عندي سرحان وتفكير وخيال وأحيانا فضولي..ماذا أفعل؟

0 535

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا طالب أدرس الطب، وكنت متميزا بين أقراني ولازلت، كما أنني محبوب بينهم، وأثق في نفسي إلى حد كبير، ولكني أمر بالكثير من المشاكل النفسية- وقد دلني الله إلى هذا الموقع القيم- فأرجو منكم بعد الله تعالى مساعدتي في حل مشاكلي.

أولا: أنا كثير التفكير، أفكر في كل شيء، وأتخيل أشياء لم يحدث منها شيء، أحيانا يصفني أصدقائي عندما أحكي لهم بأني خيالي، كثيرا ما فكرت بأنني رئيس للجمهورية، وأنني أدير شأن البلد، وأني أعمل كذا وأترك كذا، حتى أنني خلال هذا الحلم أصف المواقف بالتفصيل، وأكون مستمتعا، لا أريد أن أخرج من الحلم أبدا، وقد يستمر لساعات.

أحيانا عندما أرى أحد فرق الكرة عندنا ينهزم، أتخيل نفسي لاعبا مميزا، وأدخل في تصور المباريات، والتعليق، وأنني أحرزت البطولة، حتى عندما أكون وحدي في الشارع أجري، وأتخيل أنني أركل كرة، وهكذا أتخيل أنني طبيبا ناجحا ومديرا، وفي كل الأمور.

المشكلة أن هذه الأحلام غالبا ما تأتيني عندما أجلس للمذاكرة، وأكون مركزا، أو عندما آتي للنوم، كما أن ما يزعجني أيضا هو خيالاتي الجنسية، أتخيل أنني مع زوجتي، وأفعل كذا وكذا، حتى يحدث لي انتصاب كامل، ولكنه غير مصحوب بمذي، إذ أنني لم أر هذا المذي قط في حياتي، فقط أسمع به رغم أنني أحتلم وأقذف طبيعيا.

ثانيا: أحيانا ينتابني فضول شديد، مثلا عندما أهتم بمعرفة شيء، وأمنع من ذلك، أظل أفكر لأيام ما هذا الشيء؟ وماذا حدث؟ حتى أنني أحس بضيق شديد في صدري، وتزداد دقات قلبي، أكون محبطا إلى حد أنني لا أستطيع الأكل، وكلما حاولت أن أنسى الموضوع يأتي ويتكرر في مخيلتي، ولا ينتهي حتى ينقضي عليه أشهر.

ثالثا: أنا سريعا ما أدخل في الناس، وأنشئ معهم صداقات حميمة، ولكني سرعان ما أبدأ وأغار مما يملكون وأستصغرهم، وأتأثر بالمواقف السلبية التي تحدث لي منهم، فيتحول ذلك الحب الكبير الذي كنت أكنه لهم إلى كره لا أستطيع وصف مداه، وتقل علاقتي معهم، ولا أطيقهم بعده؛ حتى أنني أشك في عقلي وإيماني.

أعتذر للإطالة، وأريد منكم توضيحا لحالتي بالتحديد، وأنا سأتقبل كل ما ستقولونه، وسأعمل بنصائحكم.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

موضوع التفكير الخيالي، وأحلام اليقظة هي ظاهرة إنسانية مرتبطة بالمرحلة العمرية التي يمر بها الشباب، وهذه الأفكار قد تأخذ أشكالا مختلفة، في بعض الأحيان تكون أمنيات، لكنها أمنيات مبالغ فيها، في بعض الأحيان قد تكون أفكارا متداخلة، لكنها لا تلامس الواقع، وفي بعض الأحيان تكون أحلام اليقظة إيجابية جدا، لأنها تمثل الحافز والدافع الذي يجعل الإنسان ويجد ويثابر من أجل أن يصل إلى مبتغاه.

أنا حقيقة غير منزعج لأحلام اليقظة التي تأتيك، بالرغم من معرفتي التامة بأنها مزعجة لك، وقد تكون مضيعة للوقت، لكنها سوف تنتهي، خاصة إذا عرفت أنها أحلام يقظة، ويجب أن تشغل نفسك بها، ويجب أن تصرف انتباهك إلى ما هو أفضل.

الذي لفت نظري حقيقة هو النقطة الثانية، وهو موضوع الفضول الشديد، ومحاولتك لاستكشاف الأمور بصورة متدققة، والإسراف في التفكير في الأمر، ويظهر أنك تحلل الأمور بصورة تفصيلية، وهذا -أيها الفاضل الكريم- يدل على النمط الوسواسي الذي ربما يكون سمة من سمات شخصيتك، وهذا أيضا قد يبرر حقيقة التوسع في الخيال، ووجود أحلام اليقظة بكثرة وكثافة.

نقطتك الثالثة: أيضا حقيقة تجعلني أكثر قناعة بالجوانب الوسواسية التي لم تصل لمرحلة المرض، لكنها - كما ذكرت لك – صفات في شخصيتك، وهي أنك تنشئ علاقات طيبة مع الناس، وصداقات حميمة، لكن بعد ذلك لا تستطيع أو تكره الاستمرار في هذه العلاقات؛ لأنك تحسب وتتأثر بالمواقف السلبية من الطرف الآخر للدرجة التي تجعلك تستصغرهم.

هذا النوع من التفكير دائما نجده لدى الناس المتدققين، والذين يبحثون عن المثالية، وشيء من الكمال، وهذا أيضا صفة وسواسية.

مجمل القول أنك شخصية جيدة، بل ممتازة، ولكنك قد تكون حساسا بعض الشيء، ولديك بعض الميول الوسواسية، هذا أيها -الفاضل الكريم- يعالج من خلال الحرص على تجاهل هذه الأفكار، وتنظيم الوقت بصورة جيدة من أجل صرف الانتباه، وأن تمارس تمارين الاسترخاء، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم: (2136015) حاول أن تتبع الإرشادات الموجودة بها، واجعلها نمط حياتك، وسوف تساعدك كثيرا.

النقطة الأخيرة والهامة: دراسات كثيرة جدا أشارت إلى أن التطبع والسمات الوسواسية يمكن التصدي لها من خلال تناول مضادات أو كوابح استرجاع السيروتونين انتقائيا، وهي نوع من الأدوية النفسية المعروفة التي تستعمل في علاج الاكتئاب النفسي، وكذلك الوساوس والتوترات.

من هذه الأدوية يوجد دواء مشهور يسمى (فلوكستين) هذا مسماه العلمي، وسوف تجده تحت مسميات تجارية مختلفة في السودان، فيمكن أن تتناول منه كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم بعد ذلك تتوقف عن تناول الدواء.

أيضا سيكون من الجميل إذا تواصلت مع أحد أساتذة الطب النفسي في كلية الطب التي تدرس بها، وأعتقد أنك سوف تجد منه المساندة الكافية.

أرجو أن يكون ما ذكرته لك مفيدا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، -وإن شاء الله تعالى- نراك طبيبا متميزا في المستقبل.

مواد ذات صلة

الاستشارات