السؤال
السلام عليكم.
تحية طيبة، وبعد.
مر على عقد قراني على زوجتي حوالي 8 أشهر، في البداية كنت مندفعا لكي نصبح مع بعض، ولكن في الفترة الأخيرة واجهتنا ظروف صعبة -علما أني في بلد، وهي في بلد ثان- أدت إلى التأخر في العرس، وليلة الدخلة، لذلك أصبنا بنوع من الملل، وأصبحنا نحاسب أنفسنا على أشياء تافهة، لدرجة أنها غير مستعدة لتغيير عقلها، وهي عنيدة برأيها، وأنا أحيانا أكون عنيدا، وأصبحت أفكر من منطلق أني أنا الرجل، وهي المرأة، ويجب عليها أن تطعيني.
مع العلم أني كنت من قبل مع المرأة، وأنها نصف المجتمع، وأنها تشارك الرجل في حياته، ولكن نظرا لخبرات الأصدقاء، أرى أنه يجب قمع المرأة لكي تطيعك، مع العلم أني ضد هذه الفكرة، ولكن بعد هذا العناد منها أصبحت أفكر في هذا الأمر.
أصبحت تقول لي أني متغير فكريا، وأصبحت متحجرا في تفكيري، مع العلم أني وزوجتي بالمستوى العلمي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك أخي السائل على تواصلك معنا.
بالنسبة لعلاقتك مع زوجتك يجب أن تكون مبنية على قاعدة صحيحة صلبة؛ لأن البناء لا بد أن يكون مبنيا من البداية على قواعد راسخة.
واعلم أن العلاقة بين الزوجين لا تبنى بأوامر ونواه، ولكن الحياة الزوجية مبنية على الحب، والمودة، والرحمة، والله تعالى سماها سكن؛ لأن فيها يسكن الزوج إلى الزوجة، والزوجة تسكن إلى الزوج، فإذا أنت أعطيتها هذه المشاعر فستبادلك نفس الشعور.
ولا تنس -أخي الفاضل- أن هذه الزوجة ستصبح أما لأولادك، فأكرمها، وارفع من شأنها، وعاملها بالحسنى، فالمرأة لها نفس رهيفة إذا أنت عرفت كيف تتعامل مع هذه الشخصية بلطف، وحسنى فستكسب ودها، واحترامها وطاعتها لك.
واعلم -أخي الفاضل- أنه ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه، فعليك بالرفق مع زوجتك، ولا تسمع لكلام الآخرين، أجلس مع زوجتك، وحاورها بالهدوء ، فالحوار الأسري الهادئ هو الذي يبني الأسرة السعيدة، ويبعد أسباب القلق، والصراع الزوجي.
وبالله التوفيق.
++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة المستشار/ د. حسن البريكي أخصائي الإرشاد الأسري
وتليه إجابة المستشار د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية ++++++++++++++++++++++++++++++
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نشكر لك التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين زوجتك وأهلك على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه، ويسعدنا أن ندعوك إلى أن تتذكر أن العلاقة السوية بين الرجل والمرأة تقوم على هدى وأنوار هذه الشريعة التي شرفنا الله -تبارك وتعالى- بها، وأن خير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، وكذلك ينبغي أن نتأسى برسولنا عليه صلوات الله وسلامه، الذي كان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
وأرجو أن أبدأ بأن أقول أن فكرة الأصدقاء وتحريض الأصدقاء ومفاهيمهم عن المرأة مفاهيم خاطئة، بل هي مصادمة لما جاءت به هذه الشريعة التي غيرت كثيرا من المفاهيم، ويؤسفنا أن بعض الناس لا يزال يريد أن يتعامل مع المرأة بنفس معاملة أهل الجاهلية، ولكن رسولنا عليه -صلوات الله وسلامه- هو القدوة والأسوة لنا، فينبغي لنا أن نقتدي به ونقتفي أثره.
أما ما ذكرت من التوترات، ومن الخلافات التي ظهرت، فهذه أشياء متوقعة في ظل هذا التأخير الذي حدث، ولا يخفى على أمثالك أن المرأة هي المتضرر الأكبر، والأول من أي تأخير، وأي تطويل في مسألة الخطبة، فنتمنى أولا أن تصلنا هذه العقبات حتى نتعاون في حلها، وتجاوزها، والحوار حولها.
الأمر الثاني: نتمنى أن تقدر وضع الزوجة، وأهلها في هذا التأخير، وكيف أنه يلحقها ضرر كبير جدا، وطبيعي أن يحصل هذا التوتر، لكن نريد أن نقول: المعاشرة الفاضلة للرجل والمرأة لا تكتمل إلا بمحاور ثلاث: المحور الأول: بذل الندى، بذل إحسانه، وابتسامته، وتعامله الفاضل.
المحور الثاني: أن يكف الأذى، يكف أذاه عن هذه، كما كان رسولنا عليه -صلوات الله وسلامه- يحسن إلى أهله، ولم يكن له أذى عليه صلوات الله وسلامه.
المحور الثالث: أن يصبر على الأذى، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يظل يومه غضبان، ومع ذلك كان يلاطف الزوجات، ويحسن إليهن، وكان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
فإذن نتمنى ألا تندفع مع آراء الأصدقاء، وتأثيراتهم، واجعل قدوتك في هذا السبيل هو رسولنا عليه -صلوات الله وسلامه-، وينبغي أن تعلم أن رأي المرأة ينبغي أن يؤخذ به إذا كان صوابا، فالمرأة إنسان، وقد تصيب الحق، والحق ليس ملكا لأحد، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وأم سلمة شاورها النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عرض عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- رأيها فكانت سببا في إخراج الصحابة الكرام من أزمة كبيرة جدا في تاريخ الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-.
ولذلك ليس صحيحا ما تظنه أن المرأة لابد أن يضغط عليها، ولا بد أن يشتد عليها، ولابد كذا، هذه الأمور غير صحيحة، والمرأة بحاجة إلى الإحسان وبحاجة إلى العطف، وإلى الشفقة، بحاجة إلى التذكير بالله تبارك وتعالى، وإذا خرجت الأمور عن إطارها فإن الله يقول: {فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} يعني أن هناك حلولا شرعية وفق معايير، وضوابط ينبغي أن تكون واضحة في شريعة الله -تبارك وتعالى-.
وأرجو أن يعلم كل إنسان عندما يدخل على زوجته أن السيطرة على الزوجة، وكثرة الأوامر، وكثرة التعليمات في هذه الفترة هي أمور تخلو من الحكمة؛ لأن الزوجة تصبح طوع بنان الزوج، عندما يدخل بها ويقوم بالواجبات التي عليه، ويؤدي الحقوق كذلك تجاهها، عند ذلك الزوجة غالبا تكون أطوع له لبنانه، فعليك أن تبني هذه الحياة على قواعد هذا الشرع الحنيف الذي يبني هذه الحياة على {ولا تنسوا الفضل بينكم}، ويبني هذه الحياة على {وعاشروهن بالمعروف}، ويبني هذه الحياة على: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، ويبني هذه الحياة على: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}، ويبني هذه الحياة على: {وجعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}، على التنازل، على التأقلم، على التوافق، على التفاهم، وصولا إلى التآلف بينكما.
ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يديم عليكم الخير، وأن يكمل لكم هذا المشوار على خير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.