هل يعتبر طلاقي عقوبة من رب العالمين لي أم ابتلاء؟

0 620

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة تم عقد قراني منذ عامين، وخلال هذين العامين كنت دائما أشعر بعدم الارتياح لهذا الشخص، إذ لاحظت عليه الكذب والخداع، وتغيير الحديث والمواضيع، كما أن جواله به العديد من الأرقام، وأهله غير مهتمين به ولا بأهلي، ولا يكلفون أنفسهم حتى مجرد الاتصال.

وكان لدي إحساس قوي بعدم إتمام هذا الزواج، وكنت أطلب منه الطلاق، وكان يقول بأنه مريض، وأنه يعاني من أمراض مزمنة، ثم ينكر ذلك، وعندما أسأله عن رأيه عني، يقوم بذكر بعض عيوبي بطريقة جارحة، ثم يقول لم أقصد، ويخبرني بأنه سوف يفعل ويفعل، وانقضى العامان، ولم يقم بأي شيء، بل يريدني أن أنتظره لسنوات عدة لكي يقوم بأمور الزواج، وأنه عقد علي وهو مديون، أي خدعني أنا وأهلي.

وفعلا، ما كنت أتوقعه قد حصل، فقد قال بأنه لا يستطيع إتمام الزواج، وأن مهري وكل شيء أتى به من الديون، وأن أهله لن يساعدوه في الزواج، وكنا في خلاف دائم، ولم أكن أشعر بالأمان معه، بل يأتيني إحساس غريب بأني أكرهه ولا أريده، وشعرت منه ومن أهله بالإهانة رغم أنني جميلة، ومتعلمة، ومقتدرة، وصغيرة.

عرضت عليه إرجاع كل شيء مقابل الطلاق، رغم أن والدي هو من تكلف في حفلة ووليمة للعائلة -حفلة عقد القران- بينما هو ووالده لم يقوما بأي شيء مطلقا، ومع ذلك فقد رفض، وقال: المحكمة أمامك إن كنت تريدين الطلاق، أنا لن أحمل هذا العار.

ما ذنبي أنا؟ أكرمه والدي وراعاه في المهر، ولم أكن أكلفه ما لا يستطيع، والله لم أكن أطلب منه شيئا، ولم يكن يزورني، وتمر الأسابيع ولا يتصل أبدا، بل أنا التي أبادر بالسؤال، حتى الأعياد لم يأت لزيارتي إلا بعد العيد بشهر، ولا يرسل لي مصروفا، أو يتذكرني أبدا، وما طلبت الطلاق إلا بسبب تصرفاته التي لا تحتمل، وبسبب شروطي التي لم يوفيها في العقد، لسكن والدراسة، ودائما يقول لي: أنت السبب فيما يجري، لقد ضاعت سنتين من عمري بدون سبب مني، لم يحصل بيني وبينه شيء مما يحصل بين الأزواج أبدا، ويقول بأنه يريدني، وفعله عكس قوله، ولا أعلم هل هو صادق أم خبيث.

هل أنا السبب في الطلاق؟ هل غضب الله علي بسبب طلبي الطلاق؟ فقد استخرت الله عز وجل، فهل هذا من الاستخارة أم من نفسي؟ هل أنا آثمة على إحساسي وتوقعي بأن الزواج لن يتم؟ هل طلاقي عقوبة من رب العالمين لي أم ابتلاء؟

أنا محافظة على صلاتي وحجابي -والحمد لله- ولم أتعرف في حياتي على شاب إلا عن طريق الحلال، وليس لي صديقات، ولا أخرج كثيرا من البيت، ولقد أديت فريضة الحج، ولم أظلم أو أؤذي أحدا في حياتي، ولكن أسمع الأغاني أحيانا، وأجاهد نفسي لتركها، وهل أنه يريد بتصرفاته أن يجبرني على الخلع، ويضع العيب علي؟ أحيانا كنت أرفع صوتي عليه عند غضبي فهل أذنبت في ذلك؟ وما ذنبي إن كان لا يستطيع إتمام الزواج بسبب ديونه لأسبابه الشخصية؟ والله لم أكلفه بشيء إلا المهر، فالأثاث والحفلة لم نتكلم فيها بعد!

إذا لجأت للمحكمة، فهل سينصفني القاضي؟ أم سيطلب مني مبالغ لخلعه؟ أم يفسخ عقدي منه للضرر؟ وكيف أثبت هذا الضرر؟

أنا في صراع نفسي، ولا أريد إغضاب الله، أو أن أظلم هذا الرجل، أشهد الله أن ما كتبته كان صحيحا، ولم أزد شيئا من عندي، أرشدوني جزيتم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أحسنت بحسن العرض للمشكلة، وواضح أنه المذنب، فأنت لست بمذنبة، ولا شيء عليك، ومن حق أي فتاة أن تطلب الطلاق وترفض، خاصة وقد تحققت الأسباب الواضحة المذكورة من خلال هذه الرسالة، فلا حرج عليك، بل الحرج عليه هو، ولا نقص من جانبك، بل النقص عليه، ولا إساءة من جانب والدك، بل الإساءة كانت منه، ولذلك أنت معذورة في كل قرار تقومين باتخاذه، ونحن ننصح في مثل هذه الأحوال أن تتم الأمور بطريقة ودية، وأن يتدخل الكبار، ويتكلم الرجال، حتى يخرجوك من هذا المأزق الذي أنت فيه، ولا ننصح بالذهاب إلى المحاكم رغم أنها ستنصفك، ولكن نحن نريد للأمور أن تتم بطريقة ودية، وهو الذي يذهب ويطلق ويخرج من حياتك من أجل أن تمارسي حياتك الطبيعية، وسوف يعوضك الله تبارك وتعالى طالما أنت مصلية وراكعة وساجدة لله.

ندعوك إلى ترك المعاصي، فإن للمعاصي شؤمها وآثارها المدمرة على الإنسان، ولكن أرجو أن تعلمي أن الابتلاء ينزل على الطيب وعلى غير الطيب، فإذا نزل البلاء على إنسان مصل ومطيع لله، وسليم الصدر الذي لم يؤذ أحدا، فإن هذا يكون فيه رفعة لدرجاته، وأن الله يعد لهذا العبد درجات لا ينالها إلا بصبره على البلاء، وأحيانا يكون الإنسان غافلا فيأتيه هذا البلاء، فيكون سببا في رجوعه وانكساره، وتضرعه وعودته إلى الله تبارك وتعالى، وقد ينزل البلاء بالعاصي فيزداد سوءا وبعدا عن الله وتضجرا، وعدم رضا بقضاء الله وقدره، فيهلك والعياذ بالله.

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منك هذا الصبر، وأن يعينك على الخير، واحمدي الله تبارك وتعالى أن هذه الأمور تجلت، وظهرت لك منذ البداية قبل أن تتورطي مع هذا الرجل، وأرجو أن تتواصل أسرتك مع أسرته، وأرجو أن يتكلم الوالد معهم، أو العم، أو أي إنسان من محارمك، وذلك بان يتكلم معهم في منتهى الوضوح في هذا الموضوع، من أجل أن يصلوا إلى حل حاسم في هذه المسألة، أما أنت فندعوك إلى الاشتغال بالتسبيح، والدعاء، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، واعلمي أن الشريعة والمحاكم ستأخذ لك الحق كما قلنا، ولكننا نفضل غير هذه الطريقة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأرجو أن تعلمي أن الله سيعوضك خيرا إذا صبرت، فقولي (اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها).

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات