السؤال
السلام عليكم
أنا اسمي كريم، طالب بكلية تجارة، أنا بلا أمل، بلا إحساس، وعندي هموم كثيرة، وأسمع لشيوخ كثير، ولا أسمع لهم، وعندي نسيان، أنسى كثيرا، وأحب أصلي ولكن لا أقدر! وعملت كل الذنوب التي في الدنيا، ولا أكذب عليكم، انا أسب الدين كثيرا، ولا أعرف ماذا أفعل؟!
عندي امتحان بعد شهر، وما ذاكرت، ولا أعرف أذاكر، أنا ما أعرف أعمل حاجة، خلوا في علمكم أن عندي مشاكل كثيرة، وهموم، لو عرفتها الجبال لغطتها من كثرتها، وكئيب ما أضحك، وممكن أكون كفرت بالله، لأني ما سأرجع مثل أول أبدا، وما أصلح ولا أرجع!
أنا تعبان جدا، وما أقدر أغير من نفسي، وعملت كل شيء وأعرف أني ممكن ما تقبل مني التوبة إذا تبت، أرجو الرد سريعا لأني تعبان، وممكن الرد الذي تردونه ممكن ما يعمل بي أي شيء، لأني ما أعرف أتحكم في نفسي.
أرجوكم أجيبوني بسرعة، ولا تبخلوا علي، لأنى متحمل ذنوب كثيرة ولا أقدر أتطهر منها.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
مرحبا بك - أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب.
ما تعيشه – أيها الحبيب – من هموم وأكدار وسوء حال إنما هو نتاج لما قدمته يداك من الذنوب والخطايا، فإن الذنوب عاقبتها هذه الوحشة التي تجدها، وتعسير الأمور وضيق الحال، وغير ذلك من العقوبات التي يرتبها الله سبحانه وتعالى على من أعرض عن طاعته، وأبى أن يسلك الطريق الذي يرضاها ربه، فقد قال سبحانه وتعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} وفي المقابل يقول سبحانه: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} فهذه الحال – أيها الحبيب – هي ثمرة ونتيجة لفساد الحال الذي بدأت بها ونيتها.
من ثم فإذا كنت جادا راغبا في التخلص من كل هذه الأكدار والهموم والأحزان والمضايقة التي تعيشها، إذا كنت راغبا حقيقة، وقد قررت قرارا أكيدا أن تتخلص من هذا فإن الطريق سهل يسير - بإذن الله تعالى – بل وأيسر من اليسير.
الطريق – أيها الحبيب – أن تدرك أنه لا خلاص لك إلا بالتوبة فتتوب، تتوب إلى الله تعالى، والتوبة سهلة إذا يسرها الله تعالى لك، تندم على ما فعلت من الذنوب والمعاصي، والندم وجع وألم في القلب ينشأ بسبب تذكرك للعقوبات التي أعدها الله عز وجل لمن أصروا على هذه المعاصي.
إن الجنة حق والنار حق والقيامة حق، وسنقف بين يدي الله وسنسأل عن أعمالنا، وسنبعث بعد الموت، فإذا كنت تؤمن بهذا كله وكنت على يقين بأن الله عز وجل بالمرصاد فإن تفكرك وتذكرك لهذه الذنوب سيورث في قلبك هذا النوع من الألم، وهو الندم، وهو أول طريق للتوبة.
الندم على ما فات من الذنوب والمعاصي، ثم العزم على عدم العودة إليها في المستقبل، مع تركها في الزمن الحاضر.
إذا أخذت نفسك بالعزيمة والجد، واستعنت بالله سبحانه وتعالى على التوبة، فإن الله عز وجل سييسرها لك، فإنه سبحانه وتعالى يتوب على الإنسان ليوفقه للتوبة، ومهما كانت ذنوبك وعظمت خطياك وإن بلغت بعدد رمال الصحراء أو قطرات بحار الماء أو بعدد أوراق الأشجار وعدد قطر الأمطار، فإن عفو الله تعالى ورحمته أوسع من ذلك كله، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} فالله تعالى ليس بحاجة إلى تعذيبك، غني عن عملك، كما قال تعالى في كتابه الكريم: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}.
ليس لله حاجة في طاعتك، وليس لله حاجة في تعذيبك إذا عصيت، الله غني عن ذلك كله، ولكنه سبحانه وتعالى يريد منك أن تأخذ بالأسباب التي تبلغك رضوانه وتفوز بثوابه، وإذا عصيت وأذنبت فإن الله تعالى قادر على أن يغفر الذنوب كلها، لأنه ليس بحاجة إلى تعذيبك، بل من كرمه سبحانه وتعالى أنه يفرح بتوبة الإنسان إذا جاء تائبا، ويبدل سيئاته حسنات.
أبشر – أيها الحبيب – بواسع رحمة الله تعالى، وأبشر بعفو الله ومغفرته، وأقبل على ربك بصدق، وقد أسلم الكفار فقبل الله تعالى منهم إسلامهم، وأسلم الذين حاربوا رسول الله وآذوه فقبل الله تعالى إسلامهم، واقرأ القرآن لتجد أن كل الذنوب عرض الله سبحانه وتعالى على أصحابها التوبة، الكفار، اليهود، النصارى، الزناة، السراق، أكلة الربا، كل هؤلاء عرض الله تعالى عليهم التوبة في كتابه العزيز، وأنت لم تكن أسوأ حالا من هؤلاء جميعا.
التوبة معروضة عليك، فخذ بالحزم والجد، وابحث عن الصالحين وصاحبهم وجالسهم، وستلمس - بإذن الله تعالى – من حالك تغيرا.
نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.