السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال بخصوص إهداء المصحف لغير المسلمين، فقد أهديت صديقة لي مصحفا مترجما باللغة الانجليزية، وبه نص عربي، ولم أكن أعرف أنه لا يجوز أن يتخلل القرآن المهدى لغير المسلمين نص عربي، فقد كان هدفي الرد على تساؤلاتها الكثيرة بخصوص الإسلام، وما جاء عن سيدنا عيسى، فكيف أستعيد تلك النسخة منها مرة أخرى دون أن يساء فهمي بشكل سلبي؟ فلا أستطيع أن أقول لها إنك لست بطاهرة فهذا سينفرها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، وشكر الله تعالى لك سعيك، وحرصك على هداية هذه الصديقة ودعوتها إلى الإسلام، وهذا دليل على علو همتك وغيرتك على دينك وحبك الخير للآخرين، ونسأل الله تعالى أن يجعلك مفتاحا للخير مغلاقا للشر، ونحن نشد على يديك وندعوك إلى مواصلة هذا الطريق، والحرص على إبلاغ دين الله تعالى لكل من تستطيعين إبلاغه، فإن قدرك عند الله تعالى ودرجتك تعظم بقدر بذلك لعمرك ومالك في هذا الطريق، وبهذا تحققين الاتباع الكامل للنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال الله تعالى عنه: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}.
وينبغي لك أيتها البنت الكريمة أن تتفقهي في دينك، وأن تسألي أهل العلم وطلبة العلم عما أنت مقدمة عليه، وما يجوز منه وما لا يجوز، فذلك أنفع لعملك وأبعد لك عن الوقوع في المخالفات.
وأما ما ذكرت من إهداء المصحف مع الترجمة لصديقتك، فإن هذا المصحف الذي يختلط بغيره قد وقع فيه النزاع والخلاف بين العلماء أهو مصحف أم ليس بمصحف، فمنهم من يرى بأن العبرة بالأكثر حروفا، فإن كانت الترجمة أكثر حروفا من نص القرآن لم يعد مصحفا، ومنهم من يرى بأنه ما دام فيه نص القرآن مستقلا فإنه ينبغي أن يعامل معاملة المصحف.
وعلى كل حال فالاحتياط مما لا شك فيه في هذا الباب أحسن وأنفع، وتحصيل المقصود الذي تريدينه يحصل بغير هذه النسخة، فبإمكانك أن تهديها ترجمة خالية من نص القرآن، وبهذا يتحقق المقصود، فيطلع غير المسلم على ما في القرآن من التوجيهات والمعاني دون أن يقع المسلم في محذور تسليط الكافر على المصحف، إذ يمكن أن يقع المصحف في يده فلا يبالي بحرمته فيدنسه ويعرضه لأنواع الإهانة، ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر بالمصحف إلى بلاد الكفر، والحديث في صحيح مسلم.
وبإمكانك أن تخلصي هذا المصحف من صديقتك بطريقة مؤدبة لا تشعر معها هذه الصديقة بهذا المعنى الذي تخافين أنت الوقوع فيه، إذ بإمكانك أنت أن تقولي لها: (إنني تذكرت أن في هذه النسخة شيئا أنا أريده وأحتاجه، وسأعطيك، أو خذي هذه النسخة عوضا عنها) أو أن تطلبي منها إعارتك هذه النسخة للنظر فيها، ثم بعد أن تعطيك إياها تحاولي الاعتذار إليها بأنك لا تزالين بحاجة إليها وستهديها نسخة أخرى إلى أن تفرغي منها، ونحو ذلك من الأساليب التي لا تفهم بها هي الإساءة إليها.
مع أن إخبارها بأننا نهينا أن نمكن غير المسلم من النص العربي للقرآن، إخبارها بذلك وأنه جزء من تعليم ديننا وأن فيه حفظا وصيانة لهذا الكتاب، إخبارها بذلك لن يسيئ إليها إذا صاحبه أسلوب حسن في الأدب والاعتذار، بل ربما يكون ذلك سببا للفت نظرها وانتباهها إلى تعظيم المسلمين لكتاب ربهم، فإذا رأيت ذلك فلا حرج عليك في أن تصارحيها بذلك، وإذا خشيت هذه المفسدة فلك أن تتخلصي منها بالطرق التي ذكرنا.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الخير، وأن يجعلك مفتاحا له.