كيف أبعد الغيرة والشك؟

1 611

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه، جعله الله في موازين حسناتكم.

أريد مساعدتكم في مشكلتي التي أتعبتني وأرهقتني، أعاني من الشك وعدم الثقة، والغيرة الزائدة على زوجي، يراودني دائما الخوف من أن زوجي يتغير علي، أو ينظر لنساء غيري، ويحب غيري، وأشك أن زوجي يحب غيري، وهو الذي جعلني أشك فيه بتصرفاته، وجدت عنده أرقام بنات في جواله القديم، ويخفي عني كل شيء، عرفت أن له حبا في الماضي، وينكر ذلك ولا يعترف، وأخاف الآن أن يحن لحبه ويتذكره، كيف أنسيه حبه القديم؟! وكيف أجعله يبوح بأسراره ولا يخفي عني شيئا؟ وكيف أبعد الغيرة الزائدة عني؟ لأني أغار عليه من كل شيء، وكيف أزيل الشك الزائد؟ لأنه بعيد عني، وهذا اللي زاد عندي الشك، أتمنى مساعدتكم والإجابة على الاستشارة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يعيد لك الاستقرار النفسي والهدوء والطمأنينة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أعجبني في هذه الاستشارة قولك: (كيف أنسيه حبه القديم؟) وأعجبني كذلك أيضا (وكيف أبعد الغيرة الزائدة عني؟) لأن هذه هي النقاط المهمة التي ينبغي أن تفكري فيها.

أما نسيان الرجل لحبه القديم ولحياته القديمة ولكل شيء، فإنما يكون بحسن معاملة الزوجة وبإقبالها على زوجها، وبالاجتهاد في جعل بيتها بيئة جاذبة، وبمنح زوجها الثقة المشوبة بالحذر إذا كانت لا تثق فيه، لكن تعطيه الثقة وتشعره أنها تثق فيه؛ لأنه إذا شعر أنها لا تثق فيه فهذا باب من أبواب الضياع بعد ذلك، وقل أن يصدق الرجل إذا شعر أن زوجته لا تثق فيه، وعند ذلك ما فائدة صدقه معها إذا كانت هي لا تثق ولا تصدق، وإن حلف وإن أقسم، نحن لا نريد لزوجك أن يصل لهذا المستوى، والأمر بيدك أولا وأخيرا.

كذلك أعجبني وأسعدني حرصك على إبعاد الغيرة الزائدة، لأنك قلت أغار عليه من كل شيء، والشك الزائد غير صحيح، والغيرة منها ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم، فأما الممدوح فهو ما كان في ريبة، والمذموم ما كانت في غير ريبة.

وحتى عندما تلاحظ المرأة على زوجها أشياء ما ينبغي أن تعطي المسألة أكبر من حجمها، خاصة إذا كان الرجل منسجما معها، ويعيش معها، ويؤدي حق فراشه، ويقوم بواجباته تجاه أهله، ويشكل حضورا في بيته، إذا وجدت هذه الأشياء فنحن نرى أنه حتى لو وجدت مخالفات فإنها غالبا تكون سطحية أو بدرجة خفيفة، تستطيع الزوجة أن تتخلص منها أو تخلص زوجها منها إذا دخلت حياته، أقبلت عليه، أسمعته ما يحب، وسألته بين الفينة والأخرى عن الأشياء التي يحبها، وعن الجوانب التي تريد أن تكملها له، والعاقلة تعرف ماذا يحب الزوج فتأتيه، وماذا يكره الزوج فتجتنبه وتبتعد عنه.

وليس من مصلحتك -ابنتنا الفاضلة- أن يبوح الزوج بأسراره، بل نحن لا نريد فتح الملفات القديمة، لأن هذه الفكرة من الشيطان، ربما يصر أحد الطرفين أن يسأل الآخر، وقد يقسم عليه من أجل أن يبوح بما فيه نفسه على الحقيقة، أو يخبره عن ماضيه، وفي كل الأحوال نحن لا نستفيد، لأن صفحة الماضي ينبغي أن تطوى، والمرأة إذا علمت أن زوجها كانت له علاقات قبل سنوات فإنها بعد ذلك قد تبدأ تشك، وتفسر كثيرا التصرفات العادية على أنها شوق وحنين إلى الماضي، وهذا في الغالب لا يكون صحيحا.

ولذلك أرجو أن تنتبهي لمثل هذه المسائل، ولا تظهري له أنك غير واثقة، أو أنك خائفة، وحاولي أيضا أن تمنعيه عن النظر للنساء بتزينك أنت، بالاهتمام بمظهرك، لأن الكثير من بناتنا -بكل أسف- بعد أن تتزوج تبدأ في إهمال زينتها، والرجل يتعرض لفتن كبيرة وخطيرة، فالشارع فيه متبرجات، فيه من يظهرن المفاتن الحرام، فلماذا لا تظهر بنتنا (الزوجة) المرأة المسلمة مفاتنها الحلال وسحرها الحلال لزوجها، لتعف نفسها وتعف زوجها.

إذن نحن نعتقد أن الأمر بيدك، ونحذرك من الغيرة الزائدة، ونحذرك من الشك، وهو ممنوع، ونتمنى أن تعطي زوجك مقدارا من الثقة، وبعد ذلك اقتربي منه، وحاولي دائما أن تدخلي إلى حياته، وتعيشي اهتماماته، وتجعلي بينك وبينه قواسم مشتركة، يعني تحبين الأشياء التي يحبها، أو على الأقل تهتمين بالأشياء التي يحبها، وتسألينه عن مثل هذه الأمور، فإن كان يحب الرياضة كوني فكرة عن الرياضة، إن كان يحب السباحة اسأليه عن السباحة، وإن كان يحب رياضة معينة فشاهدي معه هذه الرياضة، (وهكذا) حتى تكون المسافة بينكم قريبة.

كذلك ندعوك إلى أن تعيني زوجك على الطاعة، وحبذا لو جعلتم بينكم طاقات مشتركة، كالتلاوة المشتركة، القراءة في السيرة، كفالة أيتام، أعمال خير، لأن هذه أيضا مما يؤلف القلوب بين الزوجين، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات