كيف أتفقه في الدين الإسلامي؟

0 501

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندي لكم يا شيخنا سؤالان:

1- كيف يمكنني أن أتفقه في الدين الإسلامي؟ كما أرجو من فضيلتكم أن تدلوني على أهم الكتب التي لا بد على المسلم قراءتها والاطلاع عليها.

2- أنا يا شيخنا فتاة لدي شهادة جامعية وموظفة، لكنني لست سعيدة في حياتي، أحس دائما بفراغ يمللني، ودائما أحس نفسي مرهقة ومتعبة، لا أحس أن وجودي يؤثر في هذا العالم، لا أنفع لا الدين ولا أمتي، كما أنني لا أشعر بمتعة ولا بفائدة من حياتي، وكلما فكرت مثلا في تعلم الإعلام الآلي أو مواصلة دراستي قلت ماذا سأفعل بها؟ فأنا سأتزوج -إن شاء الله-، وسأرتدي النقاب ولن أعمل، فلن تنفعني دراستي هذه في أي شيء.

ودائما أتساءل يا ترى هل لا يجوز للمرأة الدراسة وتعلم العلوم؟ خاصة بحجة الاختلاط، فهل الاختلاط يحرم الدراسة على المرأة ويجيزه للرجل؟ يعني ليس هناك مشكلة لما تكون المرأة غير متعلمة في الإسلام، فماذا سأفعل بالعلوم والمعارف والدراسات العليا؟ ثم أقول وماذا لو لم أتزوج ولم يقدر الله تعالى ذلك؟ فلقد تقدم لي العديد من الخطاب، لكن دائما لا يكتبها الله، كما أنني ألاحظ كلما تقدم لي خطاب في الأغلب قطرات أو نثرات تشبه قطرات الماء، لكنها لا تذهب إلا إذا مسحت، يعني لا تجف مثل قطرات الماء أي يبقى أثرها.

سأبقى على الحالة التي أنا فيها لم أطور معارفي، ولم أترقى في عملي، ولم أتعلم أي شيء جديد، كما أنني دخلت منذ فترة لحلقات تحفيظ القرآن وهي تدوم قرابة الساعتين فلا أحتمل نفسي في الحلقة، بمجرد أن أعرض حفظي أبدأ بالمراجعة، لكن سرعان ما أمل وأحس بضيق وبالنعاس والتعب، وبعدها لا أستطيع المراجعة، وتختلط علي الآيات، فأضطر للتوقف والجلوس دون فعل شيء، وأبقى أنظر للساعة وأنتظر بقلق وقت انتهاء الحلقة.

أرجو منكم يا شيخنا أن تجيبوني جوابا شافيا، لعلكم تكونون سببا من الله تعالى لأجد حلا لما أعاني، بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أيتها الأخت الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نحن نشكر لك -أيتها العزيزة- اهتمامكم بالتفقه في دينك، وعلو همتك في هذا، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك ذلك، فإنه من أعظم الشرف أن يرزق الله تعالى الإنسان المسلم -رجلا كان أو امرأة- الفقه في الدين، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين).

وأنت -أيتها البنت الكريمة والأخت العزيزة- قد قطعت شوطا كبيرا من الإنجاز والنجاح في حياتك، فقد أنهيت دراستك الجامعية وتوظفت، وهذا فيه خير كثير لك إن كان عملك يسلم من المخالفات الشرعية، بأن كان شيئا يليق بالمرأة أن تمارسه، ولا تتعرض فيه للوقوع في المعاصي من الاختلاط المحرم أو نحو ذلك.

مما لا شك فيه ولا ريب أيتها البنت العزيزة أنك بهذا العمل تقدمين خيرا ونفعا لأمتك ولمجتمعك، فإن المجتمع لن يستغني أبدا عن خدمات تقدمه المرأة، فالمجتمع بحاجة إلى المعلمة المسلمة في شتى أنواع العلوم، ومحتاج للطبيبة المسلمة والممرضة المسلمة، ونحو ذلك من الوظائف اللائقة للمرأة والتي يحتاج المجتمع من المرأة أن تقوم بها.

ومن ثم فتعلمك لهذه المعارف واكتسابك لهذه الخبرات ينزلك المنازل الرفيعة عند الله تعالى، إذا كنت تقصدين به نفع الأمة، والقيام بالفرض الكفائي الذي فرضه الله عز وجل على أمة محمد، من القيام بتعلم العلوم التي تصلح بها الدنيا أو يصلح بها الدين، فأنت بذلك تحقيقين طاعة الله تعالى وتخدمين المجتمع، فتكسبين بذلك خير الدارين.

وليس صحيحا ما يسيطر عليك من اليأس بأنك لا تفعلين شيئا ولا تقدمين جديدا، فكل واحد منا مطالب بأن يقدم لأمته ما يقدر عليه، ولو لم يكن إلا أن يتعلم شيئا من القرآن فيعلمه لمن حوله، أو حديثا من أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويعلمه لمن حوله، وهذه منزلة عظيمة يبلغها الإنسان بجد يسير، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نضر الله امرئا سمع مقالتي فأدها كما سمعها).

فهذا دعاء عظيم من النبي -صلى الله عليه وسلم- للإنسان بالسعادة في دنياه وفي آخرته، السعادة البالغة الوفيرة، التي يظهر أثرها على وجه الإنسان بالنضارة والحسن والبهاء، كل ذلك بسبب حفظه لحديث واحد من أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتبليغه للناس وتعليمه للناس.

فكيف يليق بعد ذلك أن يسيطر عليك هذا الوهم، أنه لا يمكن أن تقدمي خيرا للناس، ولا أن تنفعي الأمة بشيء، فهذه وساوس من الشيطان يحاول أن يقعدك بها عن العمل والإنتاج، ويغرس فيك اليأس والإحباط، ثم يكره إليك الحياة ويبغضها إليك، فلا تسمحي له أبدا بأن يمارس هذا الدور معك، فإنه من أعظم المقاصد التي يسعى إليها كما أخبرنا الله -تبارك وتعالى- في كتابه إدخال الحزن على المؤمن، كما قال الله تعالى في سورة المجادلة: {ليحزن الذين آمنوا}.

فنحن نصيحتنا لك بأن تواصلي ما أنت فيه من التعلم والدراسة بالضوابط التي ذكرناها، وأن تحسني نيتك في ذلك، وتقصدين بها تعلم ما ينفعك وتعليمه للناس، وأنت في كل جهد وإن قل تكسبين بذلك خيرا لا يحصيه إلا الله تعالى.

ولك أن تتصوري -أيتها البنت- منزلتك عند الله وعند خلقه وأنت تعلمين الناس الخير، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض حتى الحيتان في البحر ليصلون على معلم الناس الخير).

من الكتب المهمة -أيتها الكريمة- في تعلمك وتفقهك في دينك أن تهتمي بكتب العقائد وأصول الدين، فمن أحسن الكتب في هذا كتاب الشيخ (حافظ حكمي) -رحمه الله تعالى-، المعروف (أعلام السنة المنشورة) أو (مائتي سؤال وجواب في العقيدة) وهو كتاب مختصر بسيط وفيه علم كثير، وكذلك (شرح أصول الإيمان) للعلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- ففيه حديث عن أصول الإيمان الستة، بكلام سهل جميل مفيد، ومن الكتب النافعة أيضا كتاب (التوحيد) للشيخ محمد عبد الوهاب -رحمه الله- ومن أحسن الشروح عليه: شرح العلامة ابن عثيمين في كتابه (القول المفيد).

وفي كتب الفقه هناك كتب عديدة يحسن بك مطالعتها، ولكن مع هذا ننصحك بأن تأخذي العلم عن العلماء، والعلم في هذه الأيام ميسر الوصول إليه والحمد لله، فالدروس العلمية المسجلة لكبار العلماء مبثوثة على المواقع، ومن أنفع المواقع في هذا المجال موقع العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- وعلى موقعنا الكثير من الدروس العلمية التي يمكن أن تستفيدي منها، فمن الكتب الجميلة في الفقه النافعة كتاب العلامة الفوزان (الملخص الفقهي) ففيه تلخيص لمذهب الحنابلة بأسلوب سهل يسير يسهل عليك فهمه ومطالعته، وبإمكانك مواصلتنا ومراسلتنا لمعرفة المراحل التي قطعتها بعد ذلك لإرشاد لما بعدها، كما ننصحك بالتعرف على النساء الصالحات والداعيات الفاضلات فإنهن خير عون لك على تحقيق المقاصد الحسنة.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك كل خير، وأن يجعلك مفتاحا للخير مغلاقا للشر.

مواد ذات صلة

الاستشارات