السؤال
السلام عليكم.
أريد التخلص من حبي لشخص بعدما وعدني بالارتباط، ودامت علاقتنا لمدة سنتين، وأحببته أكثر من نفسي، وحدث الكثير بيننا، واليوم أقف أنا موقف الخاجل من نفسه على ما فرطت في حق نفسي، وأهلي، وربي أولا وأخيرا.
لا أعرف كيف أبرئ نفسي من كل هذا؟ وما الذي أستطيع فعله حتى أنساه؟ وحتى أتقرب إلى الله ويرضى عني ولا يغضب علي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ asmaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونشكر لك هذه النفس اللوامة التي دفعتك إلى الاعتذار ومحاولة تصحيح ما حصل من تقصير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم فضله ونعمته علينا وعليك، ونهنئك بهذه المناسبة الكريمة عيد الأضحى المبارك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستخدمنا جميعا في طاعته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، إنه على كل شيء قدير.
نحن في الحقيقة سعداء بفكرة الاستشارة، فهذه الاستشارة التي تدل على أنك على خير، فالإنسان الذي ينتبه ويعود إلى الصواب، هذا على خير كثير، والإسلام لا يعترف بأي علاقة تكون في الخفاء، ولا يعترف بأي علاقة لا تنتهي بالزواج، ولا يعترف بأي علاقة فيها تجاوزات للحدود الشرعية، فلذلك لا مانع بعد هذا من وقفة، من توبة إلى الله نصوح، ثم بعد ذلك إذا استطاع أن يأتي البيوت من أبوابها وتؤسسون علاقة صحيحة بعد التوبة – أكرر بعد التوبة النصوح – فلا مانع من ذلك، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
أما إذا كان هذا هو الفراق النهائي، وليس له رغبة، وليس لك رغبة في الاستمرار، فأيضا عليكم بالتوبة النصوح، وعمري قلبك بحب الله تبارك وتعالى، وعليه أن يشغل نفسه بالمفيد وبتلاوة كتاب ربنا المجيد سبحانه وتعالى، وأؤكد هنا إذا كانت العلاقة هذه ليس لها مستقبل، وليس هناك أمل في أن ترتبطوا فلابد من التوقف فورا، والاجتهاد في نسيان هذا الذي حدث من تجاوزات، وأكرر كذلك: لابد من الستر على أنفسكم، الإنسان يستر على نفسه، ويطوي تلك الصفحات وإلى الأبد، ويكتم أمر تلك العلاقة حتى عن أقرب الناس إليه، ولسنا بحاجة لنفضح أنفسنا، وقد سترنا الله تبارك وتعالى، وإذا تاب الإنسان من الخطأ، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل إذا صدق الإنسان في توبته، وأخلص في أوبته، فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات.
ولا يخفى عليك أن من شروط التوبة الإخلاص والصدق، والندم على ما مضى، والعزم على عدم العود، كذلك الإكثار من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال ربنا تبارك وتعالى.
فإذن أنت -ولله الحمد- على خير، وتحاولي دائما الاجتهاد والاشتغال فيما يرضي الله تبارك وتعالى، وإذا شغل الإنسان نفسه بطاعة الله، ثم قبل ذلك بحب الله، وشغل نفسه بالمفيد، فإنه سينسى أشياء كثيرة، ونحن نقدر صعوبة الوضع، لكن أصعب منه الاستمرار في المخالفة، وفي هذه العلاقة التي لم يكن لها أسس وقواعد شرعية تقوم عليها، ومثل هذه العلاقة نخاف من الاستمرار فيها؛ لأن العظيم تبارك وتعالى يستر على الإنسان ويستر عليه.
فإذا تمادى العبد في المعصية، ولبس للمعصية لبوسها فضح أمره، وهتك ستره وخذله، فاحمدوا الله الذي ردكم إلى الصواب، وردك إلى الحق والخير قبل أن يفتضح الأمر، فاستروا – أكرر – على أنفسكم، واحرصي على الحسنات الماحية، واجتهدي في كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى، واعلمي أنك على خير كثير، فإن الإنسان الذي يدرك الخطأ ثم يبدأ طريق التوبة هذا على خير كثير، وهذا توفيق من الله، أرجو أن تحمدوا الله تبارك وتعالى عليه، واجعلي من شكر هذه النعمة – نعمة الهداية - التوبة والصواب والانتباه من هذه الغفلة، وتلك التجاوزات، اجعلي شكرك لهذه النعمة عملا بطاعة الله تبارك وتعالى.
واعلمي أنه سيأتيك الزوج الذي قدره الله في الوقت الذي أراده الله، فاحرصي على أن تشغلي نفسك بالمفيد، واحشري نفسك في مراكز التحفيظ، وفي تجمعات الصالحات، واعلمي أن لكل واحدة من الصالحات ابن أو أخ أو محرم يطلب الصالحات من أمثالك، فأظهري لهن ما وهبك الله من جمال وخصال جميلة بين أخواتك الفاضلات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
أكرر: إذا كان ذلك الرجل بعد أن يتوب ويأتي البيوت من أبوابها، أيضا لا مانع من هذا إن كان ذلك بالإمكان، وفي كل الأحوال نحن ننصحكم بأن تستروا على أنفسكم، وتكتموا أمر العلاقة التي حدثت، فإن الإنسان ينبغي أن يستتر بستر الله تبارك وتعالى، والله تبارك وتعالى ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، فنسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأن يقدر لك وله الخير حيث كان ثم يرضيكما به.