هل تؤثر الحالة النفسية في الرغبة الجنسية لدى الرجل؟

0 513

السؤال

عانيت في تربيتي الأمرين من أب لا يريد من الدنيا كما قال إلا أن يعقدني من حياتي، ونجح في ذلك، واستعمل كل ما هو متاح له، ضرب، شتائم، سباب، عبارات الكره والتفرقة في المعاملة بيني وبين إخوتي، خوفه عليهم، وتركي أذوق مرارة كرهه، باختصار كانت تربية سيئة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

أصبت منذ صغرى بالهوس، والوسواس، وكره النفس، وتثبيط في العزيمة، وأشياء كنت أفعلها ثم أندم، وعدم الاتزان في الشخصية، وأشياء كثيرة لا عدد لها ولا حصر، فوهن جسمي وهزل، وحتى هذه اللحظة، العزوبية هي سبيلي؛ لأني أخاف أن أقدم على الزواج بعدما فعلت من (سحاقيات) أندم عليها الآن، وقد تبت، وأنا محافظ على صلاتي، حتى عندما كنت مذنبا، كنت مداوما على الصلاة حريصا عليها، لم أترك فرضا.

أريد منكم نصائح تعيد لي صحتي وثقتي بنفسي، وإن كنت أحس بداخلي أسدا مغوارا، لكن يعود الماضي لينهي كل أمل ونور يولد بداخلي، فكما قلت ولم أبالغ، التربية القذرة وليست السيئة هي من رمت بي في أحضان الهوى، والنفس، والشياطين، والآن أريد الزواج وتكوين أسرة مسلمة على كتاب الله، ولكن كلما نظرت في نفسي أجدني ضعيفا، فكرت في العمرة، لكن ضيق ذات اليد وقفت دونها، فمرتبي لا يتجاوز 700 جنيها.

عندي ضعف في الانتصاب، أريد له حلا، مع إحساسي بألم بسيط جدا في العانة والخصية اليسرى، أريد حلولا لكل ما ذكرت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وأقول لك –أيها الفاضل الكريم-: الإنسان إذا أراد أن يتغير يستطيع أن يتغير؛ لأن الله تعالى استودع فينا إمكانيات وخبرات ومقدرات عظيمة في داخلنا، متى ما فكرنا بجدية وصدق وأمانة مع أنفسنا وفضحنا أنفسنا لأنفسنا ولم نترك الآخرين أن يفضحونا، هنا يستطيع الإنسان أن يتغير، أما أن يكون الإنسان خداعا وخادعا لنفسه ومراوغا ويريد من الآخرين أن يغيروه، هذا لا يمكن أن يحدث أبدا.

هؤلاء نسميهم بالمتخاذلين المنكفئين على ذواتهم، الاعتماديين، وقطعا أنت لست منهم؛ لأن الذي لاحظته أنك بالفعل تريد أن تتغير، لكنك لم تسخر طاقاتك الداخلية، ضع لنفسك خطا أحمر، افصل فيه ما بين الحق والباطل، والخير والشر، والحلال والحرام، وهذا هو الذي سوف يغيرك، انتهى الأمر، ليس هنالك أكثر من ذلك، إذن الأمر يتطلب تغييرا فكريا معرفيا داخليا، يقوم على هذا الأساس.

النقطة الأخرى المهمة: أنت تحدثت عن قسوة التربية التي تلقيتها من جانب والدك، أنا أتعاطف معك في هذا الجانب، لكني أريد أن أصحح لك شيئا واحدا لعله يخفف عنك، وهو أن والدك مهما كان قاسيا، بل حتى شريرا نحوك، أنا أؤكد لك أنه كان يحبك، وكان يريدك أن تكون ابنا صالحا وقويا، وكان يريدك أن تكون أفضل منه، هذه هي مفاهيمه، والذي أقوله لك مبني على الغريزة الجبلية التي فطر عليها الآباء والأمهات، نحن آباء -أيها الفاضل الكريم– ونعرف مشاعرنا حيال أبنائنا، الجيد منهم وغير الجيد، نحاول أن ننتهج مناهج تربوية فيها ما هو خاطئ، وفيها ما هو صالح، لكن دائما منطلقاتنا من حسن النية، ومما نراه أصلح.

فيا أيها الأخ الحبيب: أرجو أن تجد لوالدك العذر، وأريدك أيضا أن تحرر نفسك من هذا الاعتقاد الخاطئ في نظري حول قضية التربية، هذا الموضوع قد مضى وانتهى، وأنت إذا جعلت نفسك تأخذ ذلك كسبب لإخفاقاتك السلوكية الحالية، فهذه مشكلة، ومشكلة كبيرة، يعني أنك قد تنصلت من المسؤولية حيال نفسك، وأوقعتها على الآخرين، وهذا قطعا لا تريده لنفسك، والدك يحبك، وأرجو أن تبره بكلمة صالحة في حقه، أنا أقدر مشاعرك، وأحترم مشاعرك، لكن وددت أن أنبهك قطعا لأمر هو ضروري.

الأمر الآخر: هذا الماضي الذي كان مليئا بممارسات سلوكية خاطئة، هذا أيضا قد انتهى تماما {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} هذه آفاق رحبة مفتوحة عظيمة لا حدود لها، تحتضن كل خائف، وكل متوسل لرحمة ربه، فاجعل نفسك في هذه الدائرة العظيمة، وعش حياة مستقيمة.

أيها الفاضل الكريم: سوف تفيدك كثيرا الزمالة الفاضلة والقدوة الحسنة والنماذج الطيبة في الحياة، فاحرص على صلاتك في جماعة، وصلها صلاة خاشعة، والصلاة الخاشعة تنهى عن الفحشاء وعن المنكر؛ لأن المتناقضات لا تلتقي أبدا في حيز واحد في نفس الإنسان المسلم المؤمن.

أيها الفاضل الكريم: حرك نفسك اللوامة، واجعلها هي الضابط نحوك، وسوف تنقلك - إن شاء الله تعالى – إلى أن تكون نفسا مطمئنة، لا تعط الشيطان أكبر من حجمه، الشيطان ضعيف، ومكره ضعيف، المشكلة فينا نحن أيها الفاضل الكريم – حين نخطأ نجد لأنفسنا هذه المبررات والتبريرات، كن قويا، اعرف أن الله تعالى قد كرمنا كبشر.

موضوع العمرة هي خطوة طيبة وجميلة، أسأل الله تعالى أن ييسرها لك، لكن هنالك ما هو أفضل من العمرة، وله أولوية في ديننا على العمرة، وهو الصلاة في وقتها، الصلاة مع الجماعة، تلاوة القرآن، الدعاء، الذكر، الإكثار من الاستغفار، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين... هذا متاح ومتاح جدا.

بالنسبة لانشغالك حول أدائك الجنسي: أرجو ألا تشغل نفسك بهذا الموضوع، فالجنس أمر طبيعي وغريزي، وخاصة حين يتم في ستر وتحت مظلة الحلال، لا شك أن أداء الإنسان يكون سليما، لكن الممارسات الخاطئة، الوقوع في الزنا، هذا أصلا يحطم النفوس الصادقة، النفوس الطيبة الجميلة العفيفة، وتقع في نوع من التأزم الداخلي مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط الجنسي، لكن الحلال طيب، فلا تضع نفسك في هموم جنسية في هذه المرحلة، والآلام البسيطة في العانة والخصية اليسرى أعتقد أنها ناتجة من انشغالك حول أدائك الجنسي، أنت بخير -وإن شاء الله تعالى- سوف تظل على خير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا

مواد ذات صلة

الاستشارات