السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ساعدوني بالله عليكم؛ لأني أريد أن أريح ضميري- جزاكم الله الجنة - وأشكركم من كل قلبي على هذا الموقع الهادف والطيب, وعافكم الله, وحفظكم من كل شر.
أنا عمري 18 سنة, دخلت عالم النت منذ سنوات, وعندما كنت بالمتوسطة - ثالث متوسط - أضفت مجموعة بإيميلي بالخطأ - ووالله إني ما كنت أعرف المجموعات, ولا أي شيء عنها- لكني بعدها ضعفت ودخلت وتكلمت معهم, وعرفت أن فيها اختلاط أولاد وبنات فلم يعجبني الوضع, وطلبت من صاحبة المجموعة حذفي؛ لئلا أرجع إليها نهائيا, وكان هناك أشخاص محترمون جدا, وقالوا لي: عندنا مجموعة فسجلي معنا, فنحن نتكلم كلاما عاديا, فترددت, وقلت: هذا حرام ولا يجوز, لكني بعدها بيوم وافقت ودخلت بمجموعتهم - والله يشهد علي أن نيتي كانت طيبة, ولم يكن في قصدي شيء غير جيد- أعتبرتهم جميعا إخواني, وتعرفت على شخص أصغر مني بسنة, واعتبرته أخي الذي لم تنجبه أمي, وتكلمت معه وعرف عني كل شيء – اسمي, وعائلتي ومكان سكني, وحتى صوري أرسلتها له – والله إني كنت واثقة به جدا, ولم يضرني بشيء, لكني تعبت من عذاب الضمير, لا أدري ماذا أفعل - أستغفر الله - وعلاقتي به جيدة جدا, ونحن نتكلم بكلام عادي, وتعلقت به جدا, وأضفته إلى إيميلي, وكلمته عدة مرات بالجوال, وأنا أكلمه الآن على "الواتسب" لا أعرف ما أعمل؟ هل علاقتي به حرام أم ماذا؟
أنا لا أحبه حبا كالذي يكون بين البنات والأولاد, لكني أعده أخا لي فقط, وأريد أن أتركه لكني محتارة.
عرفته منذ 3 سنوات ونصف, ولم أرسل له صوري إلا هذه السنة, لكني ندمت, وأنا أستغفر الله, وقد أحسست بعظيم خطئي, وطلبت منه حذف صوري, وقد حذفهن, ولم أرسل له بعدها شيئا, لكننا نتكلم كلاما عاديا, وقد نصحني وأفادني بأشياء كثيرة, ووالله إني ما تكلمت مع أحد غيره, علما بأني من عائلة محافظة ومتدينة جدا, وأنا محافظة.
انصحوني - بارك الله فيكم – ماذا أعمل فقد تعبت جدا وخائفة من ربي جدا, اللهم استر علي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك هذا الثناء على الموقع، ويسعدنا أن نقول: نحن في خدمة بناتنا وأبنائنا الكرام، ونسأل الله أن يصلحكم، وأن ينفع بكم البلاد والعباد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك حسن العرض لهذه المشكلة، ونعتقد أن هذا الشعور الذي دفعك للتواصل مع موقعك هو البداية الصحيحة للعودة إلى الطريق الصحيح الذي يرضي الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تعلمي أنه مهما كان هذا الشاب أمينا وصادقا وفيه كل الصفات فإن هذا الذي يحدث لا يجوز ولا يقبل من الناحية الشرعية؛ ولذلك أرجو أن تحاولي الانسحاب بعد أن تنصحي لنفسك وتنصحي لهذا الشاب، ونسأل الله أن يردك وإياه إلى الخير والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.
واعلمي أن الله سبحانه وتعالى يستر على الإنسان ويستر عليه، فإذا تمادى ولبس للمعصية لبوسها هتك ستره وفضحه وخذله، قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}, وقال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب}.
وندعوك بعد قطع هذه العلاقة إلى التوبة – وندعوه إلى التوبة كذلك – فإذا تاب وصدق في توبته ثم تأكد لك الصدق في التوبة – وتبت أنت أيضا ورجعت عن هذا الذي حدث – فلا مانع بعد ذلك إن أراد أن يطرق بابكم ويأتي أهلك، إذا كانت هناك إمكانية، أو طريقة يستطيع أن يحول هذه العلاقة إلى علاقة شرعية مكشوفة بعلم الأهل وتكون موافقة – قبل ذلك – لهذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وأرجو أن تعرضي عليه هذا الكلام بالتوقف، ثم المجيء لبيتكم من الباب وطلب يدك من أهلك، وعند ذلك سيتبين الصدق عند هذا الشاب، فإما أن يهرب إلى الأبد، وعندها نقول: كفى الله المؤمنين القتال، وإما أن يبدأ فعلا بعد ذلك في أن يفكر في المجيء إلى داركم من الباب؛ من أجل أن يطلب يدك بطريقة رسمية وشرعية.
هذا إذا كانت فعلا هناك رغبة مشتركة في إكمال المشوار بهذه الطريقة، أو تصحيح هذا المسار, وتخليص النفس من هذه الأخطاء, ومن تأنيب الضمير على هذا الذي يحدث, وأرجو أن تعلمي أن المعرفة عن طريق النت لا تعطي إلا جزء من الحقيقة, وليس كل الحقيقة، وأن الكلام الجميل فن يجيده كل أحد، ولذلك نحن في مثل هذه الأحوال ندعو إلى التوبة والتوقف، ثم ندعو إلى مجيء البيوت من أبوابها حتى ينظر ويقابل أهلك الأحباب، ويطرق عندكم الباب، وعند ذلك يمكن أن تشاهديه مشاهدة طبيعية؛ لأن النظرة الشرعية حق للفتى وحق للفتاة.
أما أن نبني العلاقة على النت والكلام الجميل فذلك فن يجيده كثير من الناس، وحتى الصور لا تعطي الحقيقة كاملة، ولكن الشريعة تبيح له أن ينظر إليك, وتبيح لك أن تنظري إليه، في حال عزمكما ورغبتكما في الارتباط بالزواج، بل إننا ننصح (الطرفين) أن تكتموا هذه العلاقة حتى لو أردتم أن تحولوها بطريقة صحيحة، فليس من الحكمة أن يقول: إنه قد تعرف عليك, وإنك كنت تتواصلين معه؛ لأن هذا سبب لإساءة الظن بك وبه، ونؤكد مرة ثانية ونكرر على مسألة التوبة؛ حتى لا يجد الشيطان فرصة، فإن الشيطان الذي يجمع الناس على الغفلات هو الشيطان الذي يأتي ليغرس شجرة الشكوك والظن السيئ في نفوسهم، فهذه العلاقة بهذه الطريقة لا يقبل أن تستمر، إما أن توضع في إطارها الصحيح الشرعي، وبعد ذلك تعلن هذه العلاقة، وإذا كان هذا غير ممكن فلا بد من التوقف فورا, والندم, والتوبة, والرجوع إلى الله تبارك وتعالى, وهذا هو الذي تمليه هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
ولاحظنا أيضا أنك تقولين: إنك لا تجدين نحوه شعورا، ونحن نقول دائما: ينبغي أن تجتنب كل المشاعر وكل العلاقات العاطفية قبل الرباط الشرعي؛ لأنها خصم على السعادة، ولأنها تفقد الإنسان الثمرة، وليس للمعصية حلاوة:
تفنى اللذائذ ممن نال صفوتها *** من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها *** لا خير في لذة من بعدها النار
وقد قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب * * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * * وخير لنفسك عصيانها
ولذلك ينبغي أن تتعوذي بالله من الشيطان، وأنت - ولله الحمد - محافظة متدينة، ومن أسرة طيبة محافظة، والدليل على أنك على خير وفيك خير هو هذه الاستشارة، التي تطلبين فيها المعونة والمساعدة للخلاص مما أنت فيه.
نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمنا وإياك السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.