السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 14 عاما، منذ أيام قليلة، وأنا جالسة على الإنترنت، فتحت السجل لأفتح صفحة قد أغلقت وقتها، فوجدت أن أبي الذي كان جالسا قبلي قد فتح على الفيس بوك خاصته، ووجدت صفحات شخصية لبنات يمارسن الزنا، وصورا محرمة، وعندما استيقظت اليوم لأرى إذا كان أبي فتح شيئا آخر، فوجدته قد مسح السجل، وهذا ما زاد من شكوكي، علما بأني لا أستطيع أن أخبره بالأمر، فأنا أخاف منه جدا، ولا أستطيع إخبار أحد، علما بأن والدي يتصرف معنا ومع أمي بشكل جيد، ولا توجد مشاكل مع أبي وأمي.
أفيدوني فأنا حائرة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مهايخون أمي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك حسن تصرفك - أيتها البنت العزيزة- بتوجهك إلينا بالاستشارة قبل أن تتخذي أي إجراء لمعالجة هذا الوضع الذي وقفت عليه، وهذا يدل على رجاحة في عقلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا.
ينبغي أن تعلمي أيتها - البنت العزيزة - أولا أن والدك كغيره من الناس بشر، قد يقع في المعصية، فليس أحد معصوم بعد الأنبياء، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وربما أدت بوالدك أمور إلى الوقوع في هذا النوع من المعصية، ومن ثم فأنت مطالبة بأمور:
أول هذه الأمور: أن تستري ما رأيت على أبيك، فإن من ستر مسلما ستره الله، كما أخبر بذلك نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وهذا في حقوق المسلم عموما ما دام يستتر بمعصيته ولا يظهرها للناس، فإنه ينبغي أن يستر في هذه الحالة، وهو - إن شاء الله - على رجاء العافية من هذا الذنب، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين).
فاحذري أن تخبري بهذا أحدا من الناس، لاسيما وأن والدك حريص على ستر نفسه، ومن حقوقه عليك أن تتجنبي ما قد يؤذيه، فإن العلماء ينصون في كتبهم على أن: الولد ينهى والده عن المنكر ما لم يغضب، فإذا غضب سكت، ومن ثم فأنت مطالبة بالستر على والدك، واحذري أن تقعي في خلاف هذا. هذا أولا.
أما ثانيا: فإن والدك بحاجة إلى من يأخذ بيده ليخلصه من الوقوع في هذا الذنب مرات أخرى، وخير ما تقدمينه لأبيك هو أن تتسببي في أن يستمع إلى موعظة ترقق قلبه، وتذكره بالله تعالى وباليوم الآخر، وتنبهه لما يستقبله في مستقبل الأزمان من الحساب والجزاء على أعماله، والذكرى تنفع المؤمنين، فإذا سمع والدك المواعظ التي تذكره بهذا كله فإنه يرجى له - بإذن الله تعالى- أن يستفيق من غفلته، فحاولي بتلطف، ورفق، وحسن أدب، وحسن عرض على والدك، أن تسمعيه شيئا من المواعظ - وهي كثيرة على موقعنا وعلى غيره من المواقع - دون أن يشعر الوالد بأنه المقصود بهذه المواعظ مباشرة.
فبإمكانك أن تعرضي على الأسرة كلها مقطعا حسنا في ذكر شيء من أهوال يوم القيامة، أو الوقوف بين يد الله تعالى، وعرض الأعمال، ومحاسبة الناس على رؤوس الخلائق، ونحو ذلك من المقاطع المرققة للقلوب، وإذا سمعها والدك فلعل الله تعالى أن يجعلها سببا في طرد الغفلة عن قلبه.
ومما ينفع الوالد - أيتها الكريمة - أن تذكروه دائما بأداء الصلوات في جماعة المسجد، وتذكروا له الأحاديث المرغبة في الصلاة جماعة وفضل حضور المساجد، ونحو ذلك، فإن هذه البقاع وهذه المواطن هي التي يرجى فيها سماع الخير، وسماع التذكير، ولقيا الأصحاب الصالحين، فالصاحب ساحب.
ونحن على ثقة - أيتها البنت الكريمة - بأنك إذا سلكت هذا المنهج مع والدك ومحاولة ذلك، فإن الله عز وجل سيكتب على يديك خيرا كثيرا. نسأل الله تعالى أن يجعلك مفتاحا لكل خير.
وبقي أمر مهم - أيتها البنت العزيزة - لا ننسى أبدا أن ننبه إليك وهو:
أولا: عدم تتبع خصوصيات والدك، وكذا باقي أفراد الأسرة، فإن الإنسان قد يطلع على ما لا يحب الاطلاع عليه، ولهذا نهانا الله سبحانه وتعالى عن التجسس، فيحذر المرء منا أن تدعوه نفسه إلى تتبع خصائص الآخرين.
الأمر الثاني: – وهو مهم كذلك – أن تحذري على نفسك أنت، فإن كل واحد منا عرضة لفتنة الشيطان، فربما جره الشيطان من خلال واحد من هذه المداخل إلى ما لا تحمد عاقبته، فاحذري كل الحذر على نفسك، واتخذي الأسباب التي تقيك - بإذن الله تعالى - من الانجرار وراء خطوات الشيطان، فحاولي ألا تستعملي هذه الأجهزة إلا في حضور الآخرين، حتى لا يجعل الشيطان ذلك سببا لجرك إلى ما لا يحمد.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لكل خير.