السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، تعرفت على فتاة في الجامعة كانت تدرس معي منذ 3 سنوات تقريبا، وكنا نراجع الدروس بشكل جماعي مع الأصدقاء، وكنت أساعدها كثيرا، لم أعرف كيف تعلقنا ببعضنا البعض، ووصل بنا الأمر إلى أن تواعدنا على الزواج، وأصبح يدور بيننا كلام كثير عبر الهاتف، والرسائل القصيرة، وبعض الأحيان نجلس لوحدنا.
تخرجنا معا السنة الماضية -والحمد لله-، تم قبولي للعمل مع الدولة وأنا الآن مقبل على خطبتها، وأخبرت بذلك والدي، لقد ندمت على كل الأخطاء التي ارتكبتها ودخولي في علاقة غير شرعية مع هذه البنت، وللإشارة فهي فتاة محجبة وخلوقة، وأنا كذلك - والحمد لله - وهي تكبرني بـ 6 أشهر.
وطلبي جزاكم الله خيرا، أن تنصحوني بما يجب القيام به، هل أتوكل على الله وأبدأ إجراءات الزواج من هذه الفتاة؟ أم ماذا أفعل؟ وهل أكون مذنبا إن تركتها؟
وهل لهذه العلاقة السابقة تأثير على حياتنا المستقبلية إذا وفقنا الله للزواج؟ أم لا؟
وهل سيشكل سنها عائقا في المستقبل؛ حيث أن جل النساء يصلن إلى سن اليأس في الأربعينيات؟
أستسمح كثيرا على الإطالة، وأشكركم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك أيضا هذا الاعتراف، ونشكر لك هذه الروح التي دعتك إلى أن تندم على ما حصل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب علينا وعليكم، وأن يلهمنا وإياكم الرشد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تعلم – يا ابننا الكريم – أن ما حصل من الخطأ لا يمنع تصحيح الوضع، ولا يمنع حصول الصواب، وأن فارق العمر المذكور يسر ولا يضر، وهذه العلاقة ليس من الضروري أن يكون العمر أصغر أو أكبر، لأن التلاقي إنما يحصل بالأرواح، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ومعلوم لك - ولأمثالك من الفضلاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم – تزوج خديجة وهي أكبر منه، وتزوج عائشة وهو أكبر منها، وأسعد الجميع –عليه صلوات الله وسلامه – فإن مسألة العمر وغيرها مسائل ثانوية، لكن الأصل هو أن يحصل القبول، أن يحصل التلاقي بالأرواح، فهي جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
فإذا حصل التوافق والقبول ووجد الدين والأخلاق فهذه مؤهلات النجاح، وأرجو أن تبدأوا هذا المشوار بالتوبة مما حصل – والاستغفار – ولا مانع بعد ذلك من أن تأتي البيوت من أبوابها، وننصحك بأن تكتم ما حصل بينكما من علاقات ومن جلسات، رغم أنها كانت نظيفة، إلا أنه ليس من المصلحة إعلان أن المعرفة كانت قديمة، وأن العلاقة كانت قديمة، ولكن الآن لابد أن نضع هذه العلاقة في إطارها الشرعي.
وقد أسعدني وأعجبني أنك أخبرت الوالد والوالدة، لأن هذا باب من أبواب النجاح، فالإنسان عندما يخبر أهله ويشرك والديه في مسألة الاختيار، فإن هذا أولا من علامات التوفيق، وثانيا أنه يجبر خاطرهم، وثالثا أنه أدعى لأن يقبل به الطرف الثاني، لأن أي أسرة تريد أن تطمئن بأن أسرة الشاب (الخاطب) معه وموافقة، ومن أسرة صالحة، لأن الزواج في حقيقته ليس تلاقيا بين رجل وامرأة، وإنما بين أسرة وأسرة، بين قبيلة وقبيلة، ولذلك ينبغي أن تواصل هذا المشوار، ولا أظن أن هناك حرجا، فأنت الآن جئت البيوت من أبوابها، عليك أن تطلب من الوالد والوالدة أن يطلبا لك الفتاة رسميا، ويتقدما بطلب ذلك من أهلها، فإذا حصل الوفاق وحصل القبول وحصل الاعتراف بين الأسرتين فعليكما أن تكملا هذا المشوار، وتجتهدا في الاستغفار والتوبة، وفي بناء حياة جديدة على تقوى من الله تبارك وتعالى ورضوان، لأن الإنسان إذا رجع وتاب إلى الله تعالى وصدق في توبته، وأسسها على أسس صحيحة فإن الله يوفق الإنسان.
والتوبة من الأعمال الصالحة، ولكن الآن لابد من وقفة جادة وإيقاف لهذه العلاقة حتى توضع في إطارها الشرعي المعلن الصحيح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم عليكما فضله ونعمه، وأن يلهمكما السداد والرشاد.
ولا يخفى عليك أن الإنسان إذا صدق في توبته وأخلص في أوبته ورجوعه إلى الله، فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما، فالعبرة بصدق التوبة والرجوع منك ومنها، وعندها ينبغي أن تدرك أن الله ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، بل إنه يفرح بتوبة من يتوب إليه، وكما قلنا: ما حصل من تجاوزات لا يمنع حصول الحلال الذي يرضي الله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ولها الخير، وأن يلهمكما السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.