السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعرفت على فتاة أثناء عملي بمؤسسة لفترة مؤقتة، هي أكبر مني بـ 3 سنوات، استمر حديثنا بعد ترك العمل على الهاتف، قبل فترة قليلة نور الله بصيرتي وهداني للخير، تركت الحديث معها على الهاتف خوفا من الله أن يغضب علينا، الفتاة تقبلت الأمر كي يوفقنا الله للخير، أنا أريد الزواج منها، ووعدتها بالزواج خوفا أن أظلمها معي، رجاء أرشدوني للخير، هل وعدي لها بالزواج حلال أم حرام؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك - ابننا الكريم - تواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد ونحيي فكرة السؤال؛ لأنها تدل على خير فيك، وتدل على خير في الطرفين، نسأل الله لكما التوفيق والسداد، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فأبشروا بهذا التوقف عن التواصل؛ لأنه لا يوجد غطاء شرعي ولا علاقة رسمية تبيح لك أو لها التواصل مع بعضكما البعض، ولكن -ولله الحمد- أنتم هديتهم إلى الصواب، وهذه نعمة من نعم الله تعالى عليكم، فاستمروا على هذا الوضع ولا مانع بعد ذلك عندما تتهيأ للزواج أن تتقدم إلى دارها وتطلب يدها، إذا كان لك فعلا رغبة وإذا كانت الرغبة مستمرة وإذا كان ذلك بالإمكان.
ودائما نحن في العلاقات التي يحدث فيها تواصل على غير ضابط شرعي، أو قبل وجود علاقة رسيمة وشرعية، فإننا نفتي دائما بقطع العلاقة ثم بالتوبة النصوح، ثم بعد ذلك إذا تهيأت الفرصة المناسبة، وتهيأ الشاب للزواج وأعد العدة، عليه إذا أراد أن يطرق الباب مرة ثانية من الفتاة التي كان قد عرفها، مع ضرورة أن يستر ذلك، فلا يعلم أهله ولا أهل الفتاة بأنه كانت بينهم علاقة سابقة، حتى لا يساء بهم الظن، فإن الإنسان إذا قال كانت علاقة الناس يذهبون بعيدا، وقد تكون العلاقة سطيحة، وقد تكون نظيفة وقد علاقة سيئة و- العياذ بالله -.
لذلك من الحكمة طي تلك الصفحة تماما، التوبة النصوح، انصراف الشاب لتهيئة نفسه للزواج، بعد ذلك لا مانع من أن يطرق باب أهل الفتاة، يتقدم إليهم رسميا يطلب يديها على كتاب الله وعلى سنة النبي - عليه الصلاة والسلام -، فإذا حصل الوفاق والتوافق فلا مانع ولا حرج من ذلك، بل سوف يكون في ذلك الخير الكثير، وكونكم تواعدتم على الزواج، وعلى أن تكون لك أو تكون لها فهذا لا مانع فيه طالما العلاقة متوقفة، لكن أنا أنصح دائما الشاب والفتاة إذا جاءها الخاطب المناسب الذي ارتاحت إليه وكان صاحب دين، وصاحب خلق فلا مانع من أن تقدم على القبول به وتمضي في سبيلها، وكذلك الشاب إذا أتيحت له الفرصة المناسبة ووجد فتاة صاحبة خلق ودين رضيتها الأسرة رضيها لنفسه لا مانع من أن يكمل معها المشوار.
وهذا العهد ليس عليه شروط أو التزامات معينة، وهذا من مصلحة الطرفين، إن الفتاة قد يأتيها رجل فكيف تنتظر وهي لا تعرف هل يوافق أهلها أم لا! هل يأتيها الشاب أو يمضي إلى غيرها؟ فالمسألة من هذا الباب عبارة عن اتفاق أدبي من ناحية أدبية فقط، ولا مانع عندما يتهيأ الشاب أن يتقدم رسميا ليجعل هذه العلاقة رسمية.
طبعا هنالك وسائل معروفة بأن يرسل الإنسان خالته أو والدته تتكمل وتقول بنتكم نريدها لابننا، وهذا وحده يكفي، وعند ذلك سوف يتصل الوالد ويقول جاءنا خاطب كذلك، هل أنتم على رأيكم أو نمضي بهذا السبيل؟ وهذا كان موجودا عند العرب في الجاهلية، لذلك لما خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة -رضي الله عنها -، أرسل خولة بنت حكيم لتخطب له عائشة، فطلب منها الصديق أن تستأذن وتنتظر ثم ذهب إلى بيت المطعم بن عدي، قال كنتم تكلمتم في شأن هذه الجارية فما قولكم الآن؟ فرفضوا وقالت زوجته إذا زوجناها ولدنا ستفسده ويدخل في دينكم، ونحو ذلك من الكلام، فرجع الصديق متهللا بعد أن تحلل من ذلك العزم والعقد، فرضي بعد ذلك، وبشر خولة بأن عائشة للنبي - عليه الصلاة والسلام -.
فأنا أريد أن أقول هذه تعتبر التزامات أدبية، لكن كما قلنا من مصلحة الطرفين ألا تكون ملزمة، وليس لنا أن نجعلها ملزمة؛ لأنه لا توجد خطبة رسمية، وإذا وجدت خطبة رسمية فإن الفتاة تحجز للفتاة ولا يجوز للإنسان أن يخطب على خطبة أخيه، وأما إذا كان مجرد كلام ومجرد وعد، فأرجو أن يكون في الأمر سعة، ولكن إذا كنت راغبا فيها، فنحن ننصح الشاب بأن يهيأ نفسه ويبادر، فالمبادرة بيد الشاب غالبا حتى لا تدخل الفتاة في الحرج إذا كان حريصا على الارتباط بها، وعليه أن يكمل هذا المشوار، ثم يتقدم رسميا ويطلب يدها.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضه، وبالله التوفيق والسداد.