان نحاول وذلك برفق، لكن شعور الإنسان بأن هذا يريد أن يغيره وأنه يرى فيه عيوبا، هذا يجعل الإنسان لا يعينه على الخير، بل يعين الشيطان عليه، ولا شك أن أصناف النساء مثل الرجال، فيهن السهلة، فيهن سريعة الانفعال، ولكن نحن نريد أن نقول أن تكون النظرة شاملة.

نسأل الله أن يلهمنا وإياكم السداد والرشاد، وأن يصلح للرجال وللنساء أخلاقهم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

مواد ذات صلة

الاستشارات