هل أطلقها لهذه العيوب التي فيها؟

0 400

السؤال

أنا شاب في العشرينات من العمر, تقدمت لخطبة فتاة, ولما رأيتها لم تعجبني كثيرا, ومع إصرار الوالدين بأنها فتاة منزل وشريفة؛ صليت صلاة الاستخارة, وتوكلت على الله, ومع مرور الوقت أحسست بشيء في داخلي, وسرعان ما تطور إلى كره مرير تجاهها, خاصة بعدما رأيت منها بعض العيوب (شعر كثيف وأسنان مركبة) وبت لا أطيقها, فقررت أن أطلقها, هذا مع العلم أني عاقد عليها عقدا مدنيا, طرحت الفكرة على العائلة والخطيبة فلم يتقبلوا الأمر.

أنا الآن في حيرة من أمري, وأريد نصيحة من الشيخ.

والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه وبعد.

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك, ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد, وأن يعينك على الخير.

نحن بلا شك لا نشجع الطلاق من هذه الفتاة, والإنسان ينبغي أن يدرك أن بنات الناس ليست لعبة, وأن الإنسان لا يرضى مثل هذا الموقف لأخته, أو لعمته, أو لخالته, فكيف يرضاه لبنات الناس؟! لذلك أرجو أن تفكر مرات بعد ألف, إذا كنت قد فكرت ألف مرة ففكر مرات بعد الألف, وحاول أن تتذكر ما في هذه الفتاة من إيجابيات, فإنك لن تجد امرأة لا عيوب فيها, كل امرأة فيها نقائص, وفيها جوانب مشرقة, وفيها جوانب نقص, وكذلك الرجل.

ولذلك وجهنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك التوجيه السديد: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر) فالإنسان ينبغي أن ينظر إلى المرأة, أو إلى أي إنسان بعينين وليس بعين واحدة, وإنما يضع الإيجابيات في كفه, وما أكثرها, ثم ينظر في السلبيات -وطوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه.

وهذه المرأة كما ذكرت في البداية كونها فتاة مؤدبة حريصة على لزوم منزلها, وفيها ميزات هي التي دفعت العائلة إلى أن تشجعك على الارتباط بها, ونحن في مثل هذه الأحوال نتمنى أن يكون الرفض من البداية, فليس ما يلزمك القبول بفتاة إذا كنت من البداية لا تريدها لأنك أنت الذي سوف تتزوج, مهما كان طلب الوالد والوالدة, إذا كان عندك نفور من البداية ينبغي أن لا تجامل في هذه المسألة؛ لأن مشوار الحياة طويل, ولكن بعد أن يقبل الإنسان, وبعد أن يبدأ المراسيم, وبعد أن يفرح الجميع لا يجوز له أن ينسحب بهذه الطريقة.

وإن كنا ندعوك إلى أن تفكر مرارا في هذا الأمر, وتحاول أن تتعرف على الأسباب التي أدت إلى النفور، فما ذكرت من العيوب ينبغي أن تنظر إلى جواره وما فيها من إيجابيات, ونحن سوف نكون في انتظارك لتذكر لنا ما في الفتاة من إيجابيات, كما ذكرت لنا ما فيها من سلبيات, هذا المعيار وهذا الميزان الذي له كفة الحسنات وكفة النقائص والسلبيات؛ هذا مما يعين الإنسان على الوصول إلى النتائج التي لا يندم عليها بعد ذلك.

وعندما تأتي هذه الإيجابيات والسلبيات سنفكر معك في العواقب, ونفكر في البدائل المتاحة والنتائج المرتبة, ونضع أنفسنا في موقع الفتاة, ونراعي رغبة الوالدين, وأنت بحاجة إلى أن تنظر إلى هذه القضية نظرة شاملة, وسل نفسك هل يمكن أن ترضى هذا لو حدث مع أختك, أو بنتك, أو عمتك, أو خالتك؟ ما هو موقف الأسرة وما هي النتائج المرتبة؟ ألا تعتقد أن في هذا ظلما للفتاة؟ وهل بإمكانك أن تستمر وهذه العيوب موجودة؟ ثم ما هي الإيجابيات الحاسمة في هذا الأمر؟

نحن نريد أن نعرف ما هي الإيجابيات، أنت ذكرت بعضها, ولكن نريد أن تعيد النظر, ويا حبذا لو سجلت الإيجابيات في ورقة, ثم وضعت إلى جوارها ما ترى من سلبيات, ثم فكرت في حالك, ونحن نكرر لن تجد امرأة لا عيوب لها, كما أنك أنت فيك عيوب, ونحن لسنا -باعتبارنا بشر- خالين من العيوب, وما من إنسان إلا وفيه نقائص.

لذلك هذا الميزان ما ينبغي أن يغيب عنك, ولا عن أي إنسان, ينبغي أن توقن أن أي إنسان فيه إيجابيات وفيه سلبيات، وأنك لا يمكن أن تجد امرأة ليس عندها عيوب, وليس عندها خلل, وليس عندها نقائص, ولا يمكن لأي امرأة أن تجد رجلا بلا عيوب وبلا نقائص. إذن النظرة الشاملة مطلوبة, والنظر في مآلات الأمور مطلوب.

تأمل هذا الأمر قبل الإقدام عليه, هذه الخطوة التي أرجو أن تفكر بها طويلا قبل الإقدام عليها.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

والله ولي التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات