السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة من الجزائر العاصمة، عمري 45 عاما ولم أتزوج، وهذا سبب لي حرجا وقلقا أمام زميلاتي في العمل، وحتى عائلتي وأقربائي! ولا أدري هل هذا ابتلاء من الله أم عقاب! حتى أخواتي الأصغر مني في العمر تزوجن وهذا سبب لي ضيقا وحسدا ونوعا من الغضب والكره لهن، بالرغم من أني طيبة، ولكن أقول: أن كل شيء بيد الله - سبحانه وتعالى - فأنا أصلي، ودائمة الدعاء بأن يرزقني الله بالزوج الصالح.
أرجو إفادتي بنصيحة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة – ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وقد أسعدني وأعجبني قولك - كل شيء بيد الله - أجل، فالكون هذا ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، والإنسان لا يعرف أين يكون الخير، والمؤمنة ينبغي أن تتذكر النعم التي تتقلب فيها، فإن نعم الله مقسمة، فهذه يعطيها زوج ويحرمها من العافية، وهذه يعطيها زوج وعافية ويمنعها من المال والوظيفة، وهذه وظيفة ومال وصحة لكن لا تتزوج، نعم الله مقسمة، والسعيد (والسعيدة) هو الذي يعرف نعم الله التي يتقلب فيها ليؤدي شكرها، والمخذول هو الذي ينظر إلى ما في أيدي الناس، وهذا يتعب نفسه، والإنسان لو أراد مثل عمارة هذا وأبناء مثل أبناء هذا وأموال هذا ووظيفة هذا أتعبته المناظر، كما قال ابن القيم: (رأيت كل الذي لا أنت قادر عليه *** ولا عن بعضه أنت صابر).
والمؤمن مطالب أن ينظر إلى من هم دونه، ولا ينظر إلى من هم فوقه، في كل أمور الدنيا، ينظر إلى من هم أقل منه في العافية، وفي المال، وفي الولد، وفي الوظيفة، عند ذلك يجد نفسه يلهج بذكر الله وشكر الله -تبارك وتعالى- والإنسان لو طبق هذا الحديث وهو يملك درهما أو دينارا سيجد في الأرض من لا يملك درهما ولا دينارا، ومع ذلك مريض، ومع ذلك مصاب بعاهات، وهو مع ذلك يعاني من الويلات والخلافات، فيقول (الحمد لله الذي عافني مما ابتلاهم به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا).
فكل أمر من أمور الدنيا ننظر فيه إلى من هم أقل منا، أما أمور الآخرة فننظر إلى من هم أعلى منا.
وننصحك بكثرة الدعاء، وننصحك كذلك بأن تحشري نفسك وسط الصالحات، وتواظبي على حضور المحاضرات، والجمع والجماعات، فإن وجود المرأة وسط الصالحات مما يسهل أمر زواجها، فلكل صالحة منهن ابن أو أخ أو عم أو خال أو محرم يبحث عن أمثالك، فلا تترددي في أن تكوني في هذا الوسط، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأرجو أن يعينك الله -تبارك وتعالى- على الصبر، ونسأل الله بدورنا أن يهيأ لك الزوج الصالح الذي ينسيك ما مضى ويعوضك عما فقدت.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.