السؤال
السلام عليكم.
أنا في 19 من عمري، أحب فتاة، وقد اتفقت على ألا أكلمها إرضاء لله -عز وجل- على أن أتقدم لخطبتها عندما أتخرج من الجامعة -وهي بعد ثلاث سنوات- ولكني الآن في عذاب أليم؛ لأني أخاف أن لا تكون من نصيبي، فماذا أفعل؟!
السلام عليكم.
أنا في 19 من عمري، أحب فتاة، وقد اتفقت على ألا أكلمها إرضاء لله -عز وجل- على أن أتقدم لخطبتها عندما أتخرج من الجامعة -وهي بعد ثلاث سنوات- ولكني الآن في عذاب أليم؛ لأني أخاف أن لا تكون من نصيبي، فماذا أفعل؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فإني أحيي فيك محبتك لله تبارك وتعالى، وحرصك على طاعته، وعدم الوقوع في معصيته، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل أيضا على محبة الله تبارك وتعالى لك؛ لأن الله إذا أحب عبدا حال بينه وبين المعصية، كما قال سبحانه وتعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} فكونك الآن اتفقت بينك وبين نفسك على ألا تكلم هذه الفتاة التي تحبها ابتغاء مرضاة الله تعالى حتى تنتهي من دراستك، وبعد ذلك تتقدم إليها بطريقة شرعية، هذا قرار رائع وموفق ومسدد - بإذن الله تعالى – ولك أجره، لأنك تصبر مما لا شك فيه صبرا جميلا؛ لأن القلب إذا تعلق بشيء تأثر به تأثرا بليغا، خاصة إذا كان من الممكن أن يصل إليه ولكنه يترك ذلك من أجل الله تعالى ومحبة فيه جل جلاله وتقدست أسماؤه.
كونك تقول أنك الآن تعيش عذابا وألما لأنك تخاف ألا تكون من نصيبك فهذا عمل الشيطان، لأنك تتصور – ولدي أحمد – أن عبدا مثلك من عباد الله يترك الحرام حياء من الله ويحرمه الله تبارك وتعالى من شيء! بل على العكس – يا ولدي – إن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بقوله: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) فإذن أنت الآن عندما تركت الكلام معها من أجله تبارك وتعالى فثق وتأكد أن الله تعالى سيمن عليك بأفضل مما تتوقع، وبإذنه عز وجل سيجعلها الله لك مكافأة، بل وقد يمن عليك بأفضل منها.
نعم أنا الآن متوقع أنك لا تريد هذا الكلام بل تريدها هي بعينها، ولكن أقول: إن المؤمن يسلم بقضاء الله تعالى وقدره، ويرضى بما قسمه الله تبارك وتعالى له كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) فعليك أن تترك الأمر لله تبارك وتعالى، وأن تعلم أن قرارك هذا قرار موفق، وأنه قرار مسدد، وأنه لن يزيدك من الله تبارك وتعالى إلا قربا، ولن يزداد فيك إلا محبته جل جلاله، ويكفيك هذا، يكفيك أن الله تبارك وتعالى قد من عليك بالإعانة على ترك الحرام حياء منه، حتى تكون من الشباب الذين يظلهم الله تبارك وتعالى بظله يوم لا ظل إلا ظله.
ولذلك هذا الخوف وهذا العذاب – كما ذكرت – إنما هو من كيد الشيطان، لأن الشيطان لا يريدك أن تهدأ ولا أن تستقر، ويريد أن يشغلك بها دائما أبدا حتى يؤثر ذلك في مستواك العلمي والدراسي، فتسوء أخلاقك، بل قد تنقض العهد مع الله تبارك وتعالى، ولذلك أتمنى أن تركز الآن، فأنت أخذت هذا القرار، وهذا نعم الصواب – ولدي أحمد – وصدقني وأنا في مقام والدك، فقد هديت للفطرة وهديت للذي هو خير، فما عليك إلا أن تركز الآن على دراستك، وأن تتحدى، وأن تجعل التميز نصب عينيك، بأن لا تكون مجرد طالبا ينجح في دراسته، وإنما كم أتمنى أن تكون الأول على دفعتك، وحتى تستطيع أن تصل إلى ما تريد، ثق وتأكد من أن الله تبارك وتعالى سيكرمك بها ما دمت قد تركتها الآن من أجله سبحانه وتعالى، أو يرزقك بخير منها.
ولعل كثيرا من أهل العلم من المفسرين ذهبوا إلى أن يوسف عليه السلام عندما امتنع عن تلبية رغبة امرأة العزيز عندما راودته عن نفسه كانت النتيجة أن الله تبارك وتعالى جعلها حلالا له بعد فترة؛ إذ أن زوجها قد مات عنها وأصبحت في حاجة إلى زوج فجاءته هدية من الله تبارك وتعالى بالطريق الشرعي؛ ولذلك ثق وتأكد من الله تبارك وتعالى معك ولم ولن يتخلى عنك أبدا، ولكن نصيحتي (ولدي) ألا تشغل نفسك بهذا الأمر أبدا؛ لأن من كان مع الله كان الله معه، ومن عف نفسه عن شيء في الحرام ناله في الحلال - يا ولدي -.
عليك بالاجتهاد في مذاكرتك، والمحافظة على علاقة حسنة مع ربك وسيدك ومولاك، واترك الأمر له من قبل ومن بعد، فهو على كل شيء قدير، وثق وتأكد أنه لن يضيعك أبدا.
هذا وبالله التوفيق.