السؤال
ما عقاب الشاب الذي وعد فتاة ضعيفة بالزواج؟ وانتظرته لمدة ثلاث سنوات، واستطاع أن يستغلها جنسيا، ولكن الآن يخونها؛ لأنها لم تعد ترضى أن تقدم له شيئا؟
وما حكم دعوة الفتاة عليه بأن يعيد الله لها حقها منه، ويذله أمامها كما ذلت أمامه؟ وهل دعواتها هي دعوات مظلوم؟ مع العلم بأن الفتاة تائبة ومستغفرة لربها؟ وباتت ترفض الخطيئة وإغضاب الله لذلك خانها؟
وهي تنتظر خطبته ووعده لها، وكانت واثقة فيه لأبعد الدرجات، وتعتقد بأنه صادق؟
هي تريده وتحبه .. وترفض الزواج بغيره بعد أن غلطت معه، هل الدعاء يساعدها في أن يعود لها؟ مع أن الشاب أصله طيب، وكان إنسانا جيدا .. ولكن رغباته أعمته ووضعه المادي الصعب الذي لا يساعده على الزواج هو الذي جعله يفعل هكذا، وهو يصلي ويذكر الله، ولكنه ضعيف أمام رغباته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وندعوك إلى أن تتعظي من الذي حدث، فإن المؤمنة لا تلدغ من جحر واحد مرتين، إذا كان هذا الشاب أراد الشر، فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، والله تبارك وتعالى هو المنتقم الذي يأخذ للناس حقوقهم.
وعليك أن تتوبي إلى الله وتستغفري وترجعي مما حصل منك من التقصير، وأرجو أن تعلمي أيضا – ويعلم الشباب والفتيات – أن الإسلام لا يرضى بأي علاقة ليس لها غطاء شرعي، لا يرضى بأي علاقة لا يأتي فيها الشاب إلى البيوت من أبوابها، ويكلم أهلها، ثم بعد ذلك تعلن هذه العلاقة، وحتى بعد أن يخطب الفتاة فإن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها.
ولذلك ينبغي أن ننتبه لأحكام هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وما يزعمه هذا الشباب من ضرورة حصول التعارف وضرورة حصول المعرفة قبل الخطبة هذا من الخطأ الكبير الذي اكتشف - حتى أهل الغرب - آثاره الخطيرة، لأن العلاقات العاطفية خارج الأطر الشرعية هي المسؤولة عن أكثر من خمسة وثمانين بالمائة من الفشل في الحياة الزوجية - هذه إحصائيات في البلاد الغربية - حتى النسبة الباقية (خمسة عشر بالمائة) يعيشون في جحيم، لأن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة.
ولا شك أن هذا الشاب الذي يصر على أن يجرك إلى المعصية وأنت تحرصين على أن تتوبي وأن تصححي الأخطاء، وأن ترجعي إلى الله تبارك وتعالى، لا شك أنه سوف ينال الجزاء من الله تبارك وتعالى، والله تبارك وتعالى عدل، منتقم سبحانه وتعالى، فالجئي إلى الله تبارك وتعالى وتوبي إليه، ولا تقبلي بهذا الشاب إلا إذا جاء تائبا وراجعا إلى الله تبارك وتعالى وظهرت التوبة، وبعد أن يتوب لابد أن يأتي داركم من الباب، ويطلب يدك من أهلك الأحباب، وإلا بغير ذلك فلا تقدمي أي تنازلات، لأن الشاب يحتقر الفتاة التي تقدم له التنازلات، ويحترم الفتاة التي تلوذ بعد الله بإيمانها وحيائها، وإذا رفضت الفتاة أن تقدم تنازلات وطلبت من الشاب أن يكلم أهلها وأن يأتي البيوت من أبوابها، فإن هذا أول وأهم اختبار لصدق الشاب، فإن الكلام المعسول يجيده كل أحد، ولكن الشريعة تختبر هذا الخاطب، فإن كان فيه خير جاء وطرق الباب، وإن كان فيه خير قدم بعد ذلك صداقا (مهرا) يدل على صدقه، وحرص على أن يؤسس علاقة صحيحة على هدى من الله تبارك وتعالى ونور.
فاحرصي على أن تحتكمي بآداب هذا الشرع في كل أمر من أمورك، وكما قلنا انتفعي من هذا الذي حدث، وعاهدي الله تبارك وتعالى على الطاعة وعلى السير في الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى، وعلى تأسيس علاقات مضبوطة بضوابط الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
فالإسلام كما قلنا لا يعترف بأي علاقة بين شاب وفتاة إلا في إطار الزوجية أو في إطار المحرمية، أما غير ذلك فالإسلام لا يبيح هذه العلاقة، مع ضرورة أن يكون هدف العلاقة هو الزواج، وأن تكون هناك خطوات عملية من أجل الزواج، أما التوسع في العلاقة العاطفية بهذه الطريقة فهذا أمر لا تقره هذه الشريعة، وأنت الآن جنيت بعض الثمار المرة لمخالفة شرع الله تبارك وتعالى، ولكن متى عدت وتبت إلى الله ورجعت إلى الله تبارك وتعالى فإن الله غفار، حيث قال: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} ومتى صدقت مع الله تبارك وتعالى فكوني واثقة من أنه سبحانه يدافع عن الذين آمنوا، حيث قال: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}.
فالجئي إلى الله تبارك وتعالى، واعتصمي بشرعه، واعلمي أن الله تبارك وتعالى هو الذي ينصر الضعيف من عباده وإيمائه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب على هذا الشاب أيضا ليتوب، ونكرر: لا تقبلي به هذه المرة حتى لو تاب إلا إذا جاء لداركم من الباب، وقابل أهلك الأحباب وطلب يدك للزواج.
فلا تغرك التوبة والندم، لأن العلاقة في أصلها غير صحيحة، حتى لو فرضنا أن الشاب كان طيبا ونزيها ولم تخرج العلاقة عن الإطار المعقول، فإن الشريعة تحرم هذه العلاقة التي ليس لها ضوابط أو روابط أو غطاء شرعي.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يفقه فتياتنا وشبابنا في هذا الدين، وأن يلهمنا جميعا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.