أصبحت أكره أبي لأنه سبب فقدان ثقتي بنفسي

1 706

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نشكركم على هذا الموقع المميز والمفيد.

أما بعد: فأنا شاب أبلغ من العمر 25 عاما، مشكلتي -أيها الإخوة الأفاضل- هي عدم الثقة في نفسي وأشعر بأني فاشل، بعض الأحيان أتغلب على هذا التفكير، لكن عندما أخطئ في شيء أعود إلى نفس الحال، وأظن أن كل ما يحدث لي هو بسبب أبي؛ لأنه كلما رأى أني أخطأت في أي شيء يغضب، وكأنه يقول لي بأني فاشل، وأني لا أصلح لأي شيء، لم يقل لي ولو لمرة واحدة لقد فعلت هذا وأحسنت، حتى أصبحت معقدا، ولا أبحث عن عمل، لأني أشعر أني لست قادرا على إتقانه، لا أدري ماذا أفعل! أصبحت أكره أبي كرها شديدا في بعض الأحيان؛ لأنه هو سبب كل ما يحصل لي، أنا أحب أبي، ولكن أظن أنه قد دمر حياتي، أريد منكم بعض النصائح في قضيتي، وأريد أن أسألكم هل إذا كرهته أعتبر عاقا لأبي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن أكبر الأسباب التي تؤدي إلى فقدان الثقة في النفس هو أن الإنسان ينظر فقط في سلبياته، ويحاول دائما أن يركز عليها، بل يلتقطها التقاطا ويبحث عنها، وبعد ذلك يضخمها، وفي ذات الوقت لا ينظر إلى إيجابياته، أو يعتبر أن الإيجابيات هي جزء من المسلمات في الحياة، وهذا خطأ كبير.

ومن الأشياء التي تفقد الثقة في النفس هي أن يحكم الإنسان على نفسه، وعلى أدائه من خلال مشاعره، ولا يحكم على نفسه من خلال أعماله.

والأمر الثالث الذي يفقد الثقة في النفس هو أن نحاول أن نجد المبررات لذلك، فبعض الناس يحاولون إيجاد بعض المبررات، هذه المبررات قد تكون واهية، وقد تكون حقيقية في بعض الأحيان، لكن المبررات إن أخذناها كأسباب يجب أن ننظر إليها كخبرات فقط، مثلا: أنت في حالتك ترى أن منهج والدك في التربية هو الذي جعلك تكون في هذه الحالة من افتقاد الثقة في مقدراتك.

هذه الفكرة يجب أن تغير ويجب أن تبدل، وذلك لسبب بسيط: أن والدك قطعا لا يكرهك، لأن حبه لك حب فطري وغريزي، لكن إشكالية معظم الآباء أنهم يودون أن يكون الأبناء أفضل منهم، لذا تجد أن الأب دائما يتصيد أخطاء الابن، ويحاول أن يكون حازما معه في تصحيحه، وهذا منهج خطأ.

أنا أتفق معك أن الإنسان يحتاج للتحفيز، يحتاج للإثابة، يحتاج للتشجيع، وهذا أمر مهم، وأعتقد أن هذه النقطة يمكن أن تتجاوزها تماما بأن تذكر ما قلته لك أن والدك ينتهج معك هذا المنهج؛ لأنه يريدك أن تكون ناجحا، وتكون أنجح وأفضل منه، هذا - إن شاء الله تعالى – يزيل هذه الكراهية التي في نفسك نحوه، وفي نفس الوقت هذا الأمر سوف يساعدك، لأنك الآن وجدت تفسيرا لماذا يقوم والدك بهذه المعاملة حيالك.

الإنسان إذا لم يحفزه الآخرون ولم يشجعوه - حتى وإن كان الأب أو الأم – يجب أن يحفز نفسه، ويحفز نفسه من خلال إنجازاته، والإنجازات تأتي من خلال إدارة الوقت بصورة صحيحة، وأن تضع خارطة أمامك لإدارة الوقت يوميا، ما هي الأشياء التي سوف تقوم بها؟ ابدأ بصلاة الفجر، ثم بعد ذلك قم بعمل معين، وهكذا، إذن أنت حين تنجز، وحين تفعل وحين تطبق، وحين تكون لك مساهمات في هذه الحياة سوف تحس بالرضى، وهذا تحفيز نفسي ذاتي مهم جدا، الإثابة يمكن أن تكون من خلال الذات، وأعتقد أن هذا هو الذي تحتاج له، وإن اتبعت هذا المنهج أعتقد أن مشكلتك سوف تحل تماما.

نصيحتي لك أيها الفاضل الكريم هي: أن تبحث عن إيجابياتك، لابد أن تكون لك جوانب مشرقة في الحياة، وحاول أن تطورها.

نصيحة أخرى هي: أن تكون لك صداقات وعلاقات وأخوة مع الصالحين من الناس، الإنسان يحتاج للقدوة وللنموذج الذي يتبعه في الحياة، والأمر الذي أزعجني هو أنك لا تعمل، أنا أقدر الظروف والاختناقات الموجودة في سوق العمل وقلة الفرص، لكن العمل مهم وضروري، ويجب أن تبحث عنه، وأنت شاب لديك طاقات نفسية وجسدية، لابد أن تستفيد منها، والعمل سوف يشعرك بقيمتك الذاتية، وهو من أفضل وسائل التأهيل النفسي والجسدي.

هذا هو الذي ننصحك به، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأشكرك لك تواصلك مع إسلام ويب.


___________________________________________

انتهت إجابة: د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي.

ويليها إجابة الشيخ: أحمد الفرجابي الاستشاري الشرعي والتربوي.
__________________________________________

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.

بداية نحن نعتقد أنك لست بفاشل والدليل على ذلك هو هذه الاستشارة المرتبة التي تواصلت بها مع الموقع، ونحن سعداء بمثل هذا التواصل الذي يدل على نجاح من يتواصل ومن يبحث ويسأل ويبحث عن الإجابة، وأرجو أن تتذكر أن التوفيق من الله تبارك وتعالى، فأكثر اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، واعلم أن ما من إنسان إلا ويقع في الأخطاء، لكن الناجح لا يقف عند الأخطاء، إنما يعتبر الأخطاء عبارة عن محطات في طريق النجاح، فلا يوجد إنسان في هذه الدنيا لا يخطئ، لا يوجد إنسان ليس فيه نقص، ولكنك تضخم هذا الجانب كما أشار الدكتور الفاضل محمد عبد العليم .

أما بالنسبة للوالد فحقيقة لا نؤيد الطريقة التي كان يرد بها عليك، والطريقة التي كان يتكلم بها، ولكن نريد أن نقف معك وقفة ونقول لك: هل لما كان الوالد يغضب ويقول هذا الكلام هل كان يريد لك الخير، أم كان يريد لك غير ذلك؟ قطعا ما من أب إلا ويتمنى أن يكون ولده أفضل منه وأحسن منه، والإنسان الوحيد على وجه هذه الأرض الذي يتمنى الآخرين أن يكونوا أفضل منه هم الآباء والأمهات.

وبكل أسف هذا الشعور الزائد، هذا الحرص الزائد، هذا الحب الزائد، هذه الإرادة الزائدة جدا للخير أحيانا تجعل الأب يقسو على الولد، ويجعل الأم تقسو على البنت أو على الولد، عندما يتأخر عن المرتبة العليا، كان الأب وكانت الأم ينتظرا من الابن أن يكون على أفضل طرق النجاح، وقطعا هذا خطأ منا معشر الآباء والأمهات، لكن نحب أن نذكر أن المشاعر الأصلية، والدافع الأصلي وراء هذا الغضب أنهم يريدون لك الخير، يريدون أن تكون أفضل من يمشي على وجه الأرض، ولكنهم قطعا بهذه الطريقة الوالد عندما يفعل – أو الوالدة عندما تفعل – بهذه الطريقة تحطم الأبناء والبنات.

إذا علمنا أن مشاعر الوالد نبيلة، وأن هذا الوالد يحبك، وأن هذا الوالد يريد لك الخير، وأن هذا الوالد يرغب في نجاحك لكنه كان يخطئ في التوجيه، فإننا نريد أن نقول لك: إن الصبر على الوالد والإحسان للوالد والمسامحة في هذا من الأمور التي يؤجر عليها بين يدي الله تبارك وتعالى.

فالإنسان ينبغي أن يحمل مشاعر نبيلة تجاه والديه، وإن وجد مشاعر غير ذلك فما ينبغي أن يظهرها، ويتعوذ بالله تبارك وتعالى من شرها، ويتفادى إظهارها، ولكن لا يعتبر عاقا إلا إذا أظهر هذا العقوق، إلا إذا تحول هذا الشعور إلى إساءة أو إلى نظرة حادة، أو رفع للصوت، أو إساءة للأب بأي أنواع الإساءة، وهذه - ولله الحمد - لم تصل إليها، لأنك على خير، ولأنك تتواصل مع مواقع إسلامية.

وعلى كل حال نحن ندعوك إلى أن تقترب من الوالد، وتتفهم الدوافع التي كانت تحركه فتجعله يشتد عليك، ونريد منك أيضا أن تحسن الظن في نفسك، فأنت على خير، وينبغي أن تضخم النجاحات، وتمضي خلفها، وتسأل الله تبارك وتعالى دائما التوفيق والسداد.

ونتمنى أن نسمع عنك خيرا، وأن نراك تسير في طريق الخير، وندعوك دائما إلى تحسين العلاقة بينك وبين الوالد، وتذكر أنك تؤجر على صبرك عليه، وتؤجر على إحسانك للوالد، وتؤجر على قربك من الوالد، بل إننا نبشرك أنك بهذا الأدب والسكوت على الوالد والاحتمال منه ومحاولة الاقتراب منه تخطط لنفسك، فإن الأبناء سيكون لك بنفس الطريقة التي تكون معها مع الأب، فبروا آبائكم تبركم أبناؤكم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وهون على نفسك فليس عليك شيء من الخطأ وشيء من العقوق، طالما كنت تحمل هذه الروح، والدليل على أنك لست عاقا - إن شاء الله – هو أيضا هذه الكتابة الذي سطرتها بيدك في هذه الاستشارة، وهذا السؤال الذي يدل على الحرص الشديد والخوف الشديد من أن تكون من العاقين، فأنت لست منهم.

ونعتقد أن شهر الصيام فرصة للاقتراب من الوالد والإحسان إليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات