خطيبتي متدينة ومقبولة ولكني متردد في الاستمرار معها.. فما نصيحتكم؟

2 644

السؤال

أنا شاب كنت أبحث عن زوجة صالحة متدينة، فقام صديق لي بترشيح أخته لي على أن أذهب وأراها، فذهبت، وتحدثت معها، ووجدت فيها كل ما يتمناه الرجل من أخلاق، وتدين، إضافة إلى أنها مقبولة الشكل، وما شجعني على الذهاب أنني أعرف العائلة جيدا، وكنت هادئ النفس عند اللقاء الأول، ولكن انتابتني حالة غريبة بعد رؤيتها بيومين، وهي أنني شعرت بأنها غريبة عني، فطلبت الجلوس معها مرة أخرى، ومن أول ما رأيتها استقر في نفسي خطبتها، وحددنا ميعاد الخطوبة.

بعد هذه المرة بشهر كنت خلالها أتردد على الأسرة ومع كل زيارة كنت أشعر بسعادة جميلة، وأتمنى الخطوبة في جو إسلامي جميل، ساعدني في ذلك تدينها، وأخلاقها أن نتغلب على العادات والتقاليد الحالية في الأفراح، ولكن بعد الخطوبة، ومع كل زيارة أصبحت مترددا، هل تسرعت في الخطوبة؟ وذلك من جهة الإحساس النفسي، فمرة أكون سعيدا، ومرة أكون مترددا، كما ذكرت، وأنا لا أنكر أنني عند رؤيتي لها أقارن بين شكلها، وشكل فتيات أراهن في العمل، أو في الشارع، ولكنني في حيرة، فجميع مواصفات الزوجة الصالحة فيها، وهذا ما يزيد من حيرتي، وفي نفس الوقت لا أستقر على شعور عند جلوسي معها.

فأرجو منكم إفادتي ما سبب هذا الشعور؟ وهل إذا استمريت معها سيزول هذا الشعور أم سأظلم نفسي وأظلمها؟

وهل مواصفاتها الدينية، والأخلاقية أهم من هذا الشعور، علما بأننا حددنا ميعاد الزواج بعد سنة وثلاثة أشهر، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد الجمل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ويسعدنا أن نقول لك بأن هذه الفتاة مناسبة، والحمد لله أنت خطبتها بطريقة صحيحة، ووجدت في نفسك الميل إليها، والعبرة بالانطباع الأول، فإن هذا الميل والتوافق لا يمكن أن يحدث من باب المجاملة؛ لأن الأمر تلاقي أرواح، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ولذلك أرجو أن تستمر على هذه المعاني، وهذا الشعور النبيل، وأن تعرف العائلة، وتعرف الفتاة وسعادتك في تجاوز هذه العقبات، وهي على درجة من التدين، وكما قلت أنها مقبولة الشكل، ووجدت في نفسك ميلا لها، وغمرتك سعادة كبيرة، ثم بعد ذلك هذه المشاعر التي جاءت بعد لا شك أنها من الشيطان.

والشيطان يحزنه أن يدخل الشاب الزواج بالحلال، لأنه يريد أن يشيع الزنى والفواحش، والشيطان همه أن يحزن الذين آمنوا، {وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله}، والشيطان يزين دائما القبيح للإنسان، ولذلك الإنسان إذا تزوج امرأة، ولم يغض بصره، فإنه ذلك من الشيطان، وهذه أيضا نقطة أرجو أن تنتبه لها، فإن نظرك في الموظفات – في الزميلات – في الغاديات والرائحات، هذه مخالفة شرعية ينبغي أن تتجنبها، وهي مصدر إزعاج وتعب لكثير من الناس.

فالذي يطلق لبصره العنان في الغاديات والرائحات كما قال ابن الجوزي (لم تكفه نساء بغداد، وإن تزوجهن جميعا)، ولذلك العلاج يبدأ أولا بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بغض هذا البصر – هذا النظر – إلى الغاديات والرائحات، خاصة بعد أن أكرمك الله بصاحبة الدين، وستدخل بها ولله الحمد، وتصبح زوجة لك، والإنسان يتزوج ليعف نفسه، ليغض بصره، ليطيع ربه، ليستكمل نصف دينه بعد أن أكرمه الله تبارك وتعالى بالزواج.

فإذن ينبغي أن تصطحب هذه المعاني العظيمة، والشيطان دائما يزين للإنسان القبيح، يعني لو تزوج الإنسان أجمل امرأة على وجه هذه الأرض، ثم أطلق لنفسه العنان، فبدأ ينظر هنا وهناك فإنه لا يمكن أن يشبع، والشيطان يزين القبيحة التي في الشارع، التي لا يعرف إلا ما ظهر منها، من خديعة ومكياج، وغير ذلك، أما الزوجة، اما الخطيبة التي اختارها الإنسان، أما الفتاة التي جلس معها، وعرف أسرارها، وأحوالها في ظلال الخطبة الشرعية، الخطوبة التي حضرها الأهل، وأيضا في تلك اللقاءات التي نحتكم فيها بالضوابط الشرعية، فإن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها.

ولذلك ينبغي أن تستعذ بالله تبارك وتعالى من هذه المشاعر السالبة، وتجتهد في أن تطيع الله تبارك وتعالى، وعليك أن تقبل على هذه الفتاة التي رزقك الله تبارك وتعالى إياها، ونحن نعتقد أن هذه أحسن صور الزواج، أن تكون بطريقة كما يقال تقليدية عن طريق الأخ، وعن طريق الصديق، ومن أسرة أنت تعرفها، والحمد لله الفتاة أيضا صاحبة دين وصاحبة خلق، ووجدت ما يدعوك إلى نكاحها، فعليك أن تكمل هذا المشوار، وتعوذ بالله تبارك وتعالى من الشيطان.

واعلم أن الشيطان لن يتركك، فتعوذ بالله من الشيطان، لأن الشيطان أمره كما قال الله تعالى حاكيا عنه: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم}، ولا يقف في طريق من يطلب الزنى، لكن يقف في طريق من يريد الزواج والحلال، لا يقف في طريق من يذهب إلى الخمارة، لكنه يقف ويعيق من يذهب إلى المسجد، فأرجو أن تصطحب هذه المعاني.

وسبب هذا الشعور معروف، هو أنك تطلق بصرك هنا وهناك، وهو أيضا أنك تتردد في الأمر، وهو أيضا أنك لا تدرك حقيقة ما يحصل من هذا العدو الذي هو الشيطان، الذي يقبح للإنسان الحلال ويزين له الحرام، ولذلك كما قال ابن مسعود لما سئل مثل هذا السؤال من ذلك التابعي الذي دعاهم إلى الوليمة فقال: عندي زوجتي وأخشى أن أبغضها؟ - هذه النقطة مهمة جدا – فقال ابن مسعود: إنما الحب من الرحمن.

فالحب والألفة هذه من الله، فألجأ إلى الله، واسأله من فضله، (والبغض من الشيطان) هذا البغض والنفور بين الزوج والزوجة، بين الخاطب والمخطوبة، بين من يريد الخير ومن تريد الخير، فإن البغض من الشيطان، (يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم) هكذا يعلمنا رسولنا عليه صلوات الله وسلامه، وهكذا علمنا ابن مسعود، وهؤلاء يتكلمون بأنفاس النبوة عليهم من الله الرضوان، قال له (إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم) وهذا الكلام واضح جدا حتى تعرف مصدر هذه المشاعر السالبة.

فأكمل هذا المشوار، واستعن بالله، وغض بصرك عن سوء زوجتك، واحرص على أن تطيع الله، فإن الإنسان إذا غض بصره وجد حلاوة لذلك في قلبه، وجد راحة لذلك في نفسه، وجد سعادة من وراء ذلك مع زوجه، فالمرأة لا ينبغي أن تنظر إلا إلى زوجها، والرجل ينبغي ألا ينظر إلا إلى زوجته، وعند ذلك تتحقق السعادة للطرفين، والحمد لله.

ونحن نشكر لك هذا التواصل، ونشكر لك هذا الحرص، وهذا الشعور الكاذب سيزول بحول الله وقوته، وبالاستعاذة بالله من الشيطان، واللجوء إلى مالك الأكوان، بالإقبال على هذه الزوجة، بتذكر ما فيها من إيجابيات، وأرجو أن تعلم أنه لا يمكن أن تجد امرأة بلا عيوب، كما أن كل رجل لا يخلو من العيوب، ونوصيك بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر) حتى لو وجدت وجاء في مخيلتك أن في الأخرى صفات أخرى، فاعلم أن فيها نقائص أيضا، وأنك لا تعرف من حال الأخريات إلا ما ظهر من أحوالهن، ومن السهل على الإنسان أن يضحك للناس، وأن يظهر ما عنده، لكن حقيقة تنكشف حقيقته عند المعرفة به، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وندعوك ألا تفرط في هذه الفتاة، صاحبة الدين والأخلاق ومقبولة الشكل، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات