السؤال
السلام عليكم.
في البداية أنا أشكر جميع المستشارين هنا وجزاكم الله خير الجزاء وجعل كل حرف في ميزان حسناتكم.
استشارتي هنا مختلفة، وأود أن تنشر علنا حتى يتعظ الجميع بما حصل لي، وأنا الآن أستشيركم وكلي أمل بأن ألقى جوابا.
قدر الله لي أن أسلك طريق الضلال، قبل ست سنوات تعرفت على شاب وأحببته واستمريت معه لمدة 6 سنوات، وكنت أعلم أن هذا الأمر جرم عظيم، وكنت من فترة لفترة أتوب وأستغفر وأتركه، ثم يعود ويهددني وكنت أوقاتا أرجع له استجابة له وأوقاتا تحت التهديد.
استمريت معه ست سنين، وأنا ندمانة، وكلما أتوب يرجعني، للأسف الشديد أصعب شيء وأكبر شي فعلته معه هو إرسال صوري، الصور كانت متنوعة ويحرم على الرجل الأجنبي أن يراها، استسلمت للشيطان وأرسلتها له، وبعدها صار يهددني بالصور، كان كل مبتغاه الصور - والحمد لله - لم أخرج معه ولا مره طيلة 6سنوات.
المرة الأخيرة عزمت على التوبة وقلت لنفسي لو يهددني بالقتل لن أرجع، وتركته وهو يعاود الاتصال والتهديد أحيانا.
وكنت في وقت صلاتي أدعو الله بالثبات، ودعوت لهذا الشاب بالهداية والسعادة.
في يوم من الأيام أرسل لي برسالة تحتوي على قذف، وقال لي: أنه يستشهد على القذف بوجود الصور ونسي أنه كان يهددني كي أرسلها له، أنا انهرت كثيرا ولم أتصور أن يقذفني وأنا تائبة، أنا أعلم أني أستحق كل هذا لأني عصيت الجبار.
لكن سؤالي: هل أنا أدخل تحت حكم الزانية بسبب الصور، وهل علي حد؟
أنا تبت وأعلم أن الله غفار لمن تاب وأصلح، لكن فعلتي هل تعتبر زنا وعليها أستحق القذف؟ تعبت نفسيتي، أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سجود الشكر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وهنيئا لك بهذه التوبة وبهذه اليقظة والعودة إلى الصواب، نسأل الله أن يعيد علينا وعليكم مثل هذه الأيام المباركة باليمن والإيمان، والتوفيق لما يحب ربنا ويرضاه.
وأبشري بالخير، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله تبارك وتعالى يفرح بتوبة من يتوب إليه سبحانه وتعالى، وهو ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.
فأبشري بالتوبة، واصمدي واصبري على ما أنت عليه، ولا تستجيبي لرغبات هذا الفاسق الفاجر، ولا تعالجي الخطأ الذي وقعت فيه بخطأ أكبر منه، واعلمي أنه لن يضر إلا نفسه، وليس عليك حتى الغسل، ولا تعتبري زانية، والوبال عليه - والعياذ بالله - في هذا الذي يفعله، بل هو الذي ينبغي أن يطبق عليه حد القذف، لأنه يرمي محصنة غافلة تائبة، راجعة إلى الله تبارك وتعالى.
فجددي التوبة كلما حاول استفزازك وتهديدك، وجددي الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، ولا تستجيبي لرغباته مهما كانت ومهما فعل، فإن من الخطأ أن يعالج الإنسان الخطأ بخطأ أكبر منه، فاصمدي على التوبة، وابشري بتوبة الله تبارك وتعالى عليك، وهنيئا لك بهذا التوفيق إلى الخير، واحمدي الله تبارك وتعالى الذي ستر عليك، وحذار من أن تعودي، فإن الله تبارك وتعالى يمهل الإنسان لكنه لا يهمله، والله سبحانه وتعالى يستر على العبد ويستر عليه، فإذا لبس للمعصية لبوسها وبارز الله بالعصيان فضح أمره وهتك ستره وخذله.
وإذا كانت العلاقة لم تتعدى إرسال الصور فهذه - ولله الحمد- نعمة كبيرة، فاقطعي حبال الوصل، واجتهدي في تغيير أرقام الهواتف والإيميلات، حتى لا يجد فرصة للاتصال والتواصل بعد ذلك، وإذا حصل ونشر تلك الصور فمن حقك أن تنكري، واعلمي أن الصور يستطيع أن يتحصل عليها بوسائل كثيرة، وهذه - إن شاء الله تعالى - لا تسمن ولا تغني من جوع، إذا حاول أن يهددك بها، فطالما أنت - ولله الحمد- عفيفة واثقة من نفسك، فاصبري على هذا الخير، وتعوذي بالله من شره، والجئي إلى الله تبارك وتعالى، وارفعي أمرك إلى الله تبارك وتعالى، واشغلي نفسك بتلاوة الكتاب، واحشري نفسك في زمرة الصالحات، وواظبي على حضور مراكز التحفيظ، وسماع المحاضرات، وتوجهي إلى رب الأرض والسموات، واعلمي أن الإنسان إذا تاب تاب الله عليه، بل إن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، بل إن التائب إذا تاب يبدل الله سيئاته حسنات.
فحذار أن يأتيك الشيطان فتضعفي وتعودي مرة ثانية إلى المعاصي وإلى المخالفات وإلى الأمور التي تغضب الله تبارك وتعالى، واجعلي هذه الاستشارة هي آخر فرصة وآخر عودة إلى تلك الصفحات السوداء، وأقبلي على الله تبارك وتعالى وعلى طاعته، واعلمي أن العظيم تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} بل إن الرحيم يفرح بتوبة من يتوب إليه، وإذا صدقت في توبتك فإن الله سيستر عليك ويهيأ لك من أمرك رشدا.
وننصحك بأن تستري على نفسك، ولا تخبري أي إنسان على وجه هذه الأرض بما كان من علاقات أو كان من تواصل مع أمثال ذلك الشرير، وإن حصل وحاول أن يفضح فمن حقك أن تنكري وتتبرئي من كل ما حصل، وأبشري بتوبة الله عليك، وحافظي على ما وهبك الله من العفاف والخير والعقل، واحمدي الله الذي أنقذك مما كنت فيه من الغفلة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.