السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بداية جزاكم الله عنا خير الجزاء على هذا الموقع الأكثر من رائع، والذي أطالعه يوميا لأستفيد من خبراتكم جميعا في كل المجالات، فلا حرمناكم، ولا حرمكم الله جنة عرضها السموات والأرض لما تقدمونه للكثير من الناس من خدمات واستشارات، من آباء وأمهات إلى أبنائهم، وهذا ما ألمسه من خلال قراءتي للكثير من تعليقاتكم، ويكفينا عزا أن هذا الموقع اسمه إسلامي - ولله الحمد -، وكثر الله من أمثالكم.
وأما عن استشارتي: فقد كثر الحديث هذه الأيام عن عدم زواج بعض الفتيات، بالرغم من أنهن صالحات، صائمات، عابدات، ومحافظات على أنفسهن، وساترات لعوراتهن، ولكن لا يطرق أبوابهن أحد من أجل خطبتهن، في حين أن هناك الكثير من الفتيات اللاتي لا يحافظن على أنفسهن، ومع ذلك تجد الكثير يطرق أبوابهن لخطبتهن، ويخطبن، ويتزوجن، ونحن نجلس هنا بين أربعة جدران، وأنا والله لا أتكلم عن نفسي، أنا أسمع هذا الكلام من الكثير من الفتيات في هذا العصر،عندما سمعته من صديقة قريبة لي أحببت أن أخط إليكم، لأنني أقف عاجزة عن الرد عليها بكلمات تشفي العليل، وتشرح الصدر، وترفع يقينها بالله العلي القدير.
أرجو أن أكون قد استطعت أن أوضح لكم ما أريد من خلال هذه السطور المتواضعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ AMAL حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة -، ونشكر لك هذا الثناء على الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ويشرفنا أن نكون في خدمة أبنائنا وإخواننا وأخواتنا وآبائنا وأمهاتنا، فإننا لا نملك أغلى منهم بعد هذا الإيمان الذي يجمعنا، وبعد هذه العقيدة التي تربطنا ببعضنا، ونسأل الله تبارك وتعالى التوفيق والسداد للجميع.
وأحسنت بطرح هذه المسألة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل على فتياتنا الحرائر العفيفات أمر الزواج، وأن يلهمهن الخير والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ولكننا نريد أن نقول لبناتنا الفاضلات: إن الدراسات تثبت أن الزواج في المحجبات والمنقبات أسرع من غيرهن، بالرغم من أن الشباب قد يعجب بالفتاة المتبرجة، ويضحك معها، ويثني على جمالها، إلا أنه في نهاية المطاف يريد امرأة يأتمنها على داره وعلى عياله وعلى بيته، وهذه صرخة لفتاة متبرجة في الجامعة – في بلد عربي كبير – قالت: " إنهم يخدعوننا، إنهم يثنون على جمالنا وتسريحات شعرنا وثيابنا، ولكنهم يتزوجون من غيرنا".
الأمر الثاني: حتى إذا تزوجت المتبرجة، فإن بينها وبين السعادة بون كبير وبون واسع، لأن الإنسان الذي في المعصية لا يمكن أن يعان على الخير، ولذلك أرجو أن ننظر أيضا إلى هذه الناحية، فإن الزواج في النهاية قسمة ونصيب، وتقدير القدير تبارك وتعالى، وهذا القدر قد يأتي للمسلمة والكافرة، والمتبرجة والمتحجبة، ولكن السعادة لا يمكن أن تعطى إلا لمن حافظت على نفسها، وعلى سترها، وعلى حجابها وحشمتها.
النقطة الثالثة: نريد أن نقول: أن الزواج نعمة من نعم الله، ونعم الله مقسمة، فالله قد يعطي هذه دين وجمال ومال، ولكن لا يعطيها زوجا، ويعطي الثانية جمال وزوج، ولكن يحرمها من المال، ويعطي ثالثة توفيقا ونجاحا وحفظا لكتاب الله، ولكن تحرم من الوظيفة، فنعم الله مقسمة، والسعيد هو الذي يعرف النعم التي يتقلب فيها ليؤدي شكرها، وإذا شكرنا الله تعالى على ما عندنا من نعم، جاءنا من ربنا المزيد، قال تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
أما النقطة الرابعة - وهي موجهة لبناتنا المحجبات، المنقبات، الحريصات: ضرورة أن تدخل الفتاة نفسها في زمرة الصالحات، وأن تعرض ما وهبها الله من مفاتن، ومميزات، وحسنات، وفكر مستنير بين الصالحات، فلابد أن تعرض نفسها بينهن، لأن لكل صالحة من الصالحات الحاضرات في المحاضرات، ولكل واحدة منهن اهتمام في أن تبحث عن زوجة صالحة – من أمثالك – لتكون لولدها، أو لأخيها، أو لمحرم من محارمها.
لذلك نحن لا نريد للفتاة المتدينة أن تسجن نفسها، أو تحبس نفسها بين الجدران، ولكن ينبغي أن تخوض مع الناس في مجتمعات الخير، مع النساء في مراكز المحاضرات والدعوة والأعمال التطوعية، وأن تبرز ما وهبها الله تبارك وتعالى من إحسان وحسنات وحسن - طبعا بين النساء -، حتى عند ذلك يقبل عليها من يبحث عن أمثالها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل لبناتنا، وأن يلهمهن السداد والرشاد.
الوصية الأخرى هي: أننا نريد أن نقول لكل رجل: لن تجد مثل صاحبة الدين، وتلك وصية رسولنا الأمين، فاظفر بذات الدين تربت يداك، فعليك بالمحجبة، عليك بالمتدينة، عليك من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها، وكانت من الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، قال تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}.
نسأل الله التوفيق والسداد للجميع.